لا عداوة ثابتة ولا صداقة دائمة

الدرويش قال إن "البام" تجاوب مع المذكرة التي بعث بها الاتحاد إلى كل الأحزاب دافع محمد الدرويش، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عن التنسيق مع الأصالة والمعاصرة، الذي كان أول من استجاب إلى المذكرة التي بعث بها الاتحاد إلى كل الأحزاب السياسية بالإضافة إلى رئاسة الحكومة، مشددا على أن السياسة ليست فيها عداوة ثابتة ولا صداقة دائمة وهذا أمر طبيعي شريطة أن تكون منطلقاته قائمة على اختيارات إيديولوجية وسياسية واجتماعية واقتصادية واضحة تترجمها برامج تميز هذا الحزب عن ذاك. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قطيب عقد المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة اجتماعا موسعا في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي بالمقر المركزي لحزبكم، لماذا في هذا الوقت؟ بالفعل تم بالمقر الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يوم 23 فبراير الماضي عقد اجتماعا حضره الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري وأعضاء من المكتبين السياسيين للحزبين، وكنت من بين الحضور في هذا اللقاء الذي انعقد تفاعلا مع رغبة حزب الأصالة والمعاصرة في عقد لقاءات مع الأحزاب السياسية – أعتقد – ومنها الاتحاد الاشتراكي لتقديم القيادة الجديدة لهذا الحزب ونتائج مؤتمره الأخير وهذا أمر طبيعي يتم العمل به بين التنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية بعد مؤتمراتها. هل يعني هذا أن المبادرة جاءت من الأصالة والمعاصرة؟ المبادرة مشتركة لأن الاتحاد أخذ بعين الاعتبار التجاوب السريع لحزب الأصالة والمعاصرة مع المذكرة التي بعث بها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لكل الأحزاب السياسية ولرئاسة الحكومة في شأن موضوع المنظومة الانتخابية، ولا أعتقد أن أي جهة سترفض لقاء من استجاب لها، وأقصد هنا الموضوع، الذي طرحناه للتداول العلني والمشاورات القبلية، والمتعلق بمسألة ترهن مستقبل المغرب والمرتبط بمنظومة الانتخابات والمستقبل السياسي والاجتماعي والاقتصادي لوطننا وبالمناسبة فالاتحاد الاشتراكي لم يقص أي جهة حزبية في مراسلاته بشأن المذكرة الانتخابية ومن ثم فإن الباب مفتوح لكل حزب وجد في مضمون وتوقيت هاته المذكرة قواسم مشتركة مع الاتحاد دفاعا عن منظومة انتخابية تدعم المسار الديمقراطي لبلادنا وتقويه خصوصا، إذا ذكرنا بأن كل الأحزاب انتقدت العمليات الانتخابية الأخيرة في مسارها إما بداية و إما وسطا و إما انتهاء، أي إما جزءا وإما كلا، وهذا أمر سجلناه في أحزاب الأغلبية والمعارضة على السواء، إذا نعتقد أن مبادرة الاتحاد هاته يجب أن يتم التجاوب معها جزئيا أم كليا ولكل حزب ما نوى، وهو أمر ليس فيه بحث عن الزعامة أو الاستفراد، إنه فقط دعوة لحوار هادئ و مسؤول نجتمع فيه على الاتفاق والاختلاف وذلك لم يفسد للود قضية . لذلك لا يجب على من لم يستجب لمذكرة بعثها له الاتحاد أن يصف المبادرة ويصنفها حسب ما قد يظن أنه يخدمه ويقويه. الأمر أكثر من ذلك وأعقد منه. كشف البلاغ المشترك بين الحزبين أنه تم الاتفاق على عقد اجتماعات للتدقيق مع الانفتاح على كل القوى الوطنية والديمقراطية التي تقاسم الحزبان قناعتهما، هل يعني ذلك أن الأمر يتعلق بتحالف أكبر سيكتمل تشكله عشية الانتخابات التشريعية المقبلة؟ تداول الحاضرون في الاجتماع في مجموعة من القضايا التي تهم أساسا المنظومة الانتخابية والتي تعرف عدة اختلالات تمس بالمسار الديمقراطي ببلادنا - والذي ضحى من أجله بناة هذا الوطن من كل المشارب والمستويات وفي مقدمتهم مناضلو الأحزاب الوطنية - وعلى رأس هاته الاختلالات نجد استعمال المال معلوم الأصول ومجهولها والحياد السلبي للسلطات المعنية والتقطيع الانتخابي وأنماط الاقتراع وآليات المراقبة داخل مراكز ومكاتب التصويت وتركيبتها والعتبة والمقتضيات الخاصة بأوراق التصويت قبل وبعد هاته العملية وغيرها مما يسيء لديمقراطيتنا الصاعدة، كما ناقش الطرفان الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ببلادنا تزامنا مع خوض المركزيات النقابية والنقابات القطاعية الإضراب العام ليوم 24 فبراير 2016 وقضايا أخرى إذ تم الاستماع إلى نتائج المؤتمر الأخير لحزب الأصالة والمعاصرة واختياراته السياسية والاديولوجية والتنظيمية وأمر استمرار التنسيق بين برلمانيي الحزبين في الغرفتين في كل القضايا التي ترتبط بالتشريع وغيره. هل هي نواة صلبة لتحالف جديد؟ الأمر لا يتعلق بتحالف ثنائي أو ثلاثي أو غيره، فهاته مغالطات تقصد تمويه الحدث، إذ إن ما حصل هو اجتماع من ضمن عدة اجتماعات سابقة حصلت بين الحزبين على الاتفاق والاختلاف وهي اجتماعات قد تحصل مع أحزاب أخرى بينها وبين الاتحاد اتفاق واختلاف. فلو حصل غدا اجتماع بين الاتحاد والعدالة والتنمية مثلا في أمر المنظومة الانتخابية التي أعلن الجميع عن عدم رضا تنظيماته الحزبية عنها بل واشتكوا منها، فهل سيقال إنه تحالف بين الحزبين ضد الأحزاب الأخرى كلا أو بعضا، أم سيقال إنه تنسيق من أجل قضية. ألم تأت مبادرة التنسيق بين الحزبين متأخرة؟ ألم أقل لك إن أفعال حزب الاتحاد الاشتراكي ومواقفه متابعة من قبل الجميع فالحقل السياسي المغربي يضم 35 حزبا، وتعيش أحزاب سياسية كوارث في مؤتمراتها ومواقفها وحياتها الإدارية والنظامية، لكن الرأي العام لا يكترث بذلك ولا يهتم به بل أحيانا يجهل وجود أغلبها وفي المقابل ما أن يقع أي شيء في حياة حزب الاتحاد الاشتراكي إلا وتجد متابعات الرأي العام لذلك إيجابا وسلبا وهذا أمر أعتز به، لأنه في اعتقادي يجعل المناضل والمناضلة في الاتحاد محط أنظار الجميع ومتابعات الجميع، ومن ثم لن يكون أمام الاتحاديين والاتحاديات إلا الصدق والعمل الجاد والمسؤول بالأمس واليوم وغدا، أما بخصوص سؤالك دعني أقول إن التنسيق مع حزب الأصالة والمعاصرة ليس جديدا وليس تحالفا. فللغد معطيات جديدة ومتجددة وله تبعا لذلك مواقف مناسبة فنحن نساهم في بناء المستقبل والطريق شاق ومتعب وهو كفيل بفرز الإرهاصات الأولى لكل تحالف مستقبلي الذي لن يتم إلا بعد ظهور نتائج 7 أكتوبر. آنداك فقط وتقييما لكل الأعمال والمواقف والنتائج والمفاوضات المحكومة أساسا بمعالم ومضامين موقف كل جهة من مغرب العدالة الاجتماعية والكرامة والديمقراطية والمساواة وغيرها مما يساهم في جعل المغرب يرقى إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا وفكريا وأما دون ذلك فهو قراءات في الفنجان يتحمل كل قارئ نتائج ما قرأه. الوضوح الإيديولوجي والسياسيالسياسة ليست فيها عداوة ثابتة ولا صداقة ثابتة وهذا أمر طبيعي شريطة أن تكون منطلقاته قائمة على اختيارات إيديولوجية وسياسية واجتماعية واقتصادية واضحة تترجمها برامج تميز هذا الحزب عن ذاك، والتغيير في الاختيارات والتحالفات آنداك يكون بتنازلات من هذا الطرف أو ذاك، وأعتقد أن هذا أمر لم نبلغه اليوم في المغرب، يتذكر المغاربة جيدا تحالف الأغلبية في نسخته الأولى والسجالات والخصومات التي عرفتها الساحة السياسية بين أحزاب بعينها بلغت إلى حد الاتهامات والاتهامات المضادة، الشيء الذي ترك صدى سيئا لدى الرأي العام الوطني والدولي، ثم نتذكر جميعا التحالف الحكومي في نسخته الثانية وكيف أصبح المرفوض مقبولا والمقبول مرفوضا وتغيرت مواقع البعض فتغير معجم خطابه، لذلك أدعو كل الفاعلين السياسيين إلى ممارسة السياسة بأخلاق عالية وإلى الوضوح في الرؤية والخطاب والممارسات حتى يحب المواطنون والمواطنات الفعل السياسي فيباشرونه، إذ من غير المعقول أن سكان المغرب اليوم وهم يقاربون عدد 35 مليون نسمة في حين نسجل ضعفا خطيرا في عدد ممارسي الفعل السياسي والنقابي ببلادنا وهذا أمر تتحمل جهات متعددة المسؤولية فيه أذكر منها الأحزاب والنقابات نفسها والدولة والإعلام. التنسيق ليس بالضرورة ضد "بيجيدي"التنسيق ليــس هو التحالف، وما يتم اليـوم ليس جديدا فقد سبق للقيــادة الحزبية للاتحاد الاشتراكي السابقة أن عقدت اجتماعــات مــع قيــادة الأصالــة والمعاصرة، كما قـامت القيادة الحالية لحزب الاتحاد بعقد اجتماعات تنسيقية بين أحزاب المعارضة ومنها حزب الأصالة والمعاصرة همـــت مجمـــوعة من القضايا أذكــر منها قضية الصحراء وقضية التشــريع وسيــر أشغال البرلمان بغرفتيه وهو أمر طبيعي في نظـــري، لأقــول إن التنسيق ليـــس بالضرورة ضــــد حزب العـــدالة والتنمية ولا ضــد أي جهة أخرى، ولا يجب أن نستبـق الأحــداث والوقـــائع، وكـل كلام خارج المعطيــات الظـــاهــرة منها والباطنــة مردود عليها، لأن لكل مــقام مقــالا ولكل حدث حديث. فشــــيء مــن التروي والحذر في إصدار الأحكام والاتهامات والكليشيهـات الجاهزة ولنبتعد عن إلهاء الرأي العام الوطني بالقضايا الهامشية وإبعاده عن القضـــايا الجوهرية من أجل بناء المغرب الديمقراطي الحداثي المتطور والذي يضمن لمواطنيه العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة والديمقراطية والحرية، أما كل كلام غير هذا سيكون خـــــارج التاريخ لأن الأمـــــــــــــور دائما قابلة للتغير وهذا طبيعـــــــــــــي في الحقل السياسي. في سطور > متزوج و أب لمحمود وغيث> عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية> أستاذ اللسانيات بجامعة محمد الخامس بالرباط> نائب رئيس اتحاد اللسانيين المغاربة> رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم> رئيس نقابات التعليم العالي بالدول المغاربية

لا عداوة ثابتة ولا صداقة دائمة

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حلف انتخابي ضد بنكيران

تتويج مختبر "بوتي" للأدوية

مقالات ذات صلة