كنوز بولمان بعد ملائكة مكناس

رؤيا شاب أخرجت المئات للبحث عن كنوز مدفونة ساعات قليلة بعد زوبعة «ظهور الملائكة في سماء مكناس»، زحف آلاف الناس بسرغينة، أفقر جماعات المغرب، صباح أمس (الاثنين) إلى جبل تيزي، لا للحج في اليوم الـ 26 من رمضان الكريم، بل بحثا عن مخرج ينقذهم من فقرهم، إحقاقا لرؤيا شاب منهم حلم بذلك. منذ الصباح الباكر، حجوا إلى الموقع المقفر إلا من أحجار وأعشاب صامدة في وجه قساوة طبيعة وصعوبة تضاريس، من عدة دواوير طمعا في ثروة ما كسبوها في حياتهم، حالمين في يقظتهم بتحقيق ما حلم به هذا الشاب الذي بدا واثقا من نفسه، متقدما إياهم في حجهم الفريد. من تامايوت وآيت الرامي وآيت علي وتيشوت وتافراوت وعين اللوز وعطية وآيت عبد الله وسرغينة وكل البقاع المجاورة، زحفوا على متن عشرات السيارات أو راجلين في رحلة شاقة انطلقت بدءا من الثامنة وتواصلت نصف ساعة قبل الوصول إلى جبل تيزي. نساء ورجال من مختلف الأعمار لم توقف زحفهم حرارة لافحة لأجسادهم. بكتب القرآن وصور الملك والرايات الوطنية، تسلحوا في مسيرتهم التلقائية، مهرولين وراء حلم منام توخوا تحقيقه في الواقع، حالمين بثروة تبيد فقرهم المدقع بمنطقة تقتات من زراعة معاشية ورعي. بمشية الواثق من نفسه وحلمه، تقدمهم قبل أن يتوقف الزاحفون قريبا من الجبل، ويمتثلوا لأوامره بالجلوس القرفصاء والسجود، قبل أن يتراجع بمبرر الاستحالة للحشد الكبير من مرافقيه من الحالمين بالثروة. الجميع كان في انتظار المفاجأة مسلحين بعبارة «الله أعلم» في ردهم عما يتوقعونه من كنوز مدفونة وعدهم بها كما حلم بذلك ذات ليلة، في سيرهم مسرعين أو بخطوات متثاقلة لما تمكن التعب خاصة من المسنين منهم، على إيقاع الزغاريد والتكبير والهتاف باسم الملك. كل الحناجر هتفت باسم الملك، قبل أن يتلو ذاك الشاب الأب لطفل، «خطبته» المكتوبة تأبطها على طول الطريق، بعدما تخلص من سترته والتحف بالراية الوطنية، في ظل صمت رهيب فرضه الاستماع لما حبلت به كلمته من دعاء للأمهات والآباء والأسرة العلوية. كل الأعين كانت تترقب وتحلم بكنوز مدفونة تحت جبال سرغينة الأفقر بين جماعات بولمان، إحقاقا لحلم هذا الشاب الثلاثيني، بعد أيام تداول فيها أبناء المنطقة شيبا وشبابا، حلمه أو «رؤيته» المحققة لأحلامهم باكتساب ثروة مدفونة في جبال لا تنتج إلا طفيليات الأعشاب. قبل الحج بأيام انطلقت عملية التسجيل للاستفادة من تلك الكنوز التي لم يحدد طبيعتها ونوعيتها، لكنها فأل خير على الأهالي، مدعيا امتلاك مفاتيح أبواب موصدة لا يمكن فتحها إلا بحضوره، بعدما أعد العدة لهذا اليوم، وأبلغ شيخ القبيلة والسلطات المعنية. الكنز الكبير المدفون داخل مغارة، من الذهب الخام وسبائكه والتبر الخالص، لا يفنى و»سيحل أزمة دولة برمتها»، كما تناقل شباب سرغينة ذلك في صفحات فيسبوكية تتبعت الحدث عبر تقنية «لايف»، وتفرقت بين مشكك في «الرؤيا» وحالم بتحقيقها. حلم الشاب أو هكذا ادعى، بأن مخلوقا على هيأة رجل، يزوره في منامه كل ليلة، وأخبره بالكنز ومكانه، قبل أن يلتقيه في يقظته، ويؤكد له أن الكنز في ملكية سبعة دواوير بالجماعة، ولا حق لغيرها فيه، رغم أن كل مدفون تحت الأرض، ملك للدولة وأجهزتها. أسهب الشاب في الخطابة والتنويه بسرغينة التي وصفها «منطقة دولية» في أعماق جبالها ثروة كبيرة أنفس من الذهب، واعدا الحشود «كل واحد غادي يوصلو رزقو حتى لدارو»، دون أن يقنع ذلك كل الحشود التي واصلت مسيرتها إلى الجبل حيث الحلم بالكنوز ممكن. راود الحلم حتى سكانا آخرين من خارج الإقليم، سيما من صفرو، أغراهم حلم شاب حشد عددا هائلا من البشر ما لم تحشده الأحزاب والنقابات، روضهم وسايروه في كل طقوسه ومشوا لأكثر من 10 كيلومترات، رغم الحرارة اللافحة لأجسادهم التي أظناها الفقر. حميد الأبيض (فاس)

كنوز بولمان بعد ملائكة مكناس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بلجيكا قلقة بعد إصابة هازارد

السطو على عقار مقابل 100 مليون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات