أحزاب ترد “صرف” المحاسبة

وصايا إلياس العماري ونبيل بنعبد الله من أجل تعويم الحساب وتحميل المسؤولية للجميع تكلف إلياس العماري، الأمين العام المستقيل للأصالة والمعاصرة، ونبيل بنعبد الله، الأمين العام للتقدم والاشتراكية، بمهمة الناطق الرسمي باسم الأحزاب لرد "الصرف" على مطالب حراك "المحاسبة"، إذ تضمن البلاغ الأخير لـ "الكتاب" وتدوينة لزعيم "البام"، وصايا إلى من يهمهم الأمر من أجل تعويم الحساب وتحميل المسؤولية للجميع. وفي الوقت الذي التزمت فيه باقي الأحزاب الصمت، توحد القياديان في سابقة من نوعها من أجل المطالبة بضرورة جلوس الجميع إلى طاولة الحوار، على اعتبار أن "لا أحد من الأطراف السياسية يمتلك أجوبة عن الوضع الراهن"، وأنه وجب فتح "نقاش مؤداه تعميق التشاور وتسريع وتيرة الإصلاحات والعمل الجماعي المتفق عليه ووضع حد لحرب المواقع وضبط فضاءات الاشتغال بما يضمن تنزيلا سليما لما جاء به الدستور". ي. ق العماري... "كبرها تصغار" دعا إلى تعبئة وطنية وعدم احتكار طرف واحد الأجوبة عن أزمة الوطن بدت خرجة إلياس العماري، مباشرة بعد مغادرته منصبه أمينا عاما للأصالة والمعاصرة، غير مفهومة بالنظر إلى أنه جدد طلبه الداعي إلى عقد جلسة حوار مع كافة الفاعلين والفرقاء، في الوقت الذي ترك قيادة حزبه بدون سابق إنذار وهو الذي حقق انتصارا باهرا لحزبه في كافة المحطات الانتخابية، ومضاعفة عدد أعضائه بمجلس النواب إلى 102، ورئاسة مجلس المستشارين، ورئاسة 5 جهات، ومئات الجماعات القروية وأغلب الغرف المهنية، ومجالس العمالات والأقاليم. لكن انتشار الشعور العام لدى المغاربة بوجود أزمة تحتاج إلى نقاش عمومي، دفع العماري إلى دعوة الجميع إلى تحمل مسؤوليتهم والابتعاد عن الصراعات الشخصية والمزايدات السياسية، لأجل تفادي المشاكل القائمة. لكن ما يجهله العماري أن الشعب المغربي بكل فئاته يحتاج إلى انتشال شبابه من البطالة والفقر وتقديم كل الخدمات التي يحتاجها كي يتمتع بحياته في أمان، ولا يحتاج إلى مناظرات وطنية، يستدعى لها خبراء ويحصلون على تعويضات لأجل تفكيك خطاب الأزمة ويعيدون إنتاج خطاب متأزم بتوصيات متكررة لا تنتهي. واعتبر العماري أن المغرب يعرف تحولات، وإن لم تكن معلنة بشكل رسمي وبوضوح تام، فإنها تستشف من الشعور العام الذي يسري في مختلف مستويات المجتمع المغربي. وقد تضافرت عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وحقوقية وثقافية في توليد هذا الشعور. وفي تحليله لهذا الوضع، اعتبر العماري أن مقالته ستدفع النخبة المتسيسة والمثقفة والفاعلة في المجال الاقتصادي والاجتماعي إلى التفكير مليا في المصلحة العليا للوطن، واتخاذ القرار المناسب بدل التفرج على الوضع الحالي الذي يتجه نحو الإفلاس التام، ما يستدعي التدخل العاجل، إذ أن هدف العماري تعبئة وطنية لتكسير حالة الجمود المزعجة والانتظارية القاتلة. فعلى المستوى الاقتصادي، أثار العماري معضلة ارتفاع المديونية وتواضع الاستثمارات الداخلية والخارجية نتيجة غياب شروط التشجيع والتحفيز إذ من بين 12 مركزا جهويا للاستثمار، تحدث خطاب العرش الأخير فقط عن مركز واحد أو اثنين نشيطين. وارتباط أهم قطاع، وهو الفلاحة، بالتقلبات المناخية، واتساع الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة، وغيرها من مظاهر الأزمة. وعلى المستوى الاجتماعي، سجل العماري ازدياد الفوارق الاجتماعية لتفشي البطالة في أوساط الفئات النشيطة، مع ما يترتب عن ذلك من ارتفاع منسوب الاحتجاجات، وانتشار الجريمة والعنف، وتفشي تعاطي المخدرات، وظهور ميولات نحو التطرف والانتحار، وغيرها من الآفات المقلقة، خاصة بعد انقراض الطبقة المتوسطة واختفاء دورها المعتاد في الحفاظ على التوازنات الضرورية لاستقرار المجتمع. وسياسيا، يرى العماري أن المشهد الحزبي بالمغرب أشبه بركح للتمثيل، فعوض التنافس بين البرامج والتصورات، تحول أغلب الفاعلين السياسيين إلى ذوات تتصارع على احتلال المواقع وتقلد المناصب. وقد أفرز هذا المشهد ظاهرة خطيرة تحول فيها الدفاع عن التعددية الحزبية إلى حلبة للسب والقذف والاتهام والتخوين، سواء بين الأحزاب التي أملت الضرورة التاريخية وجودها قبل وبعد الاستقلال، أو الأحزاب الأخرى التي تم تكوينها بطرق مختلفة لأداء وظائف آنية أو مرحلية أو إستراتيجية. أحمد الأرقام طاولة تجمع كل الأطراف دعا إلياس العماري إلى تطبيق توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة الصادرة في 2005، والتي تشكل الحد الأدنى الذي تم التوافق عليه مما كانت تطالب به الحركة الحقوقية في المغرب، منذئذ لم تطف على السطح نقاشات وتساؤلات من مستوى ما يروج اليوم. فالكل يتساءل، عن مصير هذه التوصيات ويتخوف من تراجع ضمانات حماية حقوق الإنسان بالمغرب. ودافع العماري عن المثقف وأكد أن إلصاق التهم به غير جائز لأن التخلي عن الحاجة إلى أدوار المثقف هو نتاج تقلبات الصراع بين السلطة وخصومها. فكل طرف يحاول استقطاب المثقفين بشتى الطرق لتبرير وتسويق رؤيته للمجتمع، داخل لعبة ظرفية لا تتوخى الأفق الإستراتيجي لبناء المجتمع، وإنما همها هو تسجيل مواقف وقتية طارئة مرتبطة بحسابات سياسية ضيقة. وشدد الأمين العام المستقيل لـ «البام» على تصفية الأجواء وإذابة الجليد النفسي الذي يتمترس بين أغلبية هذه الأطراف، ليفسح المجال أمام الجميع لمباشرة حوار على قاعدة إنقاذ الوطن من الأزمات المتربصة به. فمن دون الحوار الذي يجب أن تجلس إلى طاولته جميع الأطراف، سيكون من الصعب جدا الحصول على ترياق جاهز من شأنه أن يفسخ عقد الأزمات المركبة التي تحوم حول المغرب. واستند العماري في تقديره السياسي إلى مراحل من تاريخ المغرب، للتأكيد على ما قال عنه بـ»فضيلة الحوار التي وحدها الكفيلة بإنتاج مشروع مجتمعي متكامل»، ومن أجل التنبيه إلى أنه «ليس بمقدور أي طرف سياسي أن يحتكر الأجوبة عما يمكن وصفه بأزمة الوطن". وتابع العماري في مقاله قائلا «إن الجميع في حاجة إلى ممارسة نقد ذاتي، من دولة ومجتمع، لأن الأزمة التي وصلنا إليها ربما لم يساهم في إحداثها الجميع، ولكن المؤكد أن الحل هو بين أيدي الجميع، وهو مسؤولية جماعية».

أحزاب ترد “صرف” المحاسبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عدم التبليغ يستنفر أوجار

بوريطة يتحدث ل"الصباح" عن حادث الاعتداء عليه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات