العنف ضد النساء … المجتمع طبّع مع الاعتداءات

الحقوقية بوشوا قالت إن الحملات الموسمية غامضة وغير كافية وتثير لبسا حذرت لطيفة بوشوا، رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، من خطورة الوضع الذي أضحت تعيشه النساء المعنفات بالمغرب بعدما طبع المجتمع مع الاعتداءات التي تتواتر على نساء من مختلف الأعمار وفي مختلف الجهات، جعلت الجمعيات عاجزة عن تأمين المساعدات اللازمة، وأجبرت بعضها على إغلاق أبوابها نتيجة تملص الحكومة من تحمل مسؤولياتها وتقديم دعم مالي قار لتأمين الإيواء والمواكبة القانونية والدعم النفسي لضحايا العنف. تفاصيل أكثر عن أشكال العنف التي تتعرض لها المغربيات وأثر الحملات والمرافعات الحقوقية وعن الانتظارات من قانون لمحاربة العنف لم يكتب له أن يرى النور بعد، في الحوار التالي: بالنظر إلى توالي حالات تعنيف النساء، كيف يمكن تقييم ظاهرة العنف عموما؟ أولا نعتبر في الفدرالية أن العنف ضد النساء هو خرق سافر لحقوق النساء وتمييز ضدهن، وخارج هذا التعريف، لا يمكن الإلمام بظاهرة العنف ضد النساء. ثانيا التقييم، بالنسبة إلينا، يجب أن يكون خارج الإحصائيات والأرقام، بل في مضامين وأفعال العنف الممارس ضد النساء، لأنه منذ سنوات ونحن نستعرض أرقاما مهولة تؤكد تواتر العنف الممارس، لكن الأخطر هي الأفعال، التي بلغت حد الاغتصاب الجماعي المتكرر، والاغتصاب والتحرش أمام أعين المارة. والأخطر أيضا هو تصوير وقائع الاعتداء ونشرها والتفاخر بها بشكل فج، مثلما تابعنا في حالة الاعتداء على فتاة الحافلة بالبيضاء واغتصاب تلميذة من قبل ثمانية أشخاص بعد مغادرتها المدرسة. وعليه، فإن مؤشرات ودلالات مثل هذه الأفعال، تدق أجراس الإنذار بما يستوجب إما التدخل الجماعي وتحمل المسؤوليات في إطار سياسة رسمية، أو تحمل تبعات تكاثر هذه الأفعال وتأثيراتها على مجالات أخرى، وليس على المرأة لوحدها، علما أن كلفة العنف ضد النساء الاجتماعية والاقتصادية كبيرة جدا. ما هي أكثر أنواع العنف التي تتعرض لها المغربيات؟ لم يطرأ تغيير كبير على أنواع العنف الممارس ضد النساء، علما أن الشكل الأول أو الذي تتعرض له المغربيات بكثرة هو العنف النفسي، الذي يعد ملازما لكل أشكال العنف الأخرى، يليه العنف الجسدي الذي أصبح في تصاعد مستمر، لأنه يعد مجال إبراز موازين السلطة والقوى الذكورية. هناك أيضا العنف الاقتصادي والاجتماعي، المترتب عن التعسف في التملص من بعض النفقات بما فيها النفقات المرتبطة بالطلاق، علاوة على عنف قانوني نعتبر أنه يتجسد في قصور القانون عن توفير حماية ملائمة للنساء، وتغيير تشريعات ضمنها مدونة الأسرة، فضلا عن عدم وجود قانون مناهضة العنف ضد النساء الذي لم يصدر إلى اليوم. لكن أكثر أنواع العنف خطورة في نظري، هو العنف الرمزي الثقافي الذي يجعل من العنف ظاهرة سائدة لا تطرح مشاكل للمجتمع، رغم الأرقام والمرافعات المستمرة التي تقدمها الجمعيات الحقوقية. ماذا عن الحملات الوطنية التي تقوم بها الحكومة، لماذا لم نلمس إلى اليوم أثرا لها؟ الحملات الموسمية أكيد غير كافية. ربما هناك عمل من طرف القطاع الوصي أو الحكومة، لكنه يبقى غير كاف للقضاء على الظاهرة التي تحتاج إلى إرادة سياسية قوية، وإمكانات مادية مهمة، شريطة وضع خطة متناسقة بين مختلف القطاعات، وليس جعلها حكرا على قطاع واحد، لأن هذا الإشكال عرضاني داخل المجتمع ومتجذر في الثقافة، وبحاجة أيضا إلى توفير البنيات اللازمة، لإخراج المغرب من الحلقة المفرغة التي يدور فيها. من الضروري أيضا الإشارة إلى أنه حتى شعارات هاته الحكومة، وإن لم نقل أنها محافظة أو تتعارض مع تعريف العنف ضد النساء، فهي في الغالب تنطوي على الكثير من الغموض، وتكون غير مفهومة، ما يخلق لبسا لدى المتلقي لهاته الحملات. هل يمكن القول إن المجتمع المغربي طبع مع العنف الممارس ضد النساء مادامت التقارير تدق أجراس الإنذار والواقع يقول بارتفاع أو على الأقل استمرار حالات التعنيف؟ نقطة الضوء الوحيدة في ظل الوضع القائم، أن العديد من النساء أصبحن واعيات بمخاطر العنف الممارس عليهن، وكسرن حاجز الصمت، وأصبحن يقصدن يوما بعد آخر مراكز الاستماع لعرض مشاكلهن. هناك أيضا وسائل التكنولوجيا التي أصبحت تستخدم لنشر الوعي أو على الأقل لفضح المعتدين، رغم أن لها جانبا أسود هي الأخرى، إذ تستعمل للتشهير بهن، ونقل بشاعة الحوادث التي يتعرضن لها، إذ يمكن اعتبارها من الظواهر الجديدة في التحرش والعنف ضد النساء. من جهة أخرى، هناك جمود الفاعل السياسي والحكومي، الذي يساعد على تطبيع المجتمع مع الظاهرة، مادامت لا توجد أية آليات راسخة لردع المعتدين، علما أن هناك رجالا هم من يبادرون إلى فضح المعنفين ومؤازرة الضحايا. ماذا عن قانون محاربة العنف الذي لم ير النور إلى اليوم، هل يمكن القول إنه قد يشكل طوق نجاة وعامل ردع؟ يجب معرفة أن المغربيات لم يعدن قادرات على التحمل، وأن الوضع أصبح كارثيا ويفرض إخراج القانون، بعد إدخال تعديلات عليه، وإخضاعه للمراجعة، سيما أنه لدينا الفرصة اليوم، بما أن مشروع القانون في مجلس المستشارين لإدخال مختلف التعديلات، بعدما عبرت العديد من الهيآت عن آرائها بخصوص مضمونه، حتى نخرج قانونا شموليا، بأبعاد تضمن الوقاية والحماية والردع وجبر الضرر. لكن هذا لا يمنعنا من القول إن القانون وحده غير كاف، إذ يجب سن سياسات عمومية متناسقة ووضع برامج وتأمين ميزانيات وإمكانيات مادية. أجرت الحوار: هجر المغلي ردع المعنفين عمل الجمعيات النسائية والحقوقية ميداني بالدرجة الأولى رغم الصعوبات والتعقيدات التي نواجهها يوميا، لأن عملنا يقوم على توجيه النساء ومؤازرتهن وأحيانا ضمان المبيت لمن لا ملجأ لهن، إذ خلال السنوات الأخيرة، استفادت عشرات آلاف النساء من خدمات مراكز شبكة "إنجاد"، عبر مختلف جهات المملكة وآلاف النساء وأطفالهن، استفدن من ليالي للمبيت. هذه هي قاعدة المرافعة التي نعتمدها في الفدرالية، أي ننطلق من الواقع. لكن للأسف الوضع لا يبشر بالخير، فنحن للأسف مقبلون على إغلاق مجموعة من المراكز، نظرا لغياب أي نوع من الاستجابة لمضامين المرافعات التي نقوم بها على مستوى السياسي والقانوني، من جهة، ونظرا للعوز في الجانب المادي، من جهة أخرى، لأننا نعتبر أن على الحكومة أن تنخرط بدورها في هذه العملية، لكنها للأسف لا تقوم بدورها من خلال تقديم دعم قار ومستمر لمثل هاته المراكز التي تقدم خدمات للرعاية المفروض أن تقدمها الدولة. في سطور > فاعلة جمعوية وناشطة في مجال حقوق الإنسان > رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة > والدها كان سجينا سياسيا ووالدتها كانت ناشطة فاعلة لدى أسر المعتقلين

العنف ضد النساء … المجتمع طبّع مع الاعتداءات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العنف ضد النساء ... التربية التقليدية تحط من كرامة المرأة

اعتقال خمسيني اغتصب طفلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات