2500 مليار كلفة الغش

عمليات المراقبة الجبائية مكنت من استرجاع 1200 مليار فقط عن حالات تهرب ضريبي لطالما كان فعل التهرب الضريبي بالمغرب، مرادفا لـ"الشطارة والفهلوة"، وفق الوصف المصري الدارج للذكاء الاجتماعي، إذ ما زالت العلاقة بين المصالح الجبائية والملزمين في شد وجذب، خصوصا بعد بروز فئة جديدة من كبار المتهربين، الذين لا يدخرون جهدا في الاستفادة من الغش الضريبي، الذي كلف الدولة حوالي 25 مليار درهم (2500 مليار) خلال سنة واحدة، أي ما نسبته 2.4 % من الناتج الداخلي الخام، وفق خلاصات تقرير جديدة لشبكة العدالة الجبائية «طاكس جاستس نتوورك». وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن القطاعات الاقتصادية المختلفة لا تخلو من حالات غش ضريبي، الأمر الذي تؤكده الإحصائيات والأرقام الواردة حول عمليات المراقبة التي تنجزها المديرية العامة للضرائب، إذ مكنت عمليات المراقبة من استخلاص حوالي 12 مليار درهم (1200) من الموارد الضريبية الإضافية، بعد مراجعة وثائق المحاسبة والتصريحات المقدمة لمصالح الضرائب، ما مثل أزيد من 9 % من إجمالي الضرائب المحصلة، خلال السنة الماضية، فيما أتاحت المراقبة في مقرات الشركات تحصيل 6.2 ملايير درهم، ما مثل زيادة بنسبة 42 %، مقارنة مع 2015، في حين تم تحصيل المبلغ المتبقي من تقويم الوعاء العقاري وفحص الوثائق المقدمة للإدارة. وفي ظل غياب أرقام رسمية حول قيمة الفاتورة التي تؤديها الخزينة العامة عن ممارسات الغش الضريبي، فإن بعض المحليين الاقتصاديين يرون في النفقات الجبائية صورة من صور الهدر الضريبي، وبالتالي فنزيف الخزينة يقدر بحوالي 33.42 مليون درهم، في شكل إعفاءات وتخفيضات واستثناءات ضريبية، إلى جانب الضرائب غير المحصلة عن القطاع غير المهيكل، إلا أن هذا المبلغ الذي يمثل حوالي ثلث الموارد الجبائية، لا يعكس القيمة الحقيقية لما تخسره الدول من التهرب الضريبي. ويتعلق الأمر هنا، بعدم احتساب قيمة تكاليف التحويل "Prix de Transfert» بالنسبة إلى الشركات متعددة الجنسيات، وغياب ضريبة حول الثروة والدخل بمفهومها الحقيقي، في الوقت الذي يربط باحثون بين تفشي حالات الغش الضريبي بظروف الأداء، التي لا تكون في أغلب الأحيان مثالية، رغم المجهودات المبذولة من قبل الإدارة الضريبية لتحديث قنوات الأداء، عبر تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني. ويفرق المتخصصون في علوم المالية العمومية بين مصطلح الغش الضريبي " la fraude fiscale»، الذي يكون ثابتا في حال عدم الإدلاء بالمداخيل والأرباح الحقيقية لدى المصالح المكلفة بمراقبة وتحصيل الضرائب، من أجل الامتناع عن أداء الواجبات الضريبية بطريقة مخالفة للقانون، في حين أن التملص، أو التهرب الضريبي «l’evasion fiscale»، يكون عندما يعمد الملزم، بشكل احتيالي، إلى استغلال الثغرات التي توجد بالمنظومة الجبائية، من أجل عدم الوفاء بالتزاماته الضريبية. وتستغل بعض الشركات الثغرات القانونية، تحديدا غموض بعض النصوص، من أجل الغش الضريبي. يتعلق الأمر بالتهرب عبر المحاسبة، ذلك أن الإدارة الضريبية لا تمتلك إمكانية إعطاء الدليل على نقص الأرقام المصرح بها، بارتباط مع غموض المادة 213 من المدونة العامة للضرائب، التي تنص على أنه، "إذا شابت حسابات سنة محاسبية أو فترة لفرض الضريبة اختلالات جسيمة، من شأنها أن تشكك في قيمة الإثبات التي تكتسيها المحاسبة، جاز للإدارة أن تحدد أساس فرض الضريبة، باعتبار العناصر المتوفرة لديها". ورغم سرد هذه المادة لبعض الاختلالات، مثل الإخفاء والأخطاء، إلا أن ذلك لا يعد وسيلة في يد المراقب، يمكنه الاعتماد عليها، فهي صيغ تتميز بالغموض والعمومية، اللذين من شأنهما أن يؤديا إلى نزاعات بين الملزم والإدارة الجبائية. كما أن المتهرب قد يستفيد من هذه الوضعية ويتهم الإدارة بالتجاوز والتعسف، عن طريق القيام بتفسيرات مختلفة، والواقع يؤكد أن الإدارة ليست لها الإمكانيات لإعطاء الدليل على نقص الأرقام التي وقع الإقرار بها. بدر الدين عتيقي

2500 مليار كلفة الغش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مغاربة ضمن المرشحين لجوائز "الموريكس دور"

التهرب الضريبي ... الحيتان الكبيرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات