دور النيابة العامة في التنمية

ألا يعد سكوت النيابات العامة عما يصرح به أمامها جريمة عدم التبليغ؟ (3/3) بقلم:ذ. محمد واحي * ألم يكن من واجب ذلك النائب تسجيل تلك التصريحات وبناء عليها أن يأمر بفتح تحقيق فيما ذكر أمامه، ألا يعد سكوت النيابات العامة عما يصرح به أمامها جريمة عدم التبليغ، وبالتالي تعاملا سلبيا مع ظواهر تثار أمامها، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة يعد التعامل معها سلبيا تخلى عن وظيفة المساهمة في التنمية . فقد يثار خلال الاستماع لأطراف النزاع، أن أحد الأطراف طلب منه الأداء عن خدمة أو سلع نقدا تهربا من أداء الضرائب، أليس حريا بالنائب الحاضر في الجلسة أن يأخذ نسخة من محضر الجلسة بعد أن يطلب من رئيسها توثيق ذلك بما يكفي، لإجراء بحث حول هدر أموال الدولة والتهرب الضريبي في إطار الواجب واحترام منطق المساهمة الضريبية والذي تؤدى له منها أجوره . ومن منطلقات أخرى قد تظهر أنها معقدة، إلا أنها تدخل في إطار نباهة يجب أن تتوفر لرجل النيابة العامة، إذ أنها تحتاج فقط لشيء من الشجاعة في استعمال ما تتوفر عليه إدارة وكيل الملك. والأمر يتعلق بشكايات الشيك بدون رصيد، التي أصبحت تتكاثر بشكل خطير، بالإضافة إلى استغلال مدة التقادم وعدم تحرك الإجراءات خلاله للإفلات من العقاب هناك عمليات نصب كبيرة من قبل شركات وهمية أصبح التعامل معها يتطلب تواصلا مع القضاء التجاري، الذي يعيش ركودا نتيجة عدم استغلاله بالطريقة السليمة، فلو تصورنا أن النائب المكلف بتوجيه التعليمات الروتينية بإلقاء القبض يوجه طلبا لوكيل الملك بالمحكمة التجارية من أجل مطالبته بفتح الملف التجاري بالدائرة نفسها لوجود الشركة التي تعتبر في نظر القانون متوقفة عن الدفع، من أجل تقديم طلب مراقبة ملفها الإداري أولا ومراقبة توفره على الشروط القانونية ومدى ملاءمة قانونها الأساسي، وإيداعها للقوائم التركيبية بما يدل على وجودها عمليا، وعلى غرار ذلك بحث وجودها الفعلي وممارستها للنشاط الذي أنشئت من أجله، و اتخاذ الإجراء اللازم من أجل المطالبة بتصفيتها مع استدعاء البنك الذي تتعامل معه هذه الشركة عن طريق بنك المغرب، وفي حالة ما إذا ظهر أن التوقف عن الدفع كان أمرا عارضا المطالبة بفتح مسطرة التسوية القضائية، التي أنشئت أصلا للمحافظة على سوق العمل ومساعدة التجار على تجاوز صعاب طارئة لا يد لهم فيها. ألن يكون للنيابة العامة دور اقتصادي ووقائي بمثل هذا التدخل، الذي سيذكي الروح في القضاء التجاري ويقي المجتمع من أناس تفننوا في إبداع الخدع القانوني من أجل زعزعة التوازن الاقتصادي وتكون النيابة العامة قد أنتجت اقتصاديا، وقامت بدور مراقبة تعاملات يظن الجميع أنها بعيدة عن مهام النيابة العامة، والتي أعطيت لها فصول زجرية في مختلف القوانين، فمن خلال هذه الإجراءات قد يصادف نائب وكيل الملك بالمحكمة الزجرية، الذي يجب أن يبقى متتبعا للقضية مخالفات تتعلق بالجمرك وأخرى بالمنافسة غير المشروعة أو التقليد والتقليد الموازي أو تهريب الأموال، وربما تمويل الإرهاب عن طريق شركات أنشئت لهذا الغرض، أليس واجبا على وكيل الملك، أن يقوم بما يفرضه القانون وتكون مساهمته قوية لضبط المخالفات الاقتصادية والحفاظ على الأمن الاقتصادي والمجتمعي، وبالتالي المساهمة في توازنه بما أعتبره إنتاجا. وهذا الموضوع سأتطرق له قريبا بخصوص دور القضاء التجاري في التنمية، والذي يطلع رؤساؤه على مجموعة الحالات الموجبة لفتح ملفات التسوية أو التصفية بأمر من رئيس المحكمة بالنظر لما يصله من طلبات الأوامر بالأداء والتي تعتبر توقفا عن الدفع أو من خلال المساطر القضائية التي تحضرها النيابات العامة، والتي تكتفي فيها بطلب تطبيق القانون يتكلف به غالبا موظفون لبساطته ويكتفي وكيل الملك بإمضائه. كل الحالات التي استحضرناها هي على سبيل المثال فقط، وربما منها ما لم يكن يوما محل مطالبة يجب أن يقوم بها ويتقنها أشخاص أجهزة أخرى حتى تصل لهذه النيابات، كهيأة الدفاع مثلا، والتي تتحمل جزءا ليس باليسير من المسؤولية في تحريك بعض المساطر الخاصة، والتي تتعلق بالشأن الاقتصادي، إما لإحباط وإحساس بصعوبة الإقناع بها أو لعدم المعرفة بوجودها أصلا أو لصعوبة إقناع الموكلين للتعامل بهذا المنطق، وهذا موضوع آخر سيكون محل بحث في إطار دور الدفاع في التنمية. إلا أنه يبقى كل ما أثير من أدوار يمكن أن تضطلع بها النيابات العامة من شأنه أن يؤثر في كل دواليب الحياة اليومية إيجابا ويحرك اقتصاديات ويحقق مداخيل للدولة، ويوقف نزيف سرقة المال العام ونهبه وسيشتغل فيه المحامون والخبراء بكل أشكالهم واختصاصاتهم والمفوضون القضائيون، وتتطور من خلاله طرق المراقبة الإدارية للمشاريع الخاصة والعامة وستنضبط معه المجالات الرياضية والجمعيات والأحزاب السياسية لمعرفة الجميع أن النيابة العامة موجودة معهم في حياتهم كيفما كان نوعها. فالغاية من هذا المكتوب، يدخل في إطار المطالبة بقيام النيابة العامة بدورها الاقتصادي والمجتمعي، جهازا يجب أن يكون منتجا وحتى يكون كذلك يجب أن نوفر لأشخاصها تكوينا مستمرا يبدأ أولا بإذكاء روح المواطنة وتقريبهم من هذا المنظور الاقتصادي والمجتمعي ومدى تفاعل دورهم هذا مع كل دواليب تسيير الدولة وضرورته للتنمية، وإلا فمن يمكنه القيام بذلك إن لم تكن النيابة العامة. * محام وعضو مجلس هيأة المحامين

دور النيابة العامة في التنمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قنصلية فرنسا تورط مسؤولين في التزوير

شبكة شواذ تسقط رجال أعمال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات