فيـون ولوبـن… مرشحـان فـي قبضـة العدالـة

التحقيق مع مرشحي اليمين يربك الناخب الفرنسي ويقوي حظوظ ماكرون مرشح الوسط خلط حادثا استدعاء فرانسوا فيون للمثول أمام القضاء يوم 15 مارس الجاري، ورفع الحصانة البرلمانية من قبل البرلمان الأوربي عن مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن واستدعائها للتحقيق، على بعد أقل من شهرين من الدور الأول، أوراق الانتخابات الرئاسية الفرنسية. باتت استطلاعات الرأي تعكس ترددا كبيرا لدى الناخب الفرنسي، أمام التغيرات المتلاحقة في المشهد السياسي، في ظل صعود خطاب اليمين المتطرف، في مواجهة يسار منقسم من جهة، وقيام تحالف بين المرشح الشاب إيمانويل ماكرون والسياسي المخضرم الوسطي فرانسوا بايرو. في آخر التطورات، قررت اللجنة السياسية لحزب الجمهوريين مناقشة موقف فرانسوا فيون بالتشبث بالترشح، خاصة أنه يواجه حملة قوية من داخل الحزب لدفعه إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، من خلال استقالة عدد من مؤيديه، كما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة «إيفوب» لصالح صحيفة «جورنال دو ديمانش» الأسبوعية أن أكثر من ثلثي الناخبين الفرنسيين يريدون انسحاب فرانسوا فيون من انتخابات الرئاسة. فيون يختار الشعب لمواجهة القضاء أعلن فيون عزمه مواصلة السباق الرئاسي، رغم استدعائه رسميا للتحقيق من قبل القضاء الفرنسي، بخصوص قضية الوظائف الوهمية لزوجته. ويصر فرانسوا فيون على الاستمرار في السباق الرئاسي، معتبرا أنه يتعرض «لاغتيال سياسي»، ليعلن أنه يعول على «الشعب الفرنسي». وقال «وحده الاقتراع المباشر (...) يمكن أن يقرر من سيكون الرئيس المقبل للجمهورية». وأضاف «لن أرضخ ولن أنسحب، سأبقى حتى النهاية»، وهو الموقف الذي جعله يدعو أنصاره إلى تجمع حاشد في باريس لدعم ترشيحه. واستبعد جون جاك أورفواس، وزير العدل الفرنسي فكرة اللجوء إلى «هدنة انتخابية» قبيل الانتخابات الرئاسية، إذ أن القضاة المكلفين بالقضية هم من يحددون وتيرة التحقيق، وليسوا ملزمين بأي جدول زمني. ومن الناحية القانونية، وإن كانت التحقيقات تسير بصورة سريعة نسبيا، فإن الحجة وراء ذلك هو أن الملف غير معقد، والقضاة يمتلكون وثائق وشهادات تمكنهم من البت في الملف سريعا، واستدعاء المتهمين دون الحاجة لإجراءات معقدة كاللجوء إلى خبراء تقنيين مثلا. وتعيد خطوة فرانسوا فيون الذي أعلن الاحتكام إلى الناخبين، بدلا من القضاة، إلى الذاكرة حقبة سيلفيو برلوسكوني في إيطاليا ، حتى وإن يبقى مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية في فرنسا، بعيدا عن حصيلة رئيس الوزراء السابق الإيطالي. وقال فيون «بمعزل عن الإجراءات القضائية فإنني أحتكم إلى الشعب الفرنسي وإليه وحده، لأن الاقتراع العام، وليست إجراءات قضائية تقود إلى الاتهام، يقرر من سيكون رئيس الجمهورية». لوبن مرشحة بدون حصانة رفع البرلمان الأوربي، الخميس الماضي، الحصانة البرلمانية عن زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبن، استجابة لطلب القضاء الفرنسي، بعدما نشرت صورا على «تويتر» لفظاعات ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية. واستدعيت لوبن أمام قاضي التحقيق في أبريل 2016، لكنها رفضت المثول أمامه، باعتبار أنها تحظى بحصانة برلمانية. ورفع الحصانة عن المرشحة للرئاسة الفرنسية له مفعول فوري، ويتعلق فقط بهذا التحقيق، وليس بالتحقيق حول شبهات بوظائف وهمية في منصب مساعدي نواب الجبهة الوطنية في البرلمان الأوربي، والتي أدت إلى توجيه التهم لمديرة مكتبها. وتقدمت نيابة نانتير بضواحي باريس بطلب رفع الحصانة عن لوبن، بعد أن فتحت تحقيقا قضائيا بشأنها بتهمة «نشر صور عنيفة». واستدعى قضاة تحقيق زعيمة اليمين المتطرف مع احتمال توجيه تهمة إليها في إطار التحقيق في شبهة قيام الجبهة الوطنية بتوظيف مساعدين برلمانيين في البرلمان الأوربي. وقالت مصادر إعلامية إن المرشحة للانتخابات الرئاسية أكدت في رسالة وجهتها إلى القضاة أنها لن تلبي هذا الطلب قبل انتهاء الحملة الانتخابية، الأمر الذي أكده محاميها رودولف بوسلو. ويحاول القضاة معرفة ما إذا كانت الجبهة أقامت نظاما لدفع رواتب لأطر أو موظفين في الحزب في فرنسا باستخدام أموال عامة عائدة إلى الاتحاد الأوربي، وذلك عبر عقود مساعدين في البرلمان الأوربي. ماكرون يعزز حظوظه أمام توالي الهزات التي تواجه المرشح الجمهوري، ومرشحة الجبهة الوطنية، عزز المرشح المستقل المنتمي للوسط حظوظه للفوز، حيث أظهر استطلاع للرأي أن إيمانويل ماكرون سيتفوق على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في الجولة الأولى. ووضع استطلاع مؤسسة «أودوكسا» ماكرون في صدارة الجولة الأولى التي تجرى في 23 أبريل بحصوله على 27 بالمائة تليه لوبن بنسبة 25.5 بالمائة من الأصوات ثم فيون بـ 19 بالمائة. وفي حال ترشح جوبيه بدلا من فيون، وضع الاستطلاع جوبيه في المقدمة بنسبة 26.5 بالمائة، يليه ماكرون بنسبة 25 بالمائة، ولوبان خارج المنافسة بحصولها على 24 بالمائة. واستفاد إيمانويل ماكرون من رغبة الناخبين في تجديد الحياة السياسية في فرنسا، إذ نجح خلال بضعة أشهر في جمع حوالى 200 ألف مؤيد ضمن حركته «إلى الأمام!» التي تنتهج خطا لا ينتمي إلى اليمين ولا إلى اليسار. ونجح ماكرون في طرح نفسه في موقع الرجل الثالث في الانتخابات، بعد دعم بايرو له (65 عاما)، وهو الوسطي المستقل وأحد السياسيين المخضرمين الذي سبق أن خاض ثلاثة انتخابات رئاسية في 2002 و2007 و2012. وكتبت صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية «في وقت تحيط الشكوك بقدرة إيمانويل ماكرون على تولي المنصب الرئاسي، جاء فرانسوا بايرو، ليؤيد «الصغير»، ويقول إنه أصاب في تحليله لمخاوف الفرنسيين وتصاعد الانقسامات الجديدة». ورأت الصحيفة أن الإحساس بـ»خطر مارين لوبن»، بلغ مستوى بات يثير «توترا ملموسا» حتى في الأسواق المالية، إلى حد أن إعلان خبر التحالف بين بايرو وماكرون انعكس على الفور على سعر اليورو، فدفعه إلى الارتفاع. اليسار ينتفض دفاعا عن القضاء تحت عنوان «اليسار يتوحد للدفاع عن القضاة»، قالت «لوفيغارو» إن «اليسار تكلم بصوت موحد، مستغلا الفرصة الذهبية التي شكلها هجوم فيون على العدالة، وتشبثه بترشيحه، حيث قال الرئيس الفرنسي في بيان له «إن الترشيح للانتخابات الرئاسية لا يسمح بتوجيه الشكوك حول عمل الشرطة والقضاة، وخلق جو من التشكيك غير المتطابق مع روح المسؤولية، بل وأكثر من ذلك، الرمي باتهامات خطيرة جدا ضد العدالة وضد المؤسسات». وأكدت كريستيان توبيرا، وزيرة العدل السابقة أن «القانون هو نفسه بالنسبة إلى الجميع، مدافعة عن مبدأي استقلالية القضاء وقرينة البراءة. ورفض المرشح المستقل ووزير الاقتصاد الفرنسي السابق إيمانويل ماكرون بدوره ما طرحه فيون حول أهمية اعتماد هدنة قضائية إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسيـة، منتقدا ما وصفه بفقدان الأعصاب. وانتقد جان لوك ميلنشون، مرشح أقصى اليسار تمسك فيون بترشحه، معتبرا أن ما يجري وضع غير صحي ولا يخدم الديمقراطية، مشيرا إلى أن «بينلوب غيت» تطرح أكثر من أي وقت مضى ضرورة إعادة بناء شاملة للمؤسسات، في أفق تغيير النظام». يقول ملينشون «فيون يطلب الفرنسيين بالتصويت له بالمناعة، وهذا ليس مبدأ الانتخاب». أما المرشح الاشتراكي بنوا هامون، فأدان ما أسماه العنف المثير الذي صدر عن رئيس الوزراء السابق، حين أكد أن السياسيين أصبحوا ضحايا لتوطؤ إعلامي وسياسي وقضائي. إعداد: برحو بوزياني

فيـون ولوبـن… مرشحـان فـي قبضـة العدالـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"البلوكاج" يعلق مشروع تأهيل 70 مستشفى

"لاكريموجين" بثانوية بمراكش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات