المغرب خلق نموذجا تنمويا إفريقيا

الروداني الشرقاوي الخبير الجيو إستراتيجي قال إن على بريتوريا والجزائر استيعاب قيادة المغرب لإفريقيا قال الروداني الشرقاوي، الخبير الإستراتيجي في الشؤون الإفريقية، إن المغرب تمكن من صناعة نموذج تنموي براغماتي سيساعد الدول الإفريقية على تحقيق نقلة نوعية في مجال التنمية البشرية، في إطار توطيد علاقات جنوب- جنوب على أساس منطق رابح- رابح، وفي ما يلي نص الحوار: < ماهي الأبعاد و الدلالات الإستراتيجية للزيارات الملكية لعدد من الدول الإفريقية ؟ < لا بد من التذكير بأن الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس، إلى زامبيا و غانا تأتي في سياقات معينة مرتبطة أولا من جهة بالدينامية التي تعرفها العلاقات المغربية الإفريقية والتي أسست المحاور إستراتيجية براغماتية جديدة مرتبطة بالفعل الاقتصادي والتنموي، ثم كذلك التزام المملكة المغربية بمقاربة شمولية تنبع من التوجهات الإستراتيجية للسياسة الخارجية للمغرب. وفي هذا الصدد فإن زيارة جلالة الملك لجنوب السودان تعد محطة تاريخية بامتياز نظرا لطبيعة الفضاء الجيوسياسي لهذا البلد وتدافع المصالح في منطقة تعرف تجاذبات جيو إستراتيجية دولية. كما أن الموقف السياسي لجنوب السودان المعبر عنه من قبل الرئيس سلفاكير ميرانديت بخصوص مسألة الوحدة الترابية للمملكة المغربية، كان ضربة قوية للخصوم الذين حاولوا منذ 2011 تشبيه الحالات و خلط الأوراق لوقائع تاريخية مختلفة. ثم إن هذه الزيارات تأتي بعد عودة المغرب إلى الإطار المؤسساتي للإتحاد الإفريقي، وهو ما يبرز استمرارية النهج الإستراتيجي غير المرتبط بأهداف زمانية ومكانية ذاتية. إلى جانب أن زيارة جوبا وأكرا ولوساكا هي محدد للمكانة الجديدة للمملكة المغربية داخل القارة و تظهر في العمق درجة التحولات الهيكلية في العقلية السياسية والاقتصادية والثقافية داخل القارة. كيف يمكن للمغرب تعزيز حضوره الاقتصادي و الدبلوماسي في دول كغانا و زامبيا و فضاءاتهما الإستراتيجية ؟ < الاتفاقيات المبرمة بين المغرب وهذين البلدين المنتميين لبيئتين إستراتيجيتين لهما خصوصيات مرتبطة بطبيعة المعادلات الجيوسياسية المؤطرة للتدافعات والعلاقات الإقليمية، ذات أهمية كبيرة. فدولة غانا تنتمي إلى فضاء دول غرب إفريقيا والتي لها علاقات مهمة جدا وتاريخية مع المغرب. إلى جانب أن حدود غانا مع كوت ديفوار، و بوركينافاسو والتوغو مهمة جدا بحكم التميز الذي يطبع علاقات المغرب مع هذه البيئة الإستراتيجية. هذه الدول تنتمي إلى تكتل اقتصادي إقليمي واعد ( التجمع الاقتصادي الدول غرب إفريقيا) . المغرب من خلال خبرته وعلاقاته القوية في الشركات العابرة للقارات، قادر على أن يساهم في تعزيز علاقات التعاون المثمر، كما أن حجم المبادلات داخل هذا التجمع يمكن أن يتعزز من خلال المبادرات التي أطلقها جلالة الملك مع الرئيس النيجيري، محمد بوخاري. وفي ما يخص زامبيا فإن طبيعة الاتفاقيات المبرمة تظهر أن هناك تملك للتجربة المغربية و أن هناك آفاقا أخرى للتعاون المشترك بين البلدين. إن العلاقات الثنائية القائمة بين المغرب وزامبيا ستكون لها انعكاسات إيجابية على المستوى الاقتصادي و الدبلوماسي، بحكم أن منطقة الجنوب الإفريقي كانت حكرا على خصوم المملكة المغربية. وقراءة في طبيعة التجاذبات الجيوسياسية في هذه المنطقة، بوتسوانا مع ناميبيا وزمبابوي ثم كذلك الملاوي مع الموزمبيق إلى جانب محور ناميبيا أنغولا، قد تساعد على فهم مستويات تحركات الخصوم خاصة جنوب إفريقيا و الجزائر، و بالتالي خلق إستراتيجية مضادة من خلال التفاعل الإيجابي مع إرهاصات المحطات القادمة في هذا الفضاء الجيوإستراتيجي. ولا ننسى أن العلاقات المغربية التنزانية و النجاحات التي حققتها الشراكة الإستراتيجية بين البلدين جعلت المغرب بلد التأثر الإستراتيجي بمقاييس قوة جديدة . < كيف يمكن لباقي المؤسسات المغربية من برلمان وأحزاب ونقابات ومجتمع مدني التفاعل مع سرعة عمل الملك ؟ < دور كل هذه الهيآت والمؤسسات يبقى مهما وحيويا شريطة الاستثمار في العنصر البشري من خلال التمكن من الثقافات الإفريقية. افريقيا قارة لها إمكانيات كبيرة ولكن كذلك ليست مناطقها سهلة الإدراك، وهو ما يستوجب الاهتمام سياسيا و اجتماعيا وثقافيا بالعناصر المكونة لمناطقها، وهذا دور الهيآت المذكورة. وعلى الأحزاب السياسية الإنصات الكبير للرسائل الملكية كتلك التي كانت في خطاب دكار. ثم كذلك لا بد من أن تساير السياسة الحكومية التعليمية هذا التوجه الإستراتيجي نحو إفريقيا من خلال برامج تعليمية تغني الموروث الثقافي المغربي في علاقاته مع دول القارة. الدبلوماسية الموازية يمكن أن تلعب دورا كبيرا في توطيد العلاقات المغربية الإفريقية، وذلك بالانخراط الجاد واستشراف مبادرات مكملة. إذا كان المثقف العضوي هو مؤطر امتدادات الأحزاب داخل المجتمع، فإن الدبلوماسية الموازية يجب أن تتحمل مسؤولياتها في المساهمة الفعلية في تثبيت التراكمات العمل على تنزيل الفلسفة الملكية المتجسدة في خلق تنمية مستدامة داخل القارة. < ما هي بوادر تملك الدول الإفريقية للإستراتيجية الملكية المتجسدة في تثبيت مقاربة تعاون جنوب- جنوب و ماهي أهم التحديات في إنجاحها؟ < لا بد من الإشارة إلى أن القارة الإفريقية عانت كثيرا من مخرجات الصراعات السياسية الدولية خاصة تلك التي كانت إبان الحرب الباردة. أعتقد أن هناك وعيا إفريقيا ودوليا بأهمية خلق فرص النجاح داخل القارة. والمغرب منذ انسحابه من الإطار القديم للإتحاد الإفريقي، حرص على خلق علاقات ثنائية متميزة مع دول عدة واستثمر في خلق نماذج للعلاقات جنوب جنوب براغماتية ونموذجية. كل هذا كانت له انعكاسات إيجابية على مستويات نقط التقاء المصالح المشتركة بين القارات. والكل اليوم في العالم يتكلم عن الهجرة غير الشرعية، عن الأمن و الاستقرار في القارة الإفريقية، وفي المقابل المنتظم الدولي عاجز عن إيجاد حلول لأن المشكل مرتبط بأزمات مركبة. والمغرب استطاع فرض إيقاع تنموي مندمج داخل إفريقيا، وعلى الدول الصناعية الكبرى تملكه. ويعتبر المغرب اليوم نموذجا واقعيا قادرا على إحداث جسور الثقة بين القارة الإفريقية و الأوربية. ومساندة أكثر من 39 دولة إفريقية للمملكة قصد العودة إلى الإطار المؤسساتي الإتحاد الإفريقي، تبرز قوة النموذج المغربي كذلك وأهميته في المعادلات الإستراتيجية الجديدة لهذا أعتقد بأن المغرب أصبح فاعلا أساسيا بحكم الواقع و الفعل الاقتصادي داخل القارة الإفريقية . رؤية جلالة الملك انتصرت < هل سيتمكن المغرب من خلخلة المعادلات المتحكمة في الاتحاد الإفريقي، وما مستقبل السياسات المعاكسة للوحدة الترابية داخل الاتحاد؟ < في قراءة للتوزيع الجغرافي للدول الداعمة لعودة المغرب إلى الإطار المؤسساتي للاتحاد الإفريقي وربط ذلك بمحور الخصوم، يتبين أن رؤية جلالة الملك انتصرت على التيار المناهض للوحدة الترابية. كما أن الأزمات السياسية الداخلية لجنوب إفريقيا والجزائر تبرز أنهما من الصعب عليهما مسايرة الإيقاعات التي فرضها المغرب على جبهات متعددة. فمن خلال النقاشات المطروحة اليوم داخل القارة يتبين أن التيار البراغماتي السياسي الذي يذهب إلى ضرورة البناء والتنمية المستدامة كإستراتيجية قارة للنهوض بالإنسان الإفريقي الذي أصبح يتوسع أكثر في مواجهته لذلك يعيش على موروث الصراعات السياسية التي تشرب من الحرب الباردة. والقارة الإفريقية تعيش على هدوء حذر و الصراعات الجيوسياسية الكلاسيكية في طريقها إلى الانقراض. وهناك بعض الدول تريد فرض واقع جيوسياسي ذاتي في مناطق معينة كالجزائر في شمال إفريقيا و دول الساحل الإفريقي و جنوب الصحراء من خلال شمال مالي وليبيا. هذا الأمر أصبح لا يستهوي دولا كثيرة في القارة . والمشاكل التي تعيشها جنوب إفريقيا في علاقاتها مع دول الجوار تفرض اليوم على بريتوريا تغييرا جذريا في فلسفتها داخل الاتحاد الإفريقي زيادة على عدم قدرتها على مسايرة المستجدات الاقتصادية الدولية . كل هذا وفي تمحيصه يستشف أن الاتحاد الإفريقي سينتصر فيه تيار البناء الجماعي البراغماتي المبني على تحقيق أهداف التنمية البشرية. في سطور - خبير و باحث في الشؤون الإستراتيجية والأمنية الإفريقية - متزوج أب لطفلين - دكتوراه جامعة بواتييي، فرنسا - نائب برلماني سابق - عضو سابق بالجمعية البرلمانية للدول الفرنكفونية - عضو سابق باللجنة السياسية لبرلمانات الجمعية الإفريقية أجرى الحوار: أحمد الأرقام

المغرب خلق نموذجا تنمويا إفريقيا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنحمو: العودة تطلبت سنوات

بوليف يمدد لفوضى "التريبورتور"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات