هكذا تمرد سجناء عكاشة

إطلاق النار والغاز المسيل للدموع أجهض مخطط أكبر عملية فرار من إصلاحية السجن المحلي كانت ليلة غير عادية بمركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع أول أمس (الخميس)، لم يتوقع الجميع أن يكون خبر اندلاع النار بزنزانة، ونقل 16 سجينا إلى المستعجلات بسبب الاختناق، سيتحول إلى تمرد وعصيان، على شاكلة الأفلام الأمريكية. الكل وضع يده على قلبه وتوقع الأسوأ في حال نجاح السجناء الأحداث في الفرار، سيما بعد أن أبدوا عدوانية كبيرة تجاه الأمن، لكن النجاعة الأمنية أتت أكلها، وإن فرضت استعمال أسلحة نارية وغازات مسيلة للدموع، لإنهاء التمرد الذي خلف جرحى بين الطرفين. إنجاز: مصطفى لطفي - تصوير: (أحمد جرفي) الساعة تشير إلى الثامنة مساء، حركة غير عادية أمام بوابة مركز الإصلاح والتهذيب، رغم أنه لا أثر للنيران، ما يكشف السيطرة عليها، لكن الحضور الأمني الكبير، خصوصا قوات التدخل السريع "البلير"، وتوافد مسؤولين كبار في الأمن والدرك والوقاية المدنية، ومندوبية السجون، ينبئ أن هناك أمرا ليس على ما يرام، سيما عندما طلب من فرقة أمنية استعجال الدخول إلى المؤسسة. بعد فترة ليست طويلة، غادر جميع المسؤولين والموظفين السجن، هنا أدرك الحضور أن الوضع خرج عن السيطرة، لم تدم سوى ثوان حتى تأكد الأمر، عندما شرع العشرات من السجناء في رشق القوات العمومية التي حاولت منعهم من فتح البوابة الكبيرة للسجن. وقع ارتباك كبير لدى الأمنيين، بسبب العدوانية المفرطة للسجناء، الذين استعانوا بأحجار كبيرة في رشقهم ما خلف إصابات في صفوفهم، واستغل بعض السجناء تراجع الأمنيين وحاولوا الفرار، فتدخل شرطي وأطلق رصاصات في الهواء، أجبرتهم على التراجع. في خضم هذه المواجهة ستصل أخبار عن محاصرة سجناء لأمنيين وموظفين ظلوا عالقين داخل السجن، الكل تخوف من تعرضهم لمكروه. هرول حراس السجن إلى البوابة المخصصة لزيارة العائلات، وأنقذوهم من موت محقق، بعد أن كاد السجناء أن يطبقوا عليهم، ما دفع عددا منهم إلى إشهار مسدساتهم استعدادا للدفاع عن النفس. واصل السجناء مواجهتهم للعناصر الأمنية بكل عنف وعدوانية، وشرعوا في إضرام النار في سيارات ومرافق المؤسسة السجنية. في ظل هذه الظروف سيحضر نجيب كراني عامل مدير الشؤون العامة بولاية جهة البيضاء سطات، سلم له أمني خوذة، وظل يتابع الوضع محاطا بأمنيين. واصل المتمردون مواجهتهم للعناصر الأمنية من أجل الفرار من البوابة، لكن شجاعة الأمنيين، أجهضت مخططهم، ما دفع عددا منهم إلى الصعود إلى سطح المؤسسة محاولين الفرار، غير أن فرقة أمنية تمكنت من رصدهم، فشرعوا في رشقها بالحجارة، وفي تلك اللحظة ستهتز المؤسسة على وقع انفجار كبير، اضطر معه السجناء إلى مغادرة السطح، وبعدها بدقائق دوي انفجار ثان مشابه، وراجت الأخبار أنه ناتج عن انفجار قنينتي غاز كبيرتين. أجبرت هذه التطورات الخطيرة حضور جميع المسؤولين البيضاويين إلى المؤسسة السجنية ومتابعة تطوراتها، على رأسهم خالد سفير، والي الجهة وحسن مطر، الوكيل العام للملك وعبد الله الوردي، والي أمن البيضاء، وبعد مدة زمنية وصل محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون. اتخذ الأمر منحى خطيرا، بعد صمود العناصر الأمنية، إذ استغل السجناء وجود شاحنة إطفاء داخل المؤسسة، ونجحوا في تشغيل محركها، محاولين دهس البوابة، ما اضطر رجال الشرطة إلى إطلاق النار، فتخلى عنها السجناء، قبل أن يعيدوا الكرة، فأطلقت عليهم أعيرة نارية مجددا. وتبقى أهم اللحظات العصيبة التي عاشتها المصالح الأمنية، عندما أغلق السجناء باب السجن، وهو ما أربك المسؤولين الأمنيين، إذ تقدمت عناصر "البلير" أمام البوابة وأشهرت مسدساتها استعدادا لأي مفاجأة. وبعد صمت رهيب، داهمت شاحنة الإطفاء البوابة، فأطلق عليها عنصر من "البلير" النار لإيقاف سائقها، في حين تكلف زملاؤه بإطلاق النار على البوابة المفتوحة لمنع فرار السجناء. واصلت الشاحنة مسارها أمام أنظار العامل كراني، إلى أن اصطدمت بنخلة، وخلال معاينتها تبين أن سجناء وضعوا حجرا على دواسة البنزين. وأمام هذه المستجدات الخطيرة، حلت فرقة خاصة تابعة للبيضاء وأخرى من الرباط، وصدرت تعليمات لجميع العناصر الأمنية باقتحام المؤسسة السجنية، إذ سمع صوت مسؤول أمني يصيح "اللي كاين ادخل". واجههم المتمردون بشراسة، لكن دون جدوى، فاستسلم عدد منهم، لتشن حملات تفتيش لبعض المرافق حيث عثر على عدد من السجناء مختبئين، كانوا يحملون حقائب على ظهورهم استعدادا للفرار، كما تمكن شرطي من إجهاض محاولة فرار أخرى، عندما ضبط سجينين يحاولان حفر سور المؤسسة بآلة للحفر. وقرب بوابة السجن، عثر على سجين فاقدا للوعي، إذ تم إسعافه، في حين نقل عدد من زملائه إلى أحد المرافق، حيث تم تجميع جميع الموقوفين. غضب الوكيل العام عاينت "الصباح" غضبة كبيرة لحسن مطر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، وهو يتحدث للعامل نجيب الكوراني، إذ احتج الوكيل العام على عدم إشعاره من قبل مسؤولي السجن بالأمر، إلا بعد أن فقدت السيطرة على السجناء. تكلفت الفرقة الأمنية الخاصة باقتحام جناح الزنازين، تمكنت من السيطرة على الوضع داخله، بعد استسلام العشرات من السجناء، وداخل جناح للسجناء عثر على حارس سجن مصاب، ظل عالقا بعد تمرد السجناء، ونقل لتلقي الإسعافات. عاث السجناء فسادا وخرابا بكل مرافق المؤسسة السجنية، كما أضرموا النار في حافلة وسيارتين ودراجات نارية في ملكية موظفي السجن. توجهت العناصر الأمنية، تتقدمها الفرقة الخاصة، إلى باقي مرافق السجن، خصوصا أقسام الدراسة والتكوين المهني، للسيطرة عليه، حيث واصل بعض السجناء تمردهم، وظلت هذه المواجهة مستمرة إلى حدود الحادية عشرة ليلا، فأعلن إنهاء حالة التمرد بشكل كلي. اضطر الأمنيون إلى مواجهة احتجاجات أسر المعتقلين، بعد أن دخلت أمهات في بكاء وهيستيريا، إثر تسرب إشاعات عن وجود وفيات ومصابين بحروق، إذ رغم طمأنة مسؤول أمني أن الأمر تحت السيطرة ولا وجود لقتلى، إلا أن الأمور كادت أن تأخذ منحى آخر بعد أن حاول أشخاص رشق الأمنيين بالحجارة الأمر الذي دفعهم إلى الاستعانة بآليات مخصصة لمكافحة الشغب. بعد السيطرة على المؤسسة السجنية، وصلت شاحنات مخصصة لنقل السجناء، إذ تقرر نقلهم إلى مؤسسات سجنية أخرى، من بينها عين البرجة مؤقتا، إلى حين إعادة إصلاح وترميم المركز.

هكذا تمرد سجناء عكاشة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزمة بين بنعبيشة ورئيس الكوكب

"ليلة الأروقة" في نونبر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات