مذكرات “رجل سلطة بالإذاعة”: وفاة الحسن الثاني … تفاصيل يوم استثنائي

مذكرات "رجل سلطة بالإذاعة" (الأخيرة) أفرج عبد الرحمن عشور مدير الإذاعة الوطنية سابقا والإطار بوزارة الداخلية، أخيرا، عن مذكراته التي اختار لها عنوان "رجل سلطة بالإذاعة" صدرت ضمن كتاب يشكل سفرا في ذاكرة رجل عايش مخاضات تجربة الجمع بين قطاعي الداخلية والإعلام في لحظة مفصلية من تاريخ المغرب أسالت الكثير من المداد، ولم تنجل ملابساتها وتفاصيل خلفياتها بعد. لأول مرة يتحدث عشور بكل جرأة عن تجربة أزيد من سبع عشرة سنة، وبعض خبايا العمل الإذاعي، كما يرفع الستار عن إكراهات مسؤولية تدبير مؤسسة إعلامية من حجم الإذاعة الوطنية، في عهد إدريس البصري والملك الحسن الثاني والبدايات الأولى لحكم الملك محمد السادس. في هذه الحلقات تختار لكم "الصباح"، بعد استئذان المؤلف، بعضا من أقوى مقاطع الكتاب، الذي يعد وثيقة تتضمن تفاصيل غير مسبوقة، لا يمكن الاطلاع عليها، إلا من خلال الإبحار في متن الكتاب كاملا. علمنا بدخول الملك المستشفى من وكالة الأنباء الفرنسية من اللحظات المهنية الصعبة التي عايشها عبد الرحمن عشور، وهو مسؤول على رأس الإذاعة الوطنية، باعتبارها جهازا إعلاميا حساسا، لحظة رحيل الملك الحسن الثاني، يوم الجمعة 23 يوليوز 1999. كانت الأجواء قائظة، عاد فيها عشور إلى مكتبه بعد الزوال ليمضي ما تبقى من ساعات العمل استعدادا لعطلة نهاية الأسبوع، قبل أن يباغته رنين هاتف مكتبه، وكان المتحدث على الخط أحد أعضاء السفارة الفرنسية، الذي كانت تربطه علاقة جيدة بمدير الإذاعة، إذ بادره بالسؤال "هل ستذيع الإذاعة بلاغا هاما هذه العشية؟"، فلما أجابه عشور بالنفي اعتذر الرجل بسرعة وودعه دون أن يترك له فرصة استفساره. أثار هذا التصرف الكثير من الهواجس في نفسية مدير الإذاعة الذي بدأ يقلب الموضوع على كل الأوجه، حول ماذا يقصده الديبلوماسي الفرنسي بهذا السؤال وعن أي بلاغ يتحدث؟ وهل يملك الرجل معلومات يريد فقط أن يتأكد منها ولجأ إلى مثل هاته المناورة. لحظات قليلة بعد ذلك بدأت سحابة الغموض تتبدد شيئا فشيئا، بدخول أحد مساعدي عشور إلى مكتب المدير في حالة ارتباك وهو يحمل بين يديه قصاصة مقتضبة لوكالة الأنباء الفرنسية تحمل إشارة "مستعجل" مفادها أن الملك الحسن الثاني أدخل المستشفى، وهو الأمر الذي سيتأكد بعد مدة قصيرة من الزمن. توصل عشور ببلاغ من وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة مكتوبا بخط اليد يؤكد أن الملك بمستشفى ابن سينا بالرباط "إثر وقوع التهاب حاد في رئتي جلالته، تستلزم مراقبة مستمرة لجهازي القلب والتنفس". انتشرت إشاعة وفاة الملك الحسن الثاني بسرعة، وتضاربت الأنباء حولها في الكواليس وعبر الهواتف، التي انقطعت فجأة، وهو إجراء تبين أن السلطات الحكومية لجأت إليه لدواع أمنية، أي تعطيل الاتصالات الهاتفية، في مثل هذه الظروف الاستثنائية. حوالي الساعة السادسة وعشرين دقيقة، من مساء اليوم نفسه، تلقى عبد الرحمن عشور تعليمات، بإيقاف البرامج العادية للإذاعة، وإعادة بلاغ دخول الملك إلى المستشفى، مع الشروع في بث آيات من القرآن دون انقطاع، مع الحرص على عدم إدراج السور القرآنية التي تتلى عادة في الجنائز. كل المؤشرات تسير في اتجاه أن الملك قد توفي، لكن لاشيء مؤكد رسميا إلى حدود تلك اللحظة، إذ بعد أزيد من نصف ساعة، ستصل قصاصة لوكالة رويترز تقول إن قناة "الجزيرة" أعلنت وفاة الملك الحسن الثاني، وهو الخبر الذي ستؤكده وكالة الأنباء الفرنسية دقائق بعد ذلك، نقلا عن مصادر مقربة من القصر الملكي. لم يعد الأمر يتطلب مزيدا من الانتظار، إذ بادر عشور إلى استدعاء مسؤولي قسم الأخبار، ومطالبتهم باتخاذ التدابير اللازمة لمتابعة تطورات الأمور، وتوفير برمجة وتسجيلات الآيات القرآنية الملائمة لمثل هاته الظروف، وكذا السهر على التأكد من أن كل الأجهزة الدافعة مشتغلة، والرفع من قوتها. رن الهاتف الداخلي، يقول عشور، ليجد المدير العام للإذاعة والتلفزة، يخبره أن ولي العهد سيوجه خطابا للأمة بوضعه الدستوري الجديد "صاحب الجلالة الملك محمد بن الحسن"، وهكذا استمرت الإذاعة في بث آيات القرآن، إلى أن حلت الثامنة وإحدى وأربعون دقيقة، وهو التوقيت الذي حدد لإذاعة خطاب الملك محمد بن الحسن ينعي فيه للشعب المغربي وللعالم وفاة والده الملك الحسن الثاني. عزيز المجدوب

مذكرات “رجل سلطة بالإذاعة”: وفاة الحسن الثاني … تفاصيل يوم استثنائي

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مغربيات خالدات: فانو بنت الوزير عمر … شهيدة المرابطين

شموخ أطلسيات ... قصص من تاريخ عزة النفس و الذود عن الكرامة

مقالات ذات صلة