رمضان بين “الزهو” و”العفة”

فيه يدخل المغاربة في دين الله أفواجا ويصبحون أتقياء ومنظرين في شؤون الدين امرأة تقتل جارها بمراكش قبل أذان المغرب ... شاب يقتل ابن شقيقه لأنه أزعجه وهو صائم ... «مقطوع» يقتل والدته بآسفي... إنها حصيلة الحوادث والجرائم التي ارتكبت باسم «الترمضينة» منذ بدء شهر الصيام المبارك في المغرب. المغاربة شعب يترمضن بامتياز. لا فرق في ذلك بين «مبلي» أو من لم يقرب في حياته سيجارة، أو بين «قاري» وأمّي جاهل، أو بين موظف محترم أو «مشرمل». الكل سواسية أمام «القطعة». وبقدر ما يعشق المغاربة شهر الصيام ويقدّسونه، إلى درجة أنهم يسمونه «سيدنا رمضان»، بقدر ما تتغير سلوكاتهم اليومية ويصبح الحمل فيهم ذئبا شرسا والحمامة لبؤة تكشر عن أنيابها أمام كل حادث مهما كان بسيطا. أما الذي يتحرك العنف في جيناته أصلا، فيتحول إلى غول ووحش كاسر، يدمّر ويأكل الأخضر واليابس، لمجرد أن أحدا نوى فقط أن «يدوس له على طرف»، مع أنه لم يقرن نيته تلك بالعمل. يتحول المغاربة في شهر الغفران، إلى فصحاء وجهابذة في «لغة الزنقة». يمتحون خطابهم من «قاع الخابية». الكلمات النابية تخرج من أفواههم تباعا مثل سيل جارف، دون اعتبار ل «عيب» أو «حشومة» أو استحضار لعبارة «اللهم إني صائم». الجميع يرغي ويزبد «من السمطة للتحت»، ولأسباب واهية وغبية ومتخلفة، في انتظار أذان المغرب، الذي يبقى هو الحل لتوقف كل تلك المعارك الدموية، التي ترتفع وتيرتها في شهر الصيام. المغاربة يحبون رمضان. يقدسونه. لكنهم يصومونه ب«الجميل». وينظرون إلى من لا يفعل، نظرة احتقار وكراهية وبغض. لأن الصوم «لله»، و«الله وحده يجزي به». المغاربة يدخلون في دين الله أفواجا في رمضان. من لم يقرب الصلاة طيلة العام، يصبح تقيا ورعا لا يفوته فرض ولا تراويح. ومن قضى أيامه بين الحانات و«البيران» يتحول فجأة إلى مفت في شؤون الدين يحلل ويحرم، ومن صالت وجالت في «البريتشات» و«الكباريهات»، تصبح، بين ليلة وضحاها، «رابعة العدوية». ويختلف نهار رمضان نفسه، عن ليله، عند المغاربة. فإذا كان يومه «نعاس» و«تقدية»، فإن ليله، ومباشرة بعد التراويح، يتحول إلى سهر و»شيشة» و«قصارة»، تستمر إلى ما قبل «السحور» بقليل. حينها يخلع المغاربة لبوس «الزهو» و«النشاط»، ويرتدون عباءة العفة، في انتظار «زواكة» جديدة. نورا الفواري

رمضان بين “الزهو” و”العفة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مؤسسة قاضي التنفيذ بين التأسيس والتحديث

سنطرال: الخسائر تضرب الفلاحين والعمال

مقالات ذات صلة