بورتري: بنسعيد… الـ”خالد”

في الدار البيضاء، يعيش هنا والآن. المدينة التي احتضنت نشاطه السياسي السري والعلني منذ بداية الستينات، هي اليوم تستضيف استراحة هذا المحارب. محمد بنسعيد آيت إيدر، الزعيم اليساري في زمن الاستقلال وقائد جيش التحرير في زمن الاستعمار، هو أحيانا خالد وأحيانا أخرى عبد الله، أسماء مستعارة ظل يتحرك بها طيلة سنوات نضاله قبل أن يستعيد بنسعيد لقبه الحقيقي آيت إيدر، كان الرجل يحمل معه أسماءه المستعارة، يتنقل بها بين الجزائر وفرنسا، إلى درجة أنه نال إجازته في الخارج بهذا الاسم المستعار، عبد الله.بيته الآن، مقره، ومقره في المدينة، التي أتى إليها، ذات يوم من سنة 1956، حين طلبت منه قيادة المقاومة وجيش التحرير، الانتقال إلى الدار البيضاء مسؤولا عن مكتب استقبال المقاومين الذين خرجوا من السجن أو العائدين من اللجوء، وكان هناك اتفاق مع الملك محمد الخامس من اجل حل مشاكل المقاومين كتوظيفهم أو منحهم بعض الامتيازات في الجيش أو الشرطة أو جهاز الداخلية. هي المدينة نفسها، التي تحولت إلى مقر للعمل السياسي العلني منذ سنة 1981، فهي أيضا «اختيار سياسي، المدينة التي قضيت بها لحظات مهمة جدا في النضال السياسي والاجتماعي والاقتصادي إلى جانب رفاق وأصدقاء وحلفاء في الحياة السياسية المغربية».في قرية نائية، بضواحي شتوكة آيت باها، ازداد محمد بنسعيد آيت إيدر سنة 1925 بمنطقة تدعى بني منصور، كان الظرف السياسي حينها يتسم بالاحتلال، "كنت أشاهد عن قرب قوافل الجيوش الأجنبية وهي متوجهة إلى الجنوب لاحتلاله خلال الثلاثينات إلى غاية سنة 1934، وكنت أعيش حياة صعبة حيث كانت الحماية تستغل البشر في البادية للمساهمة في توفير البنيات التحتية كبناء الطرق والإدارات تحت الضغط».لم يكتف آيت إيدر بالمتابعة ومراقبة قوافل الاحتلال وهي تعبر قريته الصغيرة، خلال هذه الفترة فحفظ القران في المسجد، وبعد ذلك انتقل إلى المدرسة لتعلم اللغة العربية والفقه الحديث وتفسير القران، «لكن كل هذه المحطات كانت تقليدية، بحيث لم استطع التقدم خلالها لأن النوافذ كانت مغلقة للاطلاع على التطورات الجديدة التي عرفها العالم في تلك الفترة». نقطة التحول في مسار بنسعيد آيت إيدر، حين تعرف على الأستاذ المختار السويسي عند إطلاق سراحه سنة 1946 والإفراج عن الحركة الوطنية آنذاك في عهد المقيم العام « اريك لابون»، في هذه الفترة كان المختار السويسي قد قام بزيارات لعدة مدارس تقليدية لجمع معلومات عن المنطقة منها زيارته للمدرسة التي كان آيت إيدر يتابع فيها دراسته، وهنا كان المنعطف وتشكل الوعي السياسي والوطني للرجل. الانخراط في حزب الاستقلال، كان بداية الطريق نحو العمل السياسي، والانتقال من مدرسة تقليدية عتيقة إلى مدرسة بن يوسف، فتحت له الباب أمام خلق علاقات جديدة للدخول في الحياة السياسية. لم ينتظر بنسعيد طويلا، ليضع بصمته ضمن عمل الحركة الوطنية إبان الاستعمار، فاعتقل، رفقة مجموعة من طلبة بن يوسف أمثال الفقيه البصري، وعبد السلام الجبلي وبوشعيب الحريري وبوشعيب البيضاوي، فتعرضوا للتعذيب وحكم علينا بـ200 جلدة وثلاثة شهور حبسا، والتهمة التحريض ضد التهامي الكلاوي وضد الاستعمار الفرنسي.وفي سنة 1951 انضم آيت إيدر إلى إضراب تضامني مع طلبة القرويين الذين احتجوا على السلطات الفرنسية، فتعرض مرة ثانية، رفقة زملاء المدرسة، إلى التعذيب والاعتقال والاختطاف على يد الكلاوي من اجل قمع تدخلاتهم واحتجاجاتهم، فتم نفيه إلى منطقته التي قدم منها، غير أن ذلك لم يمنعه من الاستمرار والتنقل بين أكادير وسيدي إيفني ثم إلى مدن أخرى، لنشر الرسالة التي آمن بها وحمل السلاح من أجلها ونفي بسببها واعتقل دفاعا عنها، تحرير الوطن والإنسان، فاستمرت المعركة إلى اليوم... إ.ح

بورتري: بنسعيد… الـ”خالد”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عائشة الشنا...تقاسم "الصباح" أهم لحظات العمل اليومي

آيت إيدر... يروي حكاية الوطن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات