مقدمون وشيوخ ضحايا التعليمات الشفوية

متابعون في ملف الهراويين بعد مقتل طفل عجزوا عن تقديم وثائق تؤكد صدور تعليمات عن القائد "راه القايد هو لي قال لينا سيرو رايبو هذه البراكة، احنا ما دارناش شي حاجة من راسنا" يقول أحد أعوان السلطة إلى رئيس الهيأة التي كانت تشرف على ملف الطفل عثمان الذي لقي مصرعه، بعد أن سقط عليه جزء من الحائط. تحدث عون السلطة وكان أمله كبير أن يتفهم رئيس الهيأة كلامه، وأراد أن يوصل فكرة واحدة فهو ما كان ليتدخل لو لم يطلب منه القائد ذلك، كما أن عدم تنفيذ هذا الأمر كان سيكلفه كثيرا، غير أن رئيس الهيأة لم يبال بهذا الكلام وأخبره أنه يتعامل مع وقائع محددة، وأن القائد لم يطلب منه عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.رجع عون السلطة إلى الخلف وبقي يتابع أحداث هذه الورطة التي وجد نفسه فيها، بعد أن توبع، رفقة بعض أفراد القوات المساعدة، بتهم «القتل والجرح غير المتعمدين»، كما تأمل وضعه ووضع زملائه أعوان السلطة الذين يجبرون على تنفيذ أوامر شفوية ويسألون عنها في حال وقوع حوادث أو أشياء غير منتظرة. دفاع المتهم بدوره اعتبر أن عون السلطة نفذ تعليمات القائد الذي طلب منه هدم البناية التي شيدت بطريقة عشوائية، كما نفى نيته ارتكاب الجريمة، مؤكدا كلامه بإصابة أحدهم خلال عملية الهدم.وطالب الدفاع من هيأة المحكمة أن تستدعي القائد وتستفسره عما إذا كان قد وجه بالفعل تعليماته إلى عون السلطة أم لا، غير أن المحكمة رفضت الطلب وكان تريد بذلك أن تقول أن عون السلطة يجب أن يتحمل عواقب تعليمات رئيسه المباشر في العمل.وإذا كانت هيأة المحكمة في قضية عثمان قد اكتفت بتوجيه رسالة إلى المتهمين مفادها مسؤوليتهم عن أفعالهم رغم صدور تعليمات عن القائد، فإن هيأة أخرى في ملف البناء العشوائي بالهراويين، طلبت من بعض المقدمين والشيوخ، الذين قالوا إن ما قاموا به هو تعليمات من القائد، أن يدلوا لها بوثيقة تؤكد أن القائد بالفعل أمرهم بذلك.حاول المقدمون والشيوخ ودفاعهم شرح طبيعة عملهم وعلاقتهم الملتبسة بالوزارة، كما أكدوا أن القائد لا يسلم إليهم وثائق بل كل التعليمات تكون شفوية، غير أن الهيأة لم تعر ذلك اهتماما.أحس المقدمين والشيوخ في القضيتين معا أنهم كمن يفرغ الماء في الرمل، وأنه حينما تقع الواقعة "ستمسح" فيهم لا محالة، وأنه لا دليل لديهم يعفيهم من المساءلة القانوينة أمام المحاكم التي لا تعترف سوى بالوثائق، مثلما أحسوا أن الإدانة معلقة على رقبة كل واحد منهم، وأن أي خطأ سيلصق بهم.لم يكن أمام المقدمين والشيوخ المتابعين في ملف الهراويين ومقتل الطفل عثمان بعد تدخل لهدم بناء عشوائي بدار بوعزة سوى الانتظار، قبل أن تأتي الإدانة بعد أن أنهت الهيأة جميع أطوار المحاكمة، وتقررت إدانة المتابعين في ملف الطفل عثمان بعقوبات حبسية تراوحت بين ثلاثة وثمانية أشهر حبسا نافذا، بالإضافة إلى تعويض مدني قدره 120 ألف درهم يؤدونها بالتضامن، بعد أن توبعوا بتهم "القتل والجرح غير المتعمدين والمشاركة والارتشاء، وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر.الإدانة طالت كذلك 12 مقدما وشيخا بالهراويين، وامتد مفعولها إلى البعض حتى بعد قضائهم العقوبة الحبسية، إذ أنهم حرموا من راتبهم الشهري ليجدوا أنفسهم اليوم مضطرين للقيام بوقفات احتجاجية من أجل تحقيق المساواة في التعامل معهم.هاتان حالتان دليلان على ما يقع يوميا للمقدمين والشيوخ، فهم كبش فداء لا يتوانى بعض القواد في "التضحية" بهم كل ما وقعت مصيبة، وهو وضع لم يعودوا راضين عنه، ويطالبون اليوم بتقنين اختصاصاتهم، وبالأساس إنهاء التعليمات الشفوية. الصديق بوكزول

مقدمون وشيوخ ضحايا التعليمات الشفوية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أعوان السلطة... اختصاصات متعددة ورواتب هزيلة

أعوان السلطة والاستخبارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات