بانوراما رمضان: ودارت الأيام 1

موسى: "الطمع خرج عليا وجابني لدار العجزة" «كل ما لعبتو المعزة فقرون الجبال كتخلصو فدار الدباغ»، و»الأيام بدالة ودوارة» و»كوليني يا موكة حتى الطيور عافوني»، هي أمثلة شعبية مغربية، تنطبق على الكثير من المغاربة وجدوا أنفسهم بدور العجزة ينتظرون لحظة تجمعهم بعائلاتهم، وآخرين ينتظرون اللحظة التي يغادرون فيها حياة أعطتهم الكثير وحرمتهم من المهم في سن يحتاجون فيه إلى جرعة حنان وبسمة أمان. ينتظرون هناك، وكلهم أمل في أن يأتي من يخرجهم وينقذهم من الحزن وألم الوحدة، لكن لا حياة لمن ينادون. «الصباح» ترصد قصصا لأناس هرموا من أجل لحظة تجمعهم بأطفالهم. ترك الجمل بما حمل، وغادر المغرب. تخلى عن أطفاله الثلاثة بعد أن طلق زوجته وهاجر إلى ليبيا. هناك اعتقد أن حياته ستتغير وسيعيش أخرى، بطريقة أخرى، وبتفاصيل أخرى. لكن القدر فاجأه ووضع سيناريو رأى أنه الأنسب إليه.يقول موسى إن الطمع أعمى بصيرته، وشجعه على التخلي عن ما سعى ذات يوم إلى تحقيقه، وهو السبب ذاته، الذي أتى به إلى دار العجزة، وهو يعاني شللا نصفيا. أمل موسى الوحيد أن يرى أبناءه بعينين أتعبتهما دموع الحزن والحسرة والمرض. «سأنتظرهم، لأنهم حتما سيأتون ويسألون عني...سيبحثون عني، سيجدونني هنا، والأكيد أنهم لن يتركوني، فأنا والدهم، وما قالته والدتهم عني لن سيصدقوه، فانا والدهم....». الكلمات خانت موسى، وأذرف مكانها الدموع لتعبر عما بداخله، وصارت تتحدث عن معاناته، استعملت كل اللغات، دون أن تتحدث بلغة فقدان الأمل، وهو الشيء الوحيد الذي سيظل متمسكا به، فلا حياة بلا أمل.يحكي موسى أنه كان يعيش حياة مستقرة ماديا ومعنويا، سيما أن زوجته كانت تعمل بإحدى الشركات، وكانت توفر هي الأخرى ما تحتاجه أسرتها الصغيرة، واستمرت الحياة، إلا أن المشاكل بدأت تتسلل وتفرض وجودها، في غفلة منهما، أو أنه قصد ذلك، بعد أن رفض التخلي عن ما يمكن أن يزعزع علاقتهما، إذ وصلا إلى حد التفكير في الطلاق، «اكترينا منزلا صغيرا، واستطعنا أن نبني ما كنا نحلم، إلا أن المشاكل المتكررة، دفعت كل واحد منا إلى التفكير في الانفصال». الانفصال أو الطلاق، قد لا يهتم له الكثيرون، خصوصا الأزواج الذين غالبا ما يصلون إلى مرحلة يرون فيها أن الشريك أصبح دخيلا على حياتهم، وأن الفراق هو أحسن الحلول وأنسبها، إلا أن الأطفال، لا يعتبرونه أمرا سهلا ولا محبذا، حتى إن كانوا مقتنعين أن الانفصال سيحد المشاكل، فبداخلهم قوة، قد لا تخرج أبدا، تقول العكس، وتشتاق إلى حنان الأم وعاطفة الأب وهما معا.انتهت العلاقة الزوجية، دون أن تنهي معها علاقة الحب التي كانت تجمع موسى وزوجته، إذ انتهت بدلها علاقة الأب بأبنائه « منذ الطلاق، وبعد أن غادرت المغرب، التقيت أطفالي مرات معدودة»، يحكي الأب، أنه في كل مرة زار فيها المغرب، حرص على أن يلتقي أطفاله، إلى أن علم أنهم غادروا بدورهم المغرب، بعد أن تزوجت طليقته بأجنبي، « مشات وخدات ولادي وحرامتني منهم» ويضيف الرجل «بغيت غير نشوفهم ويشوفو حالتي».يحكي موسى قصته بألم واضح، ويؤكد أنه غادر المغرب، فقط لأنه أراد أن يحسن مستوى معيشته، وكأنه يبرر قراره الذي غير مسار حياته، وتارة أخرى يقول إنه مل العيش في المغرب وهو بعيد عن أطفاله وطليقته، باعتبار أن الحب بينها ظل قائما رغم طلاقهما. ففكر في الهجرة، والعيش بعيدا كل البعد عنهم» ما كنتش قادر نبقى في المغرب، ومللي جاتني الفرصة، رحلت وخليت كلشي»، مسترسلا: «اشتغلت في البناء والصباغة ما خليت ما درت غير باش نجمع الفلوس، ولكن خسرت صحتي ورجعت معطوب».يعتقد الأب، أن مغادرته المغرب، هي نقطة تحول حياته، وأن هناك كانت نقطة انطلاق المعاناة، التي مازلت مستمرة في نضالها إلى أن تتحقق مطالبها، لا يعلم أحدا ما سقفها ولا حدودها، المهم أنها تناضل وتحتاج إلى أن يسمع صوتها ويلتفتوا إليها، رغم أن موسى استسلم لقوتها ورفع «الراية البيضا»، إلا أنها مصرة على أن تحقق الكثير، أو أنها ربما اقتنعت بأن ترفع السقف عاليا، يقول موسى إنها «معاناة» قوية» أرهقته وحطمته ومن الممكن تحطم أمله في الحياة. وهناك أيضا، عانى مرضا لا علاج له، وفقد أبناءه. إيمان رضيف

بانوراما رمضان: ودارت الأيام 1

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما رمضان: ديمقراطية البهتان عند مشايخ العدل والإحسان (الحلقة الثالثة)

بانوراما رمضان: " على السريع" 10

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات