لطالما شكل الاحتفال بليلة نهاية رأس السنة، وجها من أوجه التناقض في السلوك الاجتماعي للمغاربة. "لن أحتفل بعيد النصاري..." و"عيد المولد النبوي هو عيدنا الوحيد..."، عبارات سرعان ما تذروها الرياح مع اقتراب المناسبة، التي تفرض طقوسا وأعرافا خاصة، لا يمكن بأي حال من الأحوال الالتفاف عليها. يتعلق الأمر بعادات استهلاكية أصبحت ثابتة، تتمثل في اقتناء قالب الحلوى وشجرة الزينة، وتبادل الهدايا، إلا أن فئة من مهووسي "النويل"، انتقلت بالاحتفال إلى أبعاد أخرى، محولة المناسبة إلى فرصة يستحسن استغلالها للسفر والقيام برحلات استجمام، تزيح عن كواهلهم تعب الأعباء الاجتماعية، ويستفيدون خلالها من أسعار وتكاليف استثنائية.تغيرالنمط الاستهلاكي يستطيع أن يعكسه الفيلم الأمريكي "عيد الميلاد مع الكرانكز" أو "christmas with the kranks»، الذي يحكي عن قصة زوجين أجريا عملية حسابية لتكاليف الاحتفال بـ"الكريسماس"، فوجداها تتجاوز كلفة الاستفادة من رحلة سياحية منظمة على متن باخرة لعدة جزر في خليج الكاريبي، ليقررا تفويت المناسبة والسفر، قبل أن يتراجعا خلال لحظات عن الفكرة، بقدوم ابنتهما للاحتفال معهما، ويواجهان مصاعب في اقتناء لوازم الاحتفالات، ما رفع نفقاتهما عما هو مخطط له. المغزى من هذا الفيلم هو تعميق الارتباط الروحي بالمناسبة، إلا أن المغاربة لا يرون في الاحتفالات بـ"البوناني"، سوى ما يشبع لذة الشراء لديهم، ويحفز غرائزهم الاستهلاكية إلى الدرجة القصوى، وهو ما يظهر من خلال انتعاش أنشطة وكالات الأسفار ووتيرة الحجز في الفنادق، وكذا مستوى رواج المطارات والحركة الجوية.وبهذا الخصوص، يؤكد نبيل، مسير وكالة للأسفار بالدار البيضاء، أن نهاية السنة تمثل فرصة تجارية بالنسبـة إلــــــى وكـــــلاء الأسفار، الذين يروجون لرحلات منظمة بأسعار تفضيلية، تهم أساسا الوجهات القريبة، مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وكذا تركيا، بينما تتركز مدة الإقامة في ثلاثة أيام وعشرة، إذ تعرض بعض الوكالات حاليا، إقامة لمدة ثمانية أيام في العاصمة التركية اسطنبول في فندق، مع وجبة إفطار، زائد تذكرتي سفر على الخطوط التركية للطيران بسعر 7600 درهم للشخص الواحد. وتتراوح تكلفة رحلة داخلية إلى مراكش مثلا، حسب وكيل الأسفار المذكور، بين ألفين و500 درهم وثلاثة آلاف لمدة أربعة أيام، إذ تتضمن هذه الرحلات وجبات غذاء وعشاء، إلى جانب نزهات فرعية لمنطقة الحوز، موضحا أن الطلب يتزايد على هذا النوع من الرحلات، من قبل الأسر متعددة الأفراد، وهو الأمر الذي يعلق عليه محمد، رب أسرة، بالقول، "دأبت على مدى سنوات في طلب الاستفادة من العطلة السنوية خلال فترة نهاية السنة، التي تتيح استغلال بعض العروض الترويجية المغرية، خلال الإقامة والتنقل".ومن جهته، أشار مصدر مهني، إلى استغلال الفنادق ومؤسسات الإيواء السياحي فرصة الاحتفالات بنهاية السنة، من أجل عرض تخفيضات تصل نسبتها إلى 70 %، على تكاليف الإقامة، في الوقت الذي تعمد شركات النقل الجوي منخفض التكلفة «لوكوست»، على عرض تخفيضات تصل إلى 40 %، بما يغري عددا مهما من الزبناء، الذين يسارعون للحجز عبر الأنترنت، والاستفادة من العروض التي تكون محدودة بالزمن أو عدد المستفيدين.بدر الدين عتيقي