الرقمنة … ثورة في القطاع المالي

كتاب أبيض يحدد تجلياتها والتحديات المستقبلية يعتبر القطاع المالي من ضمن القطاعات التي ولجت عالم الرقمنة مبكرا وأصبحت الخدمات عن بعد أحد المجالات المنافسة بين المؤسسات المالية. وأصدرت بورصة البيضاء كتابا أبيض باللغتين الفرنسية والإنجليزية تعيد فيه تحديد مفهوم الرقمنة والتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي من شأنها أن تحدثها في السنوات المقبلة. ويتضمن الكتاب، الذي قدمه وزير الاقتصاد والمالية، مساهمات العديد من الفاعلين في المجال المالي والاقتصادي والتكنولوجيات الحديثة. إعداد: عبد الواحد كنفاوي أصبح المجال الرقمي يوفر فرصا تاريخية وحظوظا وافرة لبناء نماذج اقتصادية تتسم بالنجاعة والتماسك، كما يشكل ثروة بالنسبة إلى الاقتصاد التعاوني الجديد. وتشير المعطيات الدولية إلى أن السوق العالمية للاقتصاد التعاوني سينتقل من حوالي 12 مليار أورو، خلال 2015 إلى 270 مليار أورو في أفق 2025. لكن هذه التطورات تفرض ملاءمة الإطار التشريعي والتنظيمي للمجال الرقمي لمواجهة التحديات التي يفرضها هذا النظام خاصة في ما يتعلق بالتنافسية والنظام الضريبي وحماية المعطيات الشخصية لمستعملي هذا النظام. بوسعيد: من التدبير اللامادي إلى الرقمنة اعتبر محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في تقديمه للكتاب الأبيض التدبير اللامادي (La Dématérialisation) أن التدبير اللامادي لا يجب أن يقتصر على تحويل الوثائق والمعطيات المالية من شكلها المادي إلى الرقمي، ولكن يجب أن تكون المقاربة أكثر شمولية لرقمنة القطاع المالي، من خلال إعادة نموذج جديد يرتكز على التكنولوجيات الحديثة. وأشار، في هذا الصدد، إلى أنه تبين في المراحل الأولى لإصلاح القطاع المالي، خلال سنوات التسعينات، أن نظام حيازة السندات ومساطر إتمام الصفقات بهذا الخصوص كان يمثل عائقا لتطور سوق الرساميل، إذ لم تكن هناك ضمانات كافية لحماية المستثمرين، لذا تقرر حينها تجاوز هذه المعيقات من خلال إنشاء مؤسسة "Marocler"، التي تسهر على ضمان مصداقية المعاملات والمبادلات، إضافة إلى اعتماد نظام لحيازة السندات يعتمد التسجيلات في الحساب، الذي أصبح إلزاميا بالنسبة إلى القيم التي تطرح في السوق عن طريق الإعلان عن طلب العمومي، في حين ظل اختياريا بالنسبة إلى أشكال التوظيف الأخرى، كما تم تشديد الجوانب المتعلقة بالأمن المعلوماتي، خاصة ما يتعلق بنظام الأداء والتسليم (règlement-livraison) ووضع معايير لمدة إتمام الصفقات. كما تم إقرار إلزامية التفريق بين الحسابات الخاصة وحسابات الزبناء. وتدخل كل هذه الإجراءات في إطار ضمان حقوق المستثمرين، ومكن الإصلاح، أيضا، من توسيع صلاحيات السلطات من أجل المراقبة والتأكد من مدى مواءمة العمليات المالية للمقتضيات القانونية. وأكد وزير الاقتصاد والمالية أن تنمية التكنولوجيات الحديثة للمعلومات ساهمت في التحول من التدبير اللامادي إلى الرقمنة التي تتيح التدبير الفعال والأمثل للمعطيات المرقمنة. وأوضح بوسعيد أن المؤسسات المالية وجدت نفسها أمام كم كبير من المعطيات التي يتعين تخزينها ومعالجتها واستغلالها على الوجه الأمثل، مضيفا أنه يمكن القول إن 2000 تعتبر سنة انطلاق التحول التدريجي للقطاع المالي المغربي نحو الرقمنة، إذ شرع الفاعلون في الأسواق المالية، خاصة البنوك، في اعتماد نظام معلوماتي متطور وعصري وآمن، وأصبحت هذه المؤسسات تنشئ بنيات لتدبير عمليات الأسواق المالية تعتمد أساسا على الرقمنة، واستمر التطور منذ ذلك إلى الحين إلى أن وصلنا، حاليا، إلى البنك الإلكتروني (e-banking). واعتبر أنه من الضروري إدماج الرقمنة في إطار إستراتيجية شاملة، بالنظر إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه في تطوير القطاع المالي، وذلك من خلال ثلاثة أبعاد تتمثل في الإدماج المالي، وتدعيم الاستقرار المالي وتطوير الأسواق. حجي: تأثير التكنولوجيا واعتبر سعيد حجي المدير العام لشركة بورصة الدار البيضاء أن التدبير اللامادي للقطاع المالي لا يرجع فقط إلى الارتفاع الملحوظ لحجم الأصول والعمليات المالية، بل، أيضا، للتحولات التكنولوجية العميقة، بفضل الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي، التي أصبح لها تأثير كبير على عالم المال. واعتبر أنه من المفيد عرض إستراتيجية تكنولوجية للمواكبة على كافة الفاعلين في القطاع، وذلك في إطار تعاون جهوي مندمج وفعال. من جهته، أوضح أحمد رحو، الرئيس المدير العام للقرض العقاري والسياحي، أن العلاقة ما بين مقدمي الخدمات المالية والزبناء تعرف، حاليا، تحولا من أجل التوصل إلى معرفة أحسن بين الطرفين وتوفير دائم للخدمات والمعلومات، في إطار من حفظ السرية. وأشار إلى أن البنوك تتوفر، حاليا، على معلومات أوفر عن الزبون، الذي لم يكن، في السابق، بإمكانه الاطلاع على جزء منها، مضيفا أن التحولات التكنولوجية التي يعرفها القطاع، خاصة ما يتعلق بالرقمنة، ستمكن من إرساء ثقة اكبر بين الطرفين، من خلال معرفة أحسن ومتبادلة بشأنهما. واعتبر أن مهن البنك والمالية تشهد تحولا نحو الاقتصاد التعاوني "Uberisation"، على غرار المفهوم الجديد الذي ابتكرته المجموعة الأمريكية "Uber"، التي أرست نمطا اقتصاديا جديدا في ما يتعلق بقطاع النقل يرتكز على التعاون بين مقدمي الخدمات وطالبيها. واعتبر أن الإعلان عــن إنشــاء وكالة للاقتصاد الرقمي يعكس الوعي بمجموع التحديات التي يطرحها عصر الرقمنة. وأشار، في هذا الصدد، إلى أن المغرب يتوفر على مجموعة من العوامل المساعدة، مثل انتشار استعمـال الهواتف الذكية، إذ هناك، حاليا، 16 مليون مستعمل، والتوفر على شبكة اتصالات متطورة تتيح الأنترنت ذي الصبيب العالي، والأنترنت من الجيل الرابع 4G والألياف البصرية. واعتبر أنه يتعين استغلال هذه الإمكانيات من أجل إعادة النظر في النظم الحالية من أجل إدماجها في التكنولوجية الرقمية، سواء بالنسبة إلى المقاولات الخاصة أو الإدارات العمــومية التي تقدم الخدمات. وأكد أن الخدمات المرقمة التي تقدمها الإدارة يكون لها انعكاس إيجابي على كافة الفاعلين في الاقتصاد الوطني، وهذا ما تم تسجيله، خلال رقمنة أداء الضريبة السنوية للسيارات. وطالب بضرورة تغيير العقليات من أجل أن تصبح الرقمنة نمطا للتفكير وإنجاز العمليات، ما سيسمح بإحداث طفرة نوعية ليس فقط فــــــــــــــــي الأداء الاقتصادي، بل في كل مناحي الحياة الاجتماعية.

الرقمنة … ثورة في القطاع المالي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المغرب يرد على احتجاز سفينته بجنوب إفريقيا

10آلاف درهم للانخراط في "الكاك"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات