هناك مجموعات أخرى، تعاملت معها الدولة عبر سياستها الدينية، حسب الظروف السياسية والاجتماعية، ويدخل في هذا الإطار، جماعة العدل والإحسان، ولفيف من الجمعيات التابعة للعدالة والتنمية، وأخرى تابعة للتيارات السلفية وجمعيات إحسانية وخيرية. ونبه أبو اللوز إلى مسألة في غاية الأهمية، حول طبيعة تعامل الدولة مع هذه القوى، أنها ليست جلها ممنوعة قانونا من الظهور في الحقل الديني، لكنها تظهر وتغيب حسب وزنها الاجتماعي ، وحسب الظرفية السياسية، مبرزا أن هذه القوى شريك للدولة في الحقل الديني، لكن تحتل المستوى الثاني في لائحة السياسة الرسمية، أي خارج ما هو معلن عنه رسميا. ثم هناك القوى الممنوعة، وهو ما يتفق عليه في إطار السياسة الدولية، بتسميتها التيارات الإرهابية، وهي تدخل في الشق الأمني للدولة، عبر محاربة الإرهاب والتطرف، وحصر وتحديد هوية المتورطين في هذه الأفعال، التي تهدد أمن الدولة الداخلي والخارجي. وأوضح الخبير في الحركات الدينية، أن الحد من النزاعات الراديكالية الدينية، بحكم أنها صارت عالمية، تدفع الدولة إلى تطوير النموذج الديني المغربي وإقناع المواطنين، وتقديمه في صورة متميزة لباقي دول العالم، كما أن محاربة الإرهاب لا يجب أن تقتصر على المقاربة الأمنية فقط، بل فتح جميع الجبهات، وبمشاركة جميع الفاعلين في الحقل الديني وغيره. كما قال الباحث إن السياسة الدينية تسعى إلى أن تتطور لإيديولوجية مغربية، خصوصا عبر الدروس الحسنية، ببعث رسائل أن الدولة المغربية لها دين قطري مغربي يستند لأربعة ثوابت عقدية أشعرية مالكية وصوفية، وإمارة المؤمنين لا يجب فهمها على أنها إيديولوجية بالمعنى المتعارف عليه، إذ رغم أنها على شكل توجه ديني صرف، أي هناك نوع من الصرامة في فرض المذهب والعقيدة والسلوك، إلا أن هذه الأمور التي تدخل ضمن الشأن الخاص للمواطنين، لا يجب على الدولة الاقتراب منها أو التضييق عليها، بشكل قد يتعارض مع الدستور، الذي ينص على حرية العقيد وممارسة الشعائر الدينية وحرية الفكر. وبخصوص القوى التي يجب أن تحظى بالأولية في الظهور في الشأن الديني، المؤسسات التابعة للدولة، من قبيل الرابطة المحمدية والمجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية، والمؤسسات والمساجد والزوايا وغيرها. إلى جانب هذه المؤسسات، يقول أبو اللوز، هناك قوى تظهر وتغيب حسب الضرورات السياسية والمجتمعية، ويقصد بها مختلف الجمعيات الفاعلة في الحقل الديني، وهي التي تم تأسيسها بموجب ظهير وضعي لـ 1958، ولا يحق لوزارة الأوقاف أو أي سلطة دينية منع منحها الإذن للعمل في المجال الديني، لأنها تأسست قبل جميع المؤسسات الأخرى بناء على الظهير المذكور، وتدخل في هذه الخانة الجمعيات الدينية، التي تهتم بالمساجد، والأبحاث الشرعية والدينية. م. ل