مقاهي الشيشة بالصويرة… فضاءات لتزجية الوقت

تحولت مقاه بالصويرة الهادئة، إلى فضاء لتدخين الشيشة، وصارت وجهة للعديد من الراغبين في معانقة النرجيلة والتعاطي معها بهدوء تام، لا تعكر صفوه الأجهزة الأمنية أو السلطات المحلية، التي تراقب الظاهرة عن بُعد دون أي تدخل، في وقت تتعالى أصوات من بين سكان المدينة، مطالبة بالتدخل الفوري للسلطات المعنية للحد من ظاهرة أخذت في الانتشار. بإحدى المقاهي الأكثر شهرة بمدينة الصويرة، والمختصة في احتضان الزبائن الباحثين عن تدخين «الشيشة»، تجلس فتاة توحي ملامحها أن عمرها يتراوح ما بين 15 و 17 سنة، تحتضن معشوقتها التي لم تكن سوى الشيشة في صمت، تضعها في فمها كرضيع يضع فمه في ثدي أمه، عيناها تنظران إلى اللامنتهى في تأمل غريب، وهدوء أكثر غرابة.. تجذب نفسا عميقا تحتفظ به قليلا ثم تخرجه دخانا كثيرا من فتحتي الأنف، تعقبه سحابة أخرى من الفم، لينتشر جو من الضباب تصعب معه الرؤية..بجوارها، يجلس خمسة آخرون منهم ثلاث فتيات، يفعلون الشيء نفسه في صمت مقدس، ولا يتبادلون أطراف الحديث إلا في لحظات قليلة، بالمقابل لا يترددون في سرقة قبلات خلسة من الجميع.يؤكد مصدر مطلع ل «الصباح»، أن هذا المنظر يتكرر بشكل شبه يومي بهذه المقهى، التي لا تَرصُدها الأعين التي لا تنام، إذ يتردد عليها المئات من الشبان والعشرات من القاصرات، منهن تلميذات بالسلك الإعدادي والثانوي، يخترن التوجه إلى هذا الفضاء، عوضا عن التوجه إلى مؤسسساتهن التعليمية.وراء كل مرتادة لهذا الفضاء حكاية، والحكاية كانت ببداية علاقة وطيدة مع النرجيلة كما يسمونها في بلاد المشرق.«دلال»، أو على الأقل الاسم الذي قدمته لنا، شابة في عقدها الثاني، تؤكد أنها تتردد على هذا الفضاء بشكل شبه يومي، ولها أصدقاء كُثر، القاسم المشترك بينهم هو تدخين الشيشة.تؤكد أن علاقتها بالشيشة كانت قبل قرابة سنتين، بعدما كانت تجتاز امتحانات نيل شهادة الباكلوريا «إذ كنت أعاني من أزمة نفسية، وتوتر كبير، نتيجة الضغط الذي شعرت به مع اقتراب موعد الامتحانات، إذ بدأت تسيطر على كياني عدة هواجس وتطاردني أحلام مرعبة، وحكيت لصديقة تدرس معي الأمر، فاقترحت عليّ أن نتوجه إلى إحدى المقاهي للتخفيف من ذلك الضغط. أبديت في أول الأمر عدم موافقتي، لكن أمام إلحاح صديقتي وافقت، فكان أن توجهت رفقتها إلى مقهى مشهورة بالشيشة، وهناك بدايتي الأولى مع التدخين بصفة عامة والشيشة بشكل أخص».تضيف «دلال» أن إحساسا غريبا غمر كيانها «لقد نسيت تماما ضغط الامتحانات، وتخلصت من كل الكوابيس، وشعرت براحة فريدة، فكررت التجربة عدة مرات، إلى أن أصبح يستهوني تدخين الشيشة».لكن وما نتيجة الامتحانات؟.. سؤال طرحناه على دلال، التي وضعت وجهها بين كفيها وتغيرت ملامحها قبل أن تضيف، «أغلب وقتي ضاع في مقاهي الشيشة، وأصبح ذهني مشتتا لتتكسر كل الأحلام، ها أنا اليوم أتحول إلى مدمنة» تَخْلُصُ «دلال».حالة دلال ما هي إلا صورة مصغرة، لحالات أخرى، سقطن في حب النرجيلة، وارتبطن بها ارتباطا كبيرا، وتحولن بذلك إلى مدمنات، وكانت عاملا مساعدا لاحترافهن الدعارة، لما يتعرضن له من تغرير، سيما أن أغلب مرتادات هذه الفضاءات من القاصرات.ويشير مصدر مطلع في حديثه ل «الصباح»، إلى أن علاقات جنسية عابرة لا يمكن تعدادها، تُنسج تحت الدخان الكثيف الذي يحجب الرؤية، لتنتهي في فضاءات أخرى خارج المقاهي.ويذكر المصدر نفسه، أن الأمر يزداد سوءا بمدينة الصويرة، مع إحدى العلب الليلية التي تقدم الشيشة للزبائن، حيث ترتادها القاصرات، ويتعرضن لإغراءات كثيرة، سيما أن أغلب مرتادي هذا الفضاء، الواقع على بعد أمتار قليلة من المدينة القديمة، يُعتبر قبلة للسياح الأجانب والخلجيين، الذين أصبحوا يقصدون هذه المدينة قادمين من مراكش، بعيدا عن حرارتها..وتجمع العديد من الآراء التي استقتها «الصباح» من الشارع الصويري، على أن هذه الظاهرة دخيلة على المدينة، ولم تظهر إلا في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت تهدد القاصرين من الجنسين، سيما في ظل الوضع الاجتماعي المتردي الذي تعيشه أغلب الأسر، وارتفاع مؤشرات الهشاشة بمدينة، عرفت خلال السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا للسياح، الذين ينعشون اقتصادها.ويؤكد مصدر حقوقي، أن السلطات المحلية والأمنية مدعوة إلى القيام بحملات تمشيطية لوقف الظاهرة، سيما وأنها بدأت في الاستفحال، خاصة مع بروز كراء محلات للسكن تقدم الشيشة كخدمة إضافية، وهو ما أضر بالمؤسسات الفندقية بالمدينة بشكل كبير، إذ يؤكد مسؤول على فندق مصنف أن «المهنيين عبروا في العديد من المرات عن امتعاضهم من المنافسة غير الشريفة التي تتسبب فيها ظاهرة كراء الدور المفروشة، واتعكاسها السلبي ذلك على اصحاب الفنادق المصنفة، الذين أصبحوا على حافة الإفلاس، لكن أن تُضاف خدمات أخرى من مثل توفير الشيشة، فإن ذلك غير مقبول إطلاقا». محمد العوال (موفد الصباح إلى الصويرة)

مقاهي الشيشة بالصويرة… فضاءات لتزجية الوقت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

3 أسئلة: الحملات الأمنية تنبني على سياسة جنائية

مقـاهـي الشيشــة استثمـار يدر المـلايين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات