انتعـاش أنشطـة سـوق الغـش

تلاميذ يبحثون عن ״العدسة״ في درب غلف وتجهيزات إلكترونية تؤمن الحصول على ״الباك״ مع اقتراب حلول موعد اجتياز امتحانات الباكلوريا برسم الموسم الدراسي الحالي، ينشط سوق الغش، ويستقطب بشكل متزايد، عددا مهما من التلاميذ الذين اختاروا اللجوء إلى «النقلة» لتجنب الرسوب، وضمان الحصول على الشهادة المنشودة. يمضي بعض الطلبة ساعات النهار بحثا عن أحدث أساليب الغش، التي تتيح تسريب الدروس إلى غرفة الامتحان بشكل سري، يعجز المراقبون عن اكتشافها. رهان صعب، لا يبخل بعض التلاميذ، وحتى أولياء الأمور، بالوقت والمال، من أجل تجاوزه، والغاية دائما النجاح في «الباك»، الذي تحول بالنسبة إلى أغلب التلاميذ إلى هاجس يصعب التخلص منه، ومصدر ضغط نفسي واجتماعي ينوء الشباب الفتي بحمله.في سوق درب غلف الشهير بالبيضاء، يسارع أربعة شباب الخطى بين ممراته الضيقة، بحثا عن حميد، استنادا إلى توصيات من أصدقاء، أملا في الحصول على «العدسة»، وهي جهاز إرسال واستقبال إلكترونيين، صغير جدا، لدرجة أن تثبيته في الأذن واستخراجه منها، يتطلب تدخل طبيب في أحيان كثيرة. الشبان المنهكون من حر النهار، وجدوا دكان مزودهم المنشود بصعوبة بالغة، ويأملون ألا يرفع السعر عن المتفق عليه عبر الهاتف، فإمكانياتهم المالية لا تسمح بذلك. يبادر التاجر بالسؤال حول عدد الأجهزة التي يحتاجونها، ويذكرهم بثمن الكراء الذي يتراوح بين ألف درهم وألفين خلال فترة الامتحانات، مع عدم توفير معالج الأجوبة، والمقصود هنا، الشخص الذي سيتلقى الأسئلة على جهاز استقبال، سيكون مثبتا على مسافة قريبة من فضاء الامتحانات، وسيعالجها في الحين، ويزود التلميذ بالأجوبة الصحيحة.يسترسل الشباب الأربعة في سؤال التاجر حول كيفية الاستخدام، وطريقة إخراج الجهاز من الأذن، فيرد بأنه سيتكفل شخصيا بتثبيته، وسيستخدم قطعة مغناطيس لاستخراجه من مكانه، إلا أن أحدهم لم يقتنع بالعرض وظل متمسكا بخطة خاصة به، تهم استخدام ساعة «آبل واتش»، في نقل صور لقصاصات الدروس على الإيمايل، ثم الشروع في تصفحها خلال الامتحان في غفلة من المراقبين، وهي الفكرة التي رافقت أحد زملائه، ففكرة إقحام جهاز في الجسم غير مأمونة المخاطر دائما، يقول عدنان، مرشح لامتحان الباكلوريا.وعن إهدار الزمن في البحث عن أساليب غش احتيالية، لم يتردد هذا الشاب وزميله نبيل، في التأكيد بنبرة تحد، على أن الترهيب الذي فرضته وزارة التربية الوطنية على التلاميذ، من خلال إجبارهم على توقيع التزامات بعدم الغش في الامتحانات لن يؤثر فيهم، الأمر الذي علق عليه عبد الله، حارس عام متقاعد بإحدى الثانويات العريقة بالبيضاء، بتذمر، موضحا أن الوزارة أخطأت حين اعتمدت مقاربة الترهيب في مكافحة مظاهر الغش في الاختبارات، ذلك أن أغلب المقبلين على الامتحانات في مرحلة عمرية حساسة (المراهقة)، ولا يفترض التعامل معهم بمنطق سلطوي وصائي، مشيرا في المقابل، إلى وجوب اعتماد الحوار والتوعية بديلا عن ذلك.وبغض النظر عن الأساليب الحديثة في الغش، المشار إليها سلفا، يظل الإقبال متواصلا على الاساليب التقليدية، المتمثلة في «التصغير»، أي نسخ الدروس بشكل مصغر وإخفاء النسخ في شكل «حروز» أو «حجابات»، تستل خلال الامتحان في غفلة من المراقبين، الذين يظلون متربصين بكل محاولة غش، يقول الإطار التربوي السابق، مشددا على أن المراقب خلال فترة الامتحان، يكون متمرسا على قراءة تعابير وجوه التلاميذ ويستشف كل متوتر منها، ويرفع مستوى الشكوك اتجاه مرشحين معينين.بدر الدين عتيقي

انتعـاش أنشطـة سـوق الغـش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أنصفوا ابني اليتيم

خيرية الناظور...ماكياج فوق بشاعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات