قال مانويل فالس، الوزير الأول الفرنسي، إن الأوضاع بليبيا ستشكل إحدى الملفات الملتهبة في الأشهر المقبلة، بالنظر إلى التهديدات التي باتت تفرضها داعش في القارة الإفريقية،كما توقف وزراء خارجية عشرات البلدان الإفريقية في اجتماع عقد، أخيرا، بالجزائر العاصمة، عند ما أسموه القنبلة الموقوته، في إشارة إلى الوضع الداخلي في ليبيا، بسبب نشاط الميليشيات المسلحة التي تتناحر في ما بينها، على أنقاض تركة نظام القذافي.ومع انتشار المجموعات الجهادية المرتبطة بداعش بليبيا وتعزيز مواقعها، خاصة بسرت، آخر معقل قوات القذافي قبل سقوط نظامه، حيث أضحى أفراد من قواته، الذين أصيبوا بالإحباط يؤطرون كتائب الجهاديين المرتبطين بخليفة داعش الإرهابي.وأصبحت ليبيا اليوم قطبا لتمركز قوات داعش، بعيدا عن ضربات قوات التحالف في سوريا والعراق، وموقع جذب لاستقطاب الجهاديين الجدد القادمين من بلدان المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء، بل وحتى من أوربا، كما تأكد ذلك بعد اعتقال فرنسي في تونس.ويمثل تشكل الدولة الإسلامية في قلب ليبيا تهديدا مباشرا للبلدان المجاورة، وفي الدرجة الأولى مصر وتونس والجزائر وتشاد والنيجر، وبلدان أخرى، كما أشار إلى ذلك وزير الدفاع الفرنسي، جون إيف لودريان، الذي دق ناقوس الخطر قبل سنة.ومن أجل القضاء على تنامي قوات داعش في هذا البلد المغاربي، فإن الأمر يتطلب تضافر جهود الجماعات الليبية المناهضة لها، وأن تقدم كل من مصر والجزائر الدعم اللازم لها بالسلاح الجوي، وهو الأمر الذي لم يحصل الوعي به إلى حد الساعة.وحذر وزير الخارجية الإيطــالي، بدوره من التأخر في مواجهـــة الوضــع فــــي ليبيــا، داعيــا إلى عقــــد مؤتــمر دولي للحيلولة دون التدهور الشامل للوضع في ليبيا.كما أضحت قوافل سيارات "بيك آب" الحاملة لأعلام داعش السوداء، تصول وتجول في مدينة سرت الليبية، محملة هذه المرة ببنادق كلاشينكوف، وبالمجاهدين، من أتباع الخليفة، الراغبين في نشر الرعب وسفك الدماء باسم الفهم الخاطئ للشريعة، بعد أن كانت المدينة تستقبل في ما مضى قوافل تجارية من إفريقيا محملة بالحبوب والتمور.هذه المدينة المتوسطية التي ولد بين أزقتها معمر القذافي، وقتل بها، أصبحت اليوم، تحت قبضة الداعشيين، يفرضون فيها قوانينهم بمنع الموسيقى، وحرمان السكان من حقوقهم، وتزويج الأبناء بالقوة، وإجبار التجار على إغلاق محلاتهم، وقت الصلاة، ومعاقبة المخالفين بـ80 ضربة، كما أضحت أحكام المحاكم الإسلامية سارية المفعول في المدينة، إذ تم تنفيذ أولى أحكام الإعدام العلني، في غشت الماضي.كما تم اغتيال الإمام السلفي، خالد ابن رجب فرجاني، لأنه رفض أداء البيعة، وقتل العشرات من أفراد قبيلته بعد احتجاجهم، وعرضت جثثهم في مدارات الطرق بالزعفران، وبوهالي، وفوق قنطرة غربيات.ومن بين 75 ألفا من سكان المدينة المتوسطية، لم يبق منهم سوى 10 إلى 15 ألف ليبي، بعد أن اضطر الباقي إلى الهجرة خارج المدينة، مثل باقي اللاجئين السوريين الذين فروا من داعش بسوريا.وتحتل ليبيا مكانة إستراتيجية بالنسبة إلى داعش، يقول أبو المقرح القحطاني، الرئيس المنتدب للولاية الليبية لداعش، لأنها "تتموقع في إفريقيا، وجنوب أروبا، وتحتوي على خزان من الموارد، وهي منفتحة على الصحراء الإفريقية، التي تخترق العديد من البلدان".وقد أصبحت سرت بوابة الدخول، وقاعدة خلفية تضم ما بين ألفين و3 آلاف مقاتل أجنبي من تونسيين وجزائريين ومصريين وعراقيين ويمنيين وماليين وسودانيين.ويتابع الأوربيون الوضع عن قرب في ليبيا، وقد استهدفت ضربات القوات الأمريكية يوم 13 نونبر الماضي، المدعو أبو نبيل، وهو عراقي، يستقر بدرنة، المدينة الليبية التي احتلتها قوات داعش. ومباشرة بعد مقتل أبي نبيل، خلفه عراقي آخر، هو أبو علي الأنباري، وهو ما يعني نقل قيادة داعش لأطرها من العراق وسوريا لتعزيز قواتها في سرت، وضواحيها، وعلى امتداد التراب الذي باتت تتحكم فيها على طول 250 كيلومترا، حسب وزير الدفاع الفرنسي، من أجل التحكم في أهم الطرق، والإسهام في تشكل أنوية داعش في باقي التراب الليبي، وقيادة الهجمات في المدن الكبرى.وحسب تقرير لمجلس الأمن، نشر في 19 نونبر الماضي، فإن القدرة على توفير مداخيل للتنظيم، تبدو محدودة، لكن كافية بالنظر إلى عدد المقاتلين، لتظل أهم موارد التنظيم من التهجير السري للمهاجرين، والاتجار في الأسلحة والمخدرات وبعض البضائع مثل السجائر والمنتوجات المدعمة، والعائدات المتحصلة من المهربين على الطرق التي تتحكم فيها قوات داعش، أو الفدية مقابل الإفراج عن بعض المختطفين. كما جرى تحويل أموال من مركز داعش بسوريا والعراق.وتظل إفريقيا أرضا خصبة لانتشار داعش، حيث قدمت حوالي 8 جماعات على الأقل الولاء والبيعة لتنظيم الدولة، كما جرى في مصر، التي أعلنت بها داعش مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية يوم 31 أكتوبر الماضي، أو بنيجيريا، حيث التحق تنظيم بوكو حرام بقوات داعش.وفي ليبيا، تستفيد جماعات التنظيم من حالة الفوضى التي تعيشها البلاد في ظل وجود حكومتين الأولى بطبرق التي يعترف بها المنتظم الدولي، والثانية بطرابلس، حيث تتحارب ميليشيات مسلحة منذ أربع سنوات.وأمام هجومات تنظيم الدولة بدرنة، اضطر جزء من السكان إلى التحالف مع جماعات الشــــــورى وتنظيمــــــــات المجاهدين لمواجهة داعش.وحســـــــــــــب مصــــــــــــــــــادر الاستخبارات النيجيرية، فقد دخلت التنظيمـــــــــات المرتبطــــــــــــــــة بالقاعــــــــــــــــــــــــــدة (المرابطون وأنصار الشريعة) في عملية التوحيد في إطار منظمة واحدة لمواجهة قوات تنظيم الدولة. التنظيمات الإرهابية بالقارة السمراء < المرابطون بقيادة أبي بكر المصري ومختار بلمختار، يضم حوالي 200 مقاتل من بلدان جنوب الصحراء وبلدان المغرب العربي. قدموا البيعة الى تنظيم القاعدة وكتيبة عدنان أبي وليد الصحراوي. < القاعدة في بلاد المغرب الإسلامييقودها أمير الصحراء الكبرى يحيى أبو الهمام، عدد مقاتليها حوالي 200 عنصر أغلبهم من الجزائر وموريطانيا، موالية للقاعدة. < أنصار الدينيرأسها لياد العالي، يجهل عدد مقاتليها المشكلين من الطوارق بمالي، وقدمت البيعة للقاعدة. < كتيبة خالد بن الوليديقودها سليمان كيتا، تضم عشرات المقاتلين، اغلبهم من جنوب مالي، وبوركينافاصو، وكوت ديفوار. وتعتبر من الجماعات المقـــــربة لأنصار الدين. < بوكو حرامبقيادة أبي بكار شيكاو، عدد مقاتليها 7 آلاف رجل، أغلبهم من نيجيريا والنيجر والكامرون والتشاد، موالية لداعش. < الدولة الإسلامية بليبيا يقودها أبو المقرح القحطاني، يبلغ عدد قواتها ما بين ألفين و3 آلاف مقاتل، من تونس والجزائر ومصر والعراق واليمن ومالي والسودان، قدمت البيعة لداعش. < جبهة تحرير ماسينا بماليجماعة سلفية مسلحة يقودها أمادو كوفة، عدد رجالها 170 مقاتلا، أغلبهم من منطقة مبوتي، وهي جماعة مرتبطة بجماعة أنصار الدين. < أنصار بيت المقدسيقودها أبو أسامة المصري، عدد المقاتلين حوالي الألف، موالية لداعش.إعداد: برحو بوزياني عن جون أفريك بتصرف