3أسئلة إلى محمد الشيكر* < ما هي الأسباب التي تنعش ظاهرة التهرب الضريبي؟ < هناك مجموعة من العوامل التي تساهم في استفحال ظاهرة التهرب الضريبي في المجتمع، تفترض العودة إلى الجذور التاريخية لعلاقة المغاربة بالضريبة، التي كانت تفرض عليهم خلال القرن التاسع عشر من قبل المخزن، في وقت كان هناك خلط بين خزينة الدولة والسلطان، وبالتالي انطلقت انتفاضات من قبل قبائل على ارتفاع الضرائب. ومن هذا المنطلق، فقد المغاربة الثقة في السلطة، إذ لم يكونوا يرون مقابل ما دفعوه في الواقع، في شكل خدمات صحية وتعليم وأمن وغيرها، ما يؤشر على وجود أزمة ثقة بين المواطن والإدارة، خصوصا عند الوقوف على مجموعة من الحالات التي يغيب فيها الإنصاف الجبائي، إذ يتحمل الأجراء مثلا، الثقل الضريبي الأكبر اليوم، باعتبار اقتطاع الضرائب من المصدر، فيما تتركز أغلب حالات التلاعب في الجبايات، الخاضعة لنظام التصريح. < أين يكمن الاختلاف بين التهرب والتملص الضريبيين؟ < يتعين التفريق بين مصطلح التهرب الضريبي " la fraude fiscale"، الذي يكون ثابتا في حال عدم الإدلاء بالمداخيل والأرباح الحقيقية لدى المصالح المكلفة بمراقبة وتحصيل الضرائب، من أجل الامتناع عن أداء الواجبات الضريبية بطريقة مخالفة للقانون، في حين أن التملص الضريبي "l’evasion fiscale"، يكون عندما يعمد الملزم، بشكل احتيالي، إلى استغلال الثغرات التي توجد بالمنظومة القانونية الجبائية، من أجل عدم الوفاء بالتزاماته الضريبية. وفي ظل غياب أرقام حول قيمة الفاتورة التي تؤديها الخزينة العامة عن ممارسات التهرب الضريبي، فإن النفقات الجبائية، تمثل صورة من صور الهدر الضريبي، وبالتالي فنزيف الخزينة يقدر بحوالي 34 مليون درهم، في شكل إعفاءات وتخفيضات واستثناءات ضريبية، إلى جانب الضرائب غير المحصلة عن القطاع غير المهيكل، وهو المبلغ الذي لا يتم التركيز عليه بشكل جدي من قبل الحكومة، مقابل اهتمام أكبر بميزانية المقاصة التي لا تتعدى 15 مليون درهم، علما أن قيمة الإعفاءات الممنوحة لم تثبت نجاعتها على مستوى الاستثمار. < هل يساهم الضغط الضريبي في التهرب؟ < يحفز ارتفاع قيمة الالتزامات الضريبية على التهرب من الوفاء بها، إذ تشير الإحصائيات والتقارير الدولية في هذا الباب، إلى تمركز المغرب ضمن الدول الأعلى تضريبا على المستولى الإقليمي، في الوقت الذي تتفق المعايير الكونية للمواطنة على أداء الضريبة، باعتبارها صورة من صور المساهمة الاجتماعية، ذلك أن المفهوم الجبائي انتقل مع تطور المجتمعات، من صيغة الجبر المرتبطة بالولاء والطاعة، إلى شرط للاستفادة من التمثيلية السياسية. وينظر المغاربة إلى الضرائب باعتبارها "إتاوات" مفروضة عليهم جبرا، ويتحينون الفرصة للالتفاف على أدائها، ما يؤشر على وجود علاقة غير مستقرة بين الإدارة الجبائية والملزم، ذلك أنه لا يرى مظاهر ترجمة ما يؤديه من ضرائب، في شكل خدمات وتطوير للبنيات التحتية، على أن الطريقة التي تنهجها الإدارة، من أجل تشجيع الأداء بالنسبة إلى المتخلفين، عن طريق الإعفاءات، تؤدي إلى نتائج عكسية. *رئيس مركز الدراسات و الأبحاث عزيز بلال أجرى الحوار: بدر الدين عتيقي