الحرب على “الهوليغانز”… الدرس الأوربي

التجربتان الإنجليزية والهولندية ركزتا على تفاصيل أمنية نوعية أهملتها السلطات المغربية كشفت أحداث الشغب التي رافقت نهاية مباراة كرة القدم، التي جمعت بين فريقي الرجاء البيضاوي وشباب الريف الحسيمي في البيضاء أخيرا، فشل المقاربة الرسمية لمواجهة ظاهرة شغب الملاعب. يتعلق الأمر بعطب شامل يطال الجانب الإجرائي والتشريعي، المتمثل في القانون رقم 09- 09، الخاص بالعنف المرتكب في المباريات والتظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، وذلك بعد سقوط ثلاث ضحايا وجرح العشرات، واعتقال عدد مهم من المشجعين، إثر أعمال عنف اندلعت بين فصيلي تشجيع "إلترات"، وحولت الأمسية الرياضية إلى معركة طاحنة، استخدمت فيها العصي والهراوات والأسلحة البيضاء، وامتدت تداعياتها إلى محيط الملعب، من خلال تخريب سيارات وواجهات المحلات المتمركزة في المكان.العشرات من المشجعين المتورطين في أحداث "السبت الأسود"، تمت إحالتهم على القضاء أخيرا، وقرار رسمي بإغلاق ملعب محمد الخامس بسبب أشغال الصيانة، موازاة مع قرار بمنع أنشطة "الإلترات" وملاحقة مؤطريهم. مقاربة أمنية صرفة لظاهرة اجتماعية كونية، تعايشت معها دول منذ سنوات، أغلبها في أوربا، وأسست لتجارب ناجحة، يتعلق الأمر بالتجارب الإنجليزية والهولندية والأسكتلندية، وكذا الفرنسية والإيطالية، التي ساهمت عبر إجراءات نوعية ومقاربات مختلفة، في إثراء حقل البحث في عمق ظاهرة الشغب الرياضي، باعتبارها ظاهرة مجتمعية بامتياز، وفق أغلب الباحثين الاجتماعيين، ومختصي سيكولوجيا الحشود.وإذا كانت المقاربة الأمنية، طاغية على التجربة المغربية في مكافحة شغب الملاعب، فإن التجربة الإنجليزية التي أسس لها القاضي لورد تايلر، تجاوزتها إلى تدخلات نوعية أخرى، ساهمت في القضاء إلى حد كبير على أنشطة "الهوليغانز"، انطلاقا من إلزامية التعاون بين الشرطة وعائلة الكرة، التي لا تعني تعاونا أمنيا محدودا، من خلال تنقل فريق أمني مع الفرق الرياضية في مبارياتها خارج المدينة. كما اهتدت إلى ذلك السلطات المغربية، بل تستهدف التعرف على كل مشجع قبل دخوله للملعب، باستعمال كاميرات المراقبة، وتعيين شرطي في كل فريق مهمته التعرف على المشجعين الذين يقومون بأعمال العنف، إلى جانب منع الأنصار المشاغبين من حضور المباريات، وكذا تأمين سلامة المشجعين خارج الملعب، عبر تفريقهم في الشوارع.وترتكز التجربة الإنجليزية في هذا الشأن، على إلزامية الفرق بدفتر تحملات تقدمه للدولة، خاص بنبذ العنف، وكذا التقيد بدليل أخضر، إضافة إلى إجراءات زجرية من قبيل نزع بطاقة الانخراط من المشجعين المشاغبين، فيما نصت الإجراءات الخاصة بسلامة المشجعين، على إلغاء المدرجات التي يبقى فيها الأنصار واقفين، وإجبارهم على الجلوس أثناء التشجيع، إلى جانب منع التدخين، وتخصيص مدرجات للعائلات، مع نزع الحاجز الذي يفصل بين المدرجات وأرضية الملعب، لأنه يتسبب في موت بعض المشجعين، وهي الإجراءات التي سمحت بتجاوز مشاكل الشغب التي عصفت بكرة القدم الإنجليزية خلال السبعينات والثمانينات، ورفعت قيمة الدوري المحلي في مصاف البطولات العالمية.وتتخذ التجربة الهولندية في مواجهة عنف الملاعب، إجراءات عملية، تتجاوز المتخذة من قبل السلطات المغربية، إذ تبدأ بحظر دخول فصائل التشجيع إلى مناطق معينة في المدن، وتلزم بعض أفرادها بالمثول أمام مخافر الشرطة، عند وجود مباريات كرة قدم، بعد إدانتهم للمرة الأولى في جرائم مرتبطة بالإخلال بالنظام العام، فيما يمنح القانون عمداء المدن فقط، إمكانية منع هؤلاء الأشخاص من حضور مباراة أو اثنتين، في الوقت الذي يتيح القانون الهولندي، حظر دخول المشجعين الذين يصرون على ارتكاب أعمال عنف بالملاعب، لأكثر من خمس سنوات، ما يمثل ضمانة لنجاعة التدخلات الأمنية.بدر الدين عتيقي

الحرب على “الهوليغانز”… الدرس الأوربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محك رينار

أغاني الإلترات... عنف الخطاب والشعارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات