إمارة المؤمنين…الفصل المثير للجدل

المجلس العلمي دخل على الخط والأحزاب اختلفت حول الفصل 19 تداولت الطبقة السياسية، في الفترة الأخيرة، بوتيرة مكثفة، في قضية الإصلاح السياسي والدستوري، الذي ينخرط فيه المغرب. وانتعشت الساحة السياسية الوطنية بنقاشات سياسية وفكرية موضوعها الرئيسي آفاق الإصلاح بالمغرب على ضوء مراجعة الدستور. وتشعبت الآراء والمواقف بخصوص المجالات التي يجب أن يشملها الإصلاح، وأظهرت هذه المواقف جرأة في التعبير، وفي الصراحة والوضوح، إذ تخطت الطابوهات، وتداولت حتى في الثوابت، في مقدمتها إمارة المؤمنين.المجلس العلمي الأعلى يدخل على الخطلم يكن أحد، ربما، يتوقع دخول المجلس العلمي الأعلى على خط النقاشات الدائرة، حاليا، حول الإصلاحات الدستورية والسياسية، على اعتبار أن الموضوع سياسي، بالدرجة الأولى، لكن للمجلس العلمي الأعلى رأي آخر، إذ اعتبر من واجبه أن يتدخل، باعتباره مهتم بشؤون المواطنين، وبتدبير الشأن العام تحديدا، وبإمارة المؤمنين، بصفة خاصة، التي تُعتبر ركيزة أساسية للمغرب.جاء بيان المجلس العلمي الأعلى حول الإصلاح الدستوري، في ارتباطه بإمارة المؤمنين، في الوقت المناسب، من حيث اللحظة الزمنية، عكس ما ذهب إليه عدد من الملاحظين والمتتبعين للشأن السياسي والديني بالمغرب، الذين تحدثوا عن وجود تأخير في رد فعل المجلس. فالخطاب الملكي لتاسع مارس ما يزال يُحدث تفاعلا في الساحة السياسية الوطنية، وما يزال صداه متواصلا، بفعل النقاشات السائدة في أوساط الطبقة السياسية والأكاديمية. وتحدث بيان المجلس الأعلى عن مسألة جوهرية تتعلق بإمارة المؤمنين وتشبث العلماء بها، ففي خضم النقاشات حول مراجعة الدستور، وامتدادها لتشمل الفصل 19، وبالذات مسألة إمارة المؤمنين، وجد المجلس العلمي الأعلى، نفسه "مضطرا" إلى التدخل والدلو بدلوه، للتأكيد على الأهمية التاريخية والشرعية التي تكتسيها إمارة المؤمنين بالنسبة إلى المغرب، لكن البيان لم يمر دون أن يثير ردود فعل، لدى بعض الأوساط السياسية، التي تساءلت عن خلفيات إقحام المجلس العلمي الأعلى لنفسه في ما تعتبره شأنا سياسيا صرفا، بل تعرض بيان المجلس لانتقاد أحمد الريسوني، الخبير بالمجمع الفقهي بجدة، الذي اعتبره “مجرد عموميات مكررة لا تُشفي عليلا ولا تروي غليلا”، ومتسائلا عن الغرض من إصداره، إذ يتحدث عن موضوع التعديلات الدستورية وعملية الإصلاح السياسي، وهو موضوع الساعة بالمغرب، ولكنه لم يذكر رأيه في أي شيء، ولا قدم نقدا لشيء، ولم يقدم اقتراحا ولا مطلبا، مع أن المجلس صاحب البيان اعتبر نفسه معنيا”. وأضاف الريسوني، أن أضعف الإيمان أنه كان على المجلس أن يحتج على إقصائه من تركيبة لجنة تعديل الدستور، أو يعلن عن رؤيته في الموضوع، أو أن يدعو إلى تعزيز مكانة الإسلام وشريعته في الدستور. من جهته، أكد المجلس العلمي الأعلى “اعتزاز العلماء بروح التبصر والإقدام اللذين يميزان الإمامة العظمى بالمغرب، كلما تطلب الأمر اتخاذ القرارات التي تحفظ للأمة ثوابتها وتتجاوب مع طموحها إلى مزيد من الكرامة والعزة والإنصاف”. وقال بيان المجلس إن العلماء معتزون “ومطمئنون، لإعلان أمير المؤمنين أن كل الإصلاحات المرتقبة ستأتي متوافقة مع ثوابت الأمة المتعلقة بالدين وإمارة المؤمنين”. وأوضح المجلس أن العلماء اعتبروا من واجبهم التعبير عن موقفهم، انطلاقا من مقامهم في الالتزام الشرعي بالبيعة لأمير المؤمنين، ومن حيث إنهم من القوى المؤثرة في المجتمع ماضيا وحاضرا، ومن موقع مسؤوليتهم في التبليغ والإرشاد والتوجيه، ومن حيث إنهم شهود أمام الله وأمام الناس على ما يجري حولهم. وشدد البيان على ضرورة “الإقرار بأن حالة المغرب السياسية والحقوقية، حالة متميزة بما تم إلى الآن تحقيقه من الإصلاح والإنصاف والتنمية، وبناء عليه، فلا يجوز لأحد، بأي دعوى متطرفة كانت، أن يدعو إلى الإنكار والجحود والاستنساخ، مستهينا بوعي المغاربة وقدرتهم على إدراك ما يتميزون به عن غيرهم. وأكد المجلس تشبث العلماء "بإمارة المؤمنين في وجودها الشامل وتفعيلها الكامل، واعتبارهم لها في الأمة بمثابة الروح من الجسد. الأحزاب تفادت مس الفصل 19تفادت جل الأحزاب الخوض في الفصل 19، والتداول في إمارة المؤمنين، إذ حصل شبه إجماع على أن هذا الفصل لا يطرح مشكلا، وأكدت غالبية الأحزاب أهمية إمارة المؤمنين بالنسبة إلى بلد مثل المغرب. وتحاشى حزب الاستقلال الحديث في الفصل 19، إذ أكدت قيادته أهمية إمارة المؤمنين، التي اعتبرتها أحد ثوابت المغرب، لكنها شددا على أن البرلمان هو المصدر الوحيد للتشريع. أما حزب الاتحاد الاشتراكي، فإنه أكد أن جلالة الملك هو الضامن لاستقلال البلاد، ووحدتها الترابية ولاحترام الاتفاقيات والعهود الدولية. وأبرز الحزب أن جلالته يجسد وحدة واستمرارية الأمة ومؤسساتها، معتبرا أن جلالة الملك يمارس، بصفته أميرا للمؤمنين، الإشراف على تدبير وتنظيم الحقل الديني ويضمن صيانة حقوق المواطنين والجماعات والهيئات في ممارسة شؤونها الدينية. وأعلن حزب العدالة والتنمية تشبثه بملكية ديمقراطية قائمة على إمارة المؤمنين، معتبرا أن هذه الركيزة الأساسية للنظام المغربي، شكل قوة توحيد وضامن للاستقرار وعنصر توازن وتحكيم بين مكونات المجتمع ومؤسساته. وأبرز أن إمارة المؤمنين صفة للملك لاضطلاعه بمسؤولية حماية الدين،وهو ما يقتضي دسترة المؤسسات التي يشرف عليها الملك بصفته أميرا للمؤمنين، مثل المجلس العلمي الأعلى، مع التنصيص الدستوري على استقلالية العلماء.من جهته، أكد الحزب العمالي أن جلالة الملك هو رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، وضامن وحدتها واستمراريتها، واستقلالها، وأنه يمارس اختصاصاته الدينية بصفته أميرا للمؤمنين بواسطة الظهائر، واختصاصاته الدستورية بواسطة المراسيم.في السياق ذاته، يعتبر حزب النهضة والفضيلة أن أي استشارات دستورية، ينبغي أن تضع نصب عينها أن المغرب دولة إسلامية، يتولى مقاليد الحكم فيها أمير المؤمنين بمقتضى الفصل التاسع عشر من الدستور، كما يجب استحضار ما تم التنصيص عليه في ديباجة الدستور من أن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة لغتها الرسمية هي العربية. جمال بورفيسي

إمارة المؤمنين…الفصل المثير للجدل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحقل الديني خارج صراع المشروعيات

العلمي: المصلحة العامة في صلب استراتيجية "سي .دي .جي"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات