“الحج” أسهل طريق للنصب على الضحايا

متهمون يبدعون حيلا للإيقاع بضحاياهم وأحدهم نصب على محام وميسورين يبدع النصابون حيلا مختلفة للإيقاع بضحاياهم، تتلون بألوان دينية أحيانا والظهور بمظاهر الورع والتقوى والتدين، وصورا مشوهة لشخصيات ماكرة مسكونة بحب الذات، تنهب جيوب المغرر بهم من "السذج" وضحايا "الطمع".قصص مثيرة كثيرة لأشخاص ضخموا من هالة شخصيتهم كسبا لثقة المنصوب عليهم، قبل إسقاطهم في فخ مكرهم وساديتهم وسلبهم أموالهم بإرادتهم دون حاجة إلى إكراه، وآخرون ادعوا شغل المناصب السامية أو القرابة من مراكز القرار لإغراء ضحاياهم وتسهيل النصب عليهم. وطالما أن الحج لم يعد ممكنا إلا ب"القرعة"، فبعض النصابين استغلوا الوضع للإيقاع بالراغبين في أداء هذا الركن من الإسلام، بادعاء قدرتهم على تسجيلهم ضمن المستفيدين ضمن البعثة الدبلوماسية أو وفود القصر الملكي، مقابل مبالغ مالية ترتفع حسب شأن ومركز المستهدف.ويعتبر "الشريف د الرباط" واحد من أشهر النصابين المعروضة ملفاتهم على محاكم فاس، بعد نصبه على أشخاص بداعي الحج ونحو 120 شابا من 8 مدن وقرى بمناطق الأطلس المتوسط، وعدهم بالتشغيل في التعليم والدرك والأمن والقوات المساعدة، قبل تبخر أحلامهم. وبفضل دهائهم استطاعوا الإيقاع بشخصيات بارزة بينها نقيب سابق للمحامين مسؤول حالي باتحادهم الدولي، سلبه شخص في عقده الخامس، يلقب ب"شريف القصر" لادعائه المتكرر صفة الموظف السامي، ثمانية ملايين سنتيم بداعي إرسال أخته للحج دون حاجة للمرور بعقبة القرعة.ولم يكن المحامي ضحيته الوحيد، بل أسقط للسبب نفسه (الحج)، ميسورا مراكشيا وعده بسفرية مجاملة من القصر لأداء مناسك الحج، مقابل مليوني سنتيم، مقابل 10 ملايين لتاجر تمور بفاس الجديد، و6 ملايين أداها مواطن رباطي بداعي تسهيل شرائه شقة بالسعودية. واستهدف هذا "النصاب"، علية القوم ممن أوهمهم بإرسالهم للحج ضمن وفود القصر، عكس جندي معزول نصب على فلاحين بمولاي يعقوب وزوجة أحدهما، مكنوه على التوالي من 5 و7 ملايين سنتيم، بداعي تسجيلهم للحج ضمن بعثة ديبلوماسية قبل أن يتبخر حلمهم بمرور الأيام.لكن فطنة المتهم المتزوج بجندية، الذي نصب على شخص آخر في 20 مليون بداعي توفير دواء للقصور الكلوي لزوجته، ودهاءه لم ينفعاه في شيء لما وجد نفسه بين أسوار سجن عين قادوس، متابعا في ملف أدين فيه من قبل المحكمة الابتدائية بفاس بأربع سنوات حبسا نافذا. ويستغل أمثاله سذاجة وثقة ضحاياه ممن يختارهم بعناية ودقة ويتدارس ظروفهم ودرجات تفكيرهم لتسهيل الإيقاع بهم دون عناء كبير رغم ما قد يتطلبه الأمر من وقت يتضاعف وفق الحالات المنصوب عليها، قبل أن يباشر التخطيط لذلك، بعدما يوهم الجميع بجديته وتقواه.وعادة ما يحيط النصاب نفسه بهالة وتمجيد وقد لا يدخر جهدا لتسخير الآخرين لرسم صورة جميلة عنه، بصفته ومهنته المنتحلة وتقواه ومواظبته على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها وبالمسجد الأقرب أو الأشهر، بل يصر على مرافقة كل مستهدف، لتبيان مثل هذه الخصال المزيفة. وذاك حال الفلاحين المنصوب عليهم في المبالغ المالية وعجل مقابل وعد متبخر بالحج، وكان "الناصب" عليهما، حريصا على الصلاة في مسجد ووضعهم في صور ومواقف تظهره نفوذ لباسا وقولا وعلاقة بإدارات بينها مصالح الأمن التي كان يتردد عليها رفقتهم أحيانا.وتلك حيلة نهجها "شريف القصر" بدوره، الحريص على الظهور بلباس أنيق يصنفه ضمن "الناس المهمين"، ويؤدي الصلاة بأهم وأشهر مساجد فاس التي طالما أنعم على المتوسلين والمتسولات الجاثمين قربها، بمبالغ مالية يوزعها عليهم كلما اقتضت الضرورة ولاحظ اهتماما جماهيريا به.كل ذلك لأجل أن يظهر لمشاهديه بصفة "المسؤول السامي" القادر على مساعدتهم عند الحاجة، دون أن يتخاذل في توزيع سندات محروقات خاصة بالقصر، هدايا لبعض ضحاياه وشخصيات، مع تغليب صورته "الدينية" والتقية، على كرمه طالما أن الإنسان الورع محبوب لدى الناس. وكان "الشريف د الرباط" ابن سلا، كذلك يرتاد باستمرار رفقة والده، زوايا دينية معروفة، للاحتكاك بالسكان وإبداء الكرم الحاتمي الذي لم يكن إلا طعما ملغوما للإيقاع بضحاياه المتوهمين بقدرته على حل مشاكلهم ومد يد العون إليهم ولو كان ذلك بمقابل وفي ظروف غامضة.وعمد في البداية إلى تأسيس جمعية أسماها "جمعية مجلس الشرفاء العلويين" ونصب نفسه مندوبا لها في جهة فاس بولمان وممثلا للطريقة التيجانية بفاس، ليظهر بمظهر "الرجل التقي والورع والمتفاني في خدمة قضايا الناس الفقراء والمحتاجين بمختلف المناطق". لكن كل تلك المظاهر الخادعة لم تنفعه كما سابقاه، في شيء بعد اعتقالهما ومحاكمتهما بتهم مختلفة ذات صلة بالنصب والاحتيال وانتحال صفات والتزوير، سيما أمام أهمية الوثائق المعثور عليها بما فيها جوازات السفر، أثناء تفتيش منزلهما بأمر من النيابة العامة بابتدائية فاس.حينئذ لا ينفع إلا الحصول على تنازلات من الضحايا، قد تخفف العقوبة دون أن تلغيها، كما حدث مع "شريف القصر" الذي يسابق أقاربه الزمن لجبر خاطر ضحاياه الكثيرين، لضمان تنازلهم عن شكاياتهم وطلباتهم المدنية في مواجهته، مقابل إرجاع المبالغ، كما فعل سابقه. حميد الأبيض (فاس)

“الحج” أسهل طريق للنصب على الضحايا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طرائف نصابين بآسفي واليوسفية

سياح في شرك مرشدين وهميين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات