السيارات الفاخرة المستعملة… سوق واعد يعيش انكماشا

المهنيون يؤكدون تراجع أنشطة القطاع خلال ثلاثة أشهر الماضية بنسبة كبيرة منذ شهر رمضان الماضي وإلى الآن (شهر نونبر) لم يبع عبد اللطيف فجرين سوى سيارتين. في ظرف ثلاثة أشهر لم يتمكن خلالها فجرين من تصريف سوى اثنين من السيارات (رباعية الدفع) الفاخرة التي يحفل بها محله. السيارات المهيبةالمستثمر الشاب لا يعرف لهذا الركود والانكماش سببا. محله، الواقع بزنقة الفرات بحي المعاريف الراقي، تؤثث فضاءه الداخلي سيارات فارهة وفخمة. من "بورش" المهيبة، و"ميرسيديس إس كلاس" التي غالبا ما تُخصص لأصحاب المناصب الرفيعة من رجالات الدولة، مرورا بـ"فيراري" الرياضية والرشيقة، ووصولا إلى "رينج روفر" رباعية الدفع سوداء اللون والتي تعد بجميل المغامرات حيثما شاء المرء التوجه بها...ولائحة السيارات الفاخرة لا تنتهي عند ما ذُكر... "لكن الإقبال عليها منعدم تماما في هذه الأيام" يقول فجرين في حديث إلى "الصباح"، ثم يضيف "خلال الأشهر الثلاثة الماضية عشنا تراجعا كبيرا" وبنبرة فيها غير قليل من الأسى "تراجع خايب بزاف، ويطرح أكثر من علامة استفهام"، ويؤكد "ولينا بحال إلى ماخدامينش".الجزء الذي يتخذ منه فجرين مكتبا له بمحل "فجرين أوطو" لبيع السيارات تؤثثه بضع صور، الحجم المتوسط والكبير، لسيارات فارهة وفخمة مثل المعروضة بمحله، وأرائك وثيرة وحتى شاشة تلفاز مفتوحة على القناة المغربية الثانية.أمام المحل وداخله تعرض سيارات عائلية ورياضية ورباعية الدفع، كلها من الطراز الفاخر لا يفرق بينها إلا اسم الماركة أو لون السيارة أو حجمها، ويجمع بينها في كثير من الأحيان أثمنتها الخيالية والفارهة، سيارات ما زال الكثيرون يرونها عبر شاشات التلفزيون فقط، ومجرد النظر إليها يستحث في النفس رغبة جامحة للانطلاق إلى أنى شاءت النفس.دوامة الركودما بين "بينتلي" وأودي"، و"بي إم دوبلفي" و"جاكوار" وألوانها الزاهية وتصاميمها الأخاذة والباعثة على الدعة والاطمئنان... قد يتناسى المرء أن سوق السيارات الفاخرة الذي كان إلى وقت قريب، الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، يعيش طفرة كبيرة في رقم مبيعاته، قد دخل دوامة الركود والانكماش لأسباب يرجح عبد اللطيف فجرين أن تكون "إما العطلة الصيفية أو شهر رمضان أو ربما الاضطرابات التي يعيشها العالم العربي" من محيطه إلى خليجه.مشاكل فجرين وأمثاله من أصحاب محلات بيع وتخزين السيارات الفاخرة لا تتوقف عند الركود الذي يعيشه هذا القطاع التجاري طيلة فترة الأشهر الثلاثة الماضية، بل تشمل كذلك النزعة الاحتكارية التي يسعى أصحاب المحلات الكبرى، المختصة في بيع السيارات الفاخرة، إلى فرضها. إذ يعمدون إلى التضييق على تجار السيارات الفخمة الصغار، خاصة أن أصحاب المحلات الكبرى يقومون بالاستيراد مباشرة من مناطق التصنيع عبر العالم، في الوقت الذي يكتفي فيه الصغار بإعادة البيع بعد الشراء من هؤلاء أنفسهم أو من مصادر أخرى.ورغم هذه المضايقات فإن فجرين لا يخفي سعادته بما حققه هو نفسه من وراء هذه التجارة، أو بما حققه هذا القطاع من "دمقرطة" الحصول على سيارة فاخرة بالنسبة إلى شرائح الطبقة المتوسطة. ويقول "بفضل المنافسة التي ساهمت فيها المحلات الصغرى أصبح بإمكان الزبون الحصول على ماركات فاخرة جدا بأسعار في المتناول، خصوصا أن التجار الكبار يعمدون إلى فرض أسعار موحدة". كما أن الخدمات التي يقدمها محل فجرين، على غرار محلات أخرى، للزبائن أثمرت علاقة قائمة على الإخلاص والوفاء، إذ يؤكد هذا التاجر الشاب أن بعض الزبائن مازالوا يتعاملون معه منذ أن كان يجلب السيارات المستخدمة من بلدان أوربا ثم يعيد بيعها، ويعلق على ذلك بالقول "كاين شي وحدين كيتعاملو معانا ملي كنا عاد بدينا، كانوا يقتنون من عندنا سيارات متواضعة وعادية غالبا ما تكون سبق استعمالها".في البدء كانت هوايةفمن جملة الخدمات التي يقدمها لزبائنه الذين دأبوا على شراء سياراتهم الفاخرة من عنده، خاصة منها الماركات الألمانية التي تمتاز بجودتها ومتانتها، هناك تغيير قطع الغيار، والمساعدة الميكانيكية كالإصلاح والاستبدال، وهي عمليات يشرف عليها شباب لهم دراية بالإصلاح الميكانيكي، ويشترط فقط في هذه العمليات أن تكون مشمولة بعقد الضمانة (garantie).ويعتبر عالم السيارات الفاخرة الهواية المفضلة لدى عبد اللطيف فجرين. فقد ولج هذا العالم منذ أن كان عمره 18 عاما، إذ كان يتنقل بين مجموعة من البلدان الأوربية في مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي. ويحكي أنه كان يستورد من هناك سيارات عادية (مثل مرسيديس 240...) ويعيد بيعها بالمغرب. وظل على هذه الحال لمدة عشر سنوات، انتقل فيها بين العديد من البلدان الأوربية، وتلك مازالت عاده إلى اليوم، إذ يسافر بين ثلاث أو أربع مرات في الشهر إلى أوربا لاستطلاع آخر صيحات السيارات الفاخرة.وفي سنة 2000 قرر أن يتخذ لنشاطه في بيع السيارت الفخمة مستقرا بالمغرب، إذ فتح محلا بـ 2 مارس بالدار البيضاء. غير أن قرار الاستقرار بالمغرب كانت له ضريبة كان على المستثمر الشاب أن يؤديها. "اعترضتني الكثير من المشاكل حتى صرت أقول مع نفسي يا ليتني ما عدت للاستثمار هنا"، يقول فجرين وهو يتذكر أيام تلك المحنة.العراقيل التي وجدها فجرين في طريقه لم تخرج عن المؤامرات التي كان يحبكها مستوردو السيارات الفاخرة الكبار. "لقد وصل بهم الأمر إلى محاولة الإجهاز على محلي ومصادرته، وفعلا نجحوا في ذلك"، ويستطرد قائلا "لكن التحولات التي عاشها المغرب في مطلع الألفية الجديدة مكنت الكثيرين من استرجاع حقوقهم ومنهم أنا"، ثم يؤكد أن هذه التحولات، ويقصد منها الشق السياسي، "هي التي مازالت تحصننا ضد النزعة الاحتكارية التي يقودها أصحاب وكالات السيارات الفاخرة الكبرى". محمد أرحمني

السيارات الفاخرة المستعملة… سوق واعد يعيش انكماشا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أسعار مرتفعة لخروف الصردي بالبيضاء

تراجع مبيعات السيارات الفخمة المستعملة بتطوان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات