الـمـحـج المـلـكـي…الـقـنـبـلـة المـوقـوتـة

الموت ردما "يتكلف" بسكان أراضي المشروع الذين ينتظرون منذ عقدين تنقيلهم إلى شققهم البديلة ضحايا جدد بوسط المدينة القديمة يعيدون إلى الواجهة "مأساة" أخرى تتعلق بالمحج الملكي بالدار البيضاء، المشروع التنموي الكبير في عمق العاصمة الاقتصادية الذي لم يرد له أن يكتمل، رغم مرور أزيد من 17 سنة على انطلاقه بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني، حين خطط ليكون مسجد الحسن الثاني واسطة عقد شارع ضخم يمتد من وسط المدينة القديمة إلى ساحة الأمم المتحدة، مع ما يقتضيه ذلك في من تفاوض مع سكان الأحياء التي يشملها المشروع لترحيلهم إلى أماكن أخــــــرى. الشق المتعلق بتنقيل السكان تكلفت به مؤسسة عمومية أصبحت، اليوم، أشهر من نار على علم يطلق عليها الشركة الوطنية للتجهيز الجماعي «صوناداك»، التي حققت ما يكفي من «كوارث» مازالت تداعياتها مستمرة إلى الساعة، ومازالت الأرواح تسقط تباعا بسبب الإهمال وسوء التدبير وكثير من الاختلاسات التي فرضت على السكان وضعا شاذا: لا هم قاطنون في شروط تليق بآدمية الإنسان، ولا هم استفادوا من شقق بديلة كما وعدوا بذلك عند بداية المشروع.على المستوى الزمني، تعهدت «صوناداك» أمام أعضاء مجلسها الإداري المنعقد سنة 1995 بالانتهاء من المشروع سنة 2010 وإخلاء آخر منزل بمكان المحج الملكي، قبل أن تعود عدة مرات إلى التنصل من هذا التاريخ بحجج واهية، لتعلن في الأخير أن المشروع تلزمه ثمانية سنوات أخرى، بمعنى أن آلة القتل والدمار وسقوط السقوف على رؤوس أصحابها ستستمر إلى سنة 2018. لكن حين يظهر سبب كل هذا التأخير يبطل العجب. والسبب الرئيسي ورد في أكثر من تقرير من تقارير المجلس الأعلى للحسابات، آخرها التقرير الصادر سنة 2009 الذي خص «صوناداك» بأكثر من 35 صفحة تضمنت «شوهة» من التجاوزات القانونية والاختلالات الإدارية وسوء التدبير واختلاسات بالجملة كان من المفروض أن تجر أصحابها إلى التحقيق القضائي، بدل دفن مواطنين أبرياء تحت الردم.في الأهداف العامة، تكلفت الشركة الوطنية للتجهيز الجماعي بمهام إخلاء منطقة المشروع من السكان واقتناء الوعاء العقاري الذي سيقام عليه المحج المقدر بـ48 هكتارا وإعادة إسكان 12 ألف عائلة، لكن رغم مرور كل هذه السنوات، لم تتقدم الشركة كثيرا في إنجاز المهام المكلفة بإنجازها بسبب اختلالات التدبير المالي والقانوني، حسب تقرير قضاة الميداوي.فإضافة إلى ضآلة المساحة المنتقاة المخصصة للمشروع (7.5 هكتارات من أصل 48 هكتار، 3.9 هكتارا فقط منها تتوفر على رسم عقاري)، تعرف عملية الهدم بطئا شديدا، إذ لم يتم هدم سوى 600 متر من طول المحج الذي يبلغ طوله كيلومتر ونصف كيلومتر، بينما لم يتعد عدد العائلات التي أسكنت 2546 عائلة، ضمنها 500 عائلة أسكنت من طرف شركة التشارك.وأشار التقرير إلى غياب رؤية استراتيجية منبثقة عن دراسة لجدوى المشروع وتحديد الأهداف بوضوح وحصر أشغال التنفيذ، ووضع نظام للمراقبة والتتبع وغياب نظام للمعلوميات موثوق به، ما خلف عددا من الاختلالات في التدبير وثقوبا كبيرة كانت تتسرب منها أموال الدولة إلى الأرصدة البنكية للمسؤولين.من هذه الاختلالات، بيع قطع أرضية بمشروع إسلان الاقتصادي بثمن 450 درهما للمتر مربع، أي بسعر أقل من سعر التكلفة المقدر بـ746 درهما للمتر مربع بناء على سندات التسليم الموقعة من طرف الإدارة العامة. كما باعت الشركة 1825 محلا تجاريا بسعر 5 آلاف درهم للمتر المربع في حين يبلغ سعر التكلفة 5895 درهما للمتر المربع، إذ بلغ الضرر اللاحق للشركة 1.5 مليون درهم.هذا غيض من فيض، مما سبق أن تطرقت إليه الصحافة الوطنية في حينه، دون أن يحس المتضررون والسكان أن الأمور تتطور إلى الأحسن، إذ ما زال القتل غير الرحيم عنوان تراجيديا تبدأ دموعا وعويلا وتنتهي وعودا جوفاء في انتظار موت جديد. يوسف الساكت

الـمـحـج المـلـكـي…الـقـنـبـلـة المـوقـوتـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الديساوي: لابد من تفعيل مبدأ المحاسبة

انهيار منزل بالبيضاء..."مشروع إعادة التأهيل" في قفص الاتهام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات