قرر الوسيط الأممي في نزاع الصحراء تجريب وصفة الجولات المكوكية إلى دول المنطقة، للبحث عن مخرج جديد لحالة الجمود التي تعرفها المفاوضات بين أطراف النزاع، منذ تعيينه مبعوثا أمميا في الملف. وتزامن هذا الاقتراح مع قرار الرباط البحث عن مفاوضات مباشرة مع الجزائر باعتبارها المتحكم في مواقف جبهة بوليساريو والمحرك الفعلي للنزاع. ويراهن روس على نهج أسلوب وساطة مختلفة عن سابقاتها تعتمد السرعة وتكثيف عقد الاجتماعات، وقوامها إجراء مبادلات ثنائية سرية بين المبعوث الأممي وباقي الأطراف كل على حدة.وحدد الوسيط الأممي سقف ست زيارات متتالية إلى المنطقة، تشمل لقاءاته بمسؤولين مغاربة وجزائريين وقيادة جبهة بوليساريو وموريتانيا، كما يشمل برنامج اللقاءات المكوكية إجراء مشاورات مع مدريد وباريس ولندن وواشنطن وموسكو، علاوة على عقد لقاءات متقاربة زمنيا بين الدول المعنية مباشرة بالنزاع. ويشمل البرنامج عقد قرابة عشرة لقاءات في مقر الأمم المتحدة حول الموضوع. ووفق الجدولة الزمنية التي اطلع عليها أعضاء مجلس الأمن، فإن أولى هذه الزيارات مقررة بداية يناير المقبل، إذ يرجح أن يزور المغرب برفقة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.وفي السياق ذاته، قالت مصادر لـ"الصباح"، إن روس يمكنه زيارة أي منطقة داخل التراب المغربي، على أن تكون هذه التحركات محرضة لأنشطة انفصالية وأن يدفع في اتجاه الحل وليس التعويل على تأزيم الوضع، من خلال عقد لقاءات مع أصوات تمثل أقلية انفصالية داخل الأقاليم الجنوبية. وأضافت المصادر ذاتها، أن لروس حرية الحركة والاجتماع ويمكنه عقد لقاءات مع انفصاليي الداخل خارج المغرب، لأن الرباط تسمح لهم بالتحرك بكامل الحرية عكس ما هو عليه الأمر في مخيمات تندوف، حيث يمنع الناس من لقائه وحيث تتحرك سيارته داخل إطار محدد سلفا لمنعه من لقاء معارضين لقيادة جبهة بوليساريو.ووفق المصادر ذاتها، فإن بقاء المفاوضات في دائرة المغرب وبوليساريو، لن يفضي إلى حل لأن القرار يوجد بيد الجزائر، التي اعترف زعيم بوليساريو في خطابه لمناسبة مؤتمر الجبهة، أن السلطات الجزائرية هي من تمول وتسلح وتحتضن الجبهة، وهو اعتراف وجب أن يأخذه الوسيط الأممي بعين الاعتبار، للبحث عن مخرج للأزمة في إطار مفاوضات إقليمية مغربية جزائرية، وهو ما يتطلب، حسب المصادر ذاتها، ضغطا دوليا كبيرا تمارسه القوى النافذة بمجلس الأمن لهذا الغرض.وتعتمد الوساطة الجديدة لكريستوفر روس، على تنظيم زيارات مكوكية إلى البلدان المجاورة المعنية بالملف، وكذا البلدان المؤثرة في صناعة القرار الأممي داخل مجلس الأمن، وتحديدا مجموعة "دول أصدقاء الصحراء"، والسعي إلى تفعيل القرار 2099 الصادر عن مجلس الأمن الدولي القاضي بضرورة التعاون للوصول إلى حل نهائي للنزاع، في إطار الدينامية التي أطلقتها المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وهو المقترح الذي تعتبره الرباط سقفا سياسيا لمفاوضاته في أفق التوصل إلى اتفاق نهائي لنزاع الصحراء.إحسان الحافظي