المحكمة العسكرية تفقد %70 من الملفات

أصبحت تعقد جلستين في الشهر ومطلب الإلغاء مازال قائما رغم دخول قانون العدل العسكري الجديد، في فاتح يوليوز الماضي، حيز التنفيذ، وإحالة القضايا المرتبطة بالحق العام على المحاكم المدنية، والاحتفاظ فقط بالجرائم العسكرية، إلا أن الكثير من المشتكين ضد العسكريين، مازالوا يترددون بكثافة على المحكمة لتقديم الشكايات ضد الخاضعين لقانون العدل العسكري، رغم أن الاختصاص يعود إلى المحاكم المدنية. وبعد تطبيق القانون الجديد، انخفضت الملفات بـ 70 %، إذ أصبحت الجلسات تنعقد بالمحكمة العسكرية مرة كل 15 يوما، في الوقت الذي كانت تنعقد فيه سابقا خمس مرات في الأسبوع. إنجاز: عبدالحليم لعريبي كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا، الثلاثاء الماضي. وصلت امرأة قادمة من حي أولاد اوجيه بالقنيطرة إلى المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالرباط، وحينما وطأت قدماها الباب الرئيسي، استفسرها عسكري عن سبب الزيارة، لتلح على طلب مقابلة الوكيل العام للملك، في أمر هام يخص ابنتها القاصر.شرعت هذه الأرملة في سرد حكايتها، وهي تعتصر ألما، في اغتصاب ابنتها التلميذة، واغرورقت عيناها بالدموع، حينما استرجعت تفاصيل مؤلمة في التغرير بالقاصر بعد وفاة الزوج، إذ قام عسكري على حد قولها بـ»حكرة» العائلة، والتغرير بابنتها وتخديرها واغتصابها ما نتج عنه افتضاض البكارة. وحينما كانت الأم تنتظر استقبالها بقاعة الانتظار وسط المحكمة العسكرية، أبدى عسكريون انضباطا كبيرا في الاستماع إلى أقوالها، مصرحة لهم أنها وضعت شكاية أمام الوكيل العام بالقنيطرة، وتدخلت عائلة العسكري، وطلبت منها التخلي عن شكايتها، مقابل زواج المشتكى به بابنتها. تحكي الأم بحرقة أنها وضعت الثقة فيهم، وأنجزت جميع الوثائق الخاصة بالزواج، تفاديا لانتشار الفضيحة وسط الأسرة، لكن فجأة، تخلى الجندي عن وعوده في الزواج منها، وانتقل للاشتغال بالصحراء، لتقرر الأم التوجه إلى المحكمة العسكرية، أملا في حفظ مطالب ابنتها، وبعد استقبالها من قبل أحد المسؤولين، طلب منها العودة إلى استئنافية القنيطرة لجلب رقم الشكاية، فحاولت إخراج اعتراف مكتوب من قبل الجندي، من حافظتها، يعترف فيه باغتصاب القاصر بعد تخديرها، فرد عليها أحد الحراس بضرورة إحضار ترقيم الشكاية.حالة هذه المرأة تشبه الكثير من الحالات التي يتوجه فيها مواطنون من مجموعة من المدن إلى المحكمة العسكرية لتقديم الشكايات، أو الاستفسار عن معلومات خارجة عن اختصاص المحكمة العسكرية، فكلما فقد المشتكي الأمل في تحريك المتابعة ضد أشخاص خاضعين لقانون العدل العسكري من أفراد القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة، يلجأ إلى المحكمة العسكرية المشهود لها بالصرامة، وبتحريك المتابعات القضائية كلما تلقت شكايات ضد الخاضعين لسلطتها. انخفاض الملفات المحمكة العسكرية بـ 70 % بعد دخول قانون العدل العسكري الجديد 13.108 حيز التنفيذ، قبل شهرين، باتت المحكمة العسكرية تبت في ملفات قليلة، وانخفض عدد القضايا بـ 70 بالمائة بعدما صارت تحال على المحاكم المدنية، وأصبحت القاعة الرئيسية لعقد الجلسات، عكس السنوات الماضية، تعقد الجلسات كل 15 يوما.يقول الأستاذ مصطفى بوظهر، وهو محام متخصص في القضاء العسكري، إن جرائم الحق العام أصبحت من اختصاص المحاكم المدنية، من قبيل تورط العسكريين في الضرب والجرح والاغتصاب والسرقات وتكوين العصابات الإجرامية والنصب والاحتيال ومنح الشيكات بدون رصيد، لكن التهم المرتبطة، يضيف المحامي، بمخالفة الضوابط العسكرية، كالفرار من الجندية والمس بسلامة أمن الدولة الخارجي، واختلاس الأموال المخصصة لتمويل الجيش والتمرد والخيانة فتبقى من اختصاص المحكمة العسكرية. جهل بالقانون الجديد رغم مرور أزيد من شهرين من تطبيق قانون العدل العسكري، مازال بعض من المتقاضين وأفراد عائلاتهم يترددون على المحكمة العسكرية، أملا في تقديم شكايات ترتبط بجرائم الحق العام ضد الخاضعين لقانون العدل العسكري.«أنا بغيت تهمة الشيك بدون رصيد تجيه لهنا المحكمة العسكرية» يقول مشتك التقته «الصباح» بمحيط المحكمة، يحكي هذا المشتكي عن شكاية له وضعها في غشت الماضي، ضد مشتبه فيه خاضع لقانون العدل العسكري، وكان يأمل أن ينال حقوقه من المحكمة العسكرية بدل المحكمة الابتدائية ببني ملال.لكــــن المتقـــــــــــــــاضين وعائلاتهم وأفــــــــــــــــــراد دفاعهم، ما زالــــــــــــــــــــوا يترددون على المحكمة العسكرية باستمـــــــــــرار للحصـــــــول على وثائق، من قبيل نسخ أحكام سابقة، وعن مصدر الملفات التي مازالت عالقة من القانون السابق، ويظهر أن أمل عائلة المتهمين، هو إحالة ملفات أقربائهم على المحاكم المدنية المختصة. الانضباط والتوجيه ما يميز المحكمة العسكرية عن باقي المحاكم العادية الأخرى، هو الانضباط في المهام الموكولة إلى العسكريين والدركيين المكلفين بالحراسة، فكلما حل محامي أو متقاضي، يجد أمامه حارسا يضبط اختصاص كل جهة، ويوجه كل واحد، حسب مطالبه. وفي بعض الأحيان، يرافق الحارس الزائر إلى حين قضاء أغراضه.ويحكي عدد من المحامين أنهم حينما تكون لديهم زيارات إلى المحكمة العسكـــــــــــــــرية، يشعـــــــــــــــرون بتفاؤل كبير في قضاء مآربهم دون إكراهات إدارية، أو بيروقراطية عكس المحاكم الأخرى، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحصول على نسخ الأحكام ومعرفة مآل الشكايات أو تاريخ الجلسات أو القرارات الصادرة عن النيابة العامة وقاضي التحقيق فور إحالة المشتبه فيهم على العدالة. إحداث درجة استئنافية للتقاضي ظل المدانون من قبل المحكمة العسكرية في السنوات الماضية، يحرمون من استئناف الأحكام الابتدائية الصادرة في حقهم، ويلجؤون إلى التصريح بالنقض مباشرة بعد صدور الحكم، لكن القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ أحدث درجة ثانية للتقاضي، يتعلق الأمر بالغرفة الاستئنافية، وبات المدانــــــــــون ابتدائيا من قبل المحكمة في القضايا المرتبطة بالجرائم العسكرية يستأنفون الأحكام لدى الدرجة الجديدة، كما بات التصريح بالنقض في هذه الأحكام لا يتم إلا بعد المرور من الغرفة الجديدة. واستطاع محامون استئناف أحكام قضائية صدرت في حق خمسة دركيين، بعد إدانتهم بتهم مخالفة الضوابط العسكرية وكشف أسرار مهنية، إثر تورطهم مع مبحوث عنه في ملف يتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات، وينتظر المحامون استدعاءهم من جديد للترافع في الغرفة الجديدة. أحكام مخففة حسب آراء عدد من المتتبعين للقضايا المعروضة على المحكمة العسكرية، أصبحت الأحكام القضائية الصادرة عن هذه المحكمة بعد دخول القانون الجديد حيز التطبيق تبقى «أحكاما مخففة» بالمقارنة مع السابق، «في السنوات الماضية كانوا تيشوطوا بنادم» يقول محام آخر من هيأة الرباط، وهو يتذكر العقوبات الحبسية التي كانت تصدرها المحكمة العسكرية في وقات سابق، مضيفا أنه إذا عدنا لنوعية الأحكام التي صدرت في حق الدركيين الخمسة في الأسابيع الماضية، والتي تراوحت ما بين سنة ونصف حبسا وتسعة أشهر، تبقى هذه الأحكام جد مخففة، إذا ما قورنت بملفات سابقة ومشابهة من حيث عدد المعطيات. مطلب الإلغاء أحدثت الجمعيات الحقوقية الفارق بالمقارنة مع مطالب الأحزاب السيايسية أثناء تقديم مذكرات إصلاح الدستور سنة 2011، وطلبت من اللجنة المكلفة بإعادة صياغة الدستور بإلغاء المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية، بعد تصنيفها أنها محكمة استثنائية، كمحكمة العدل الخاصة التي كانت بالمغرب. وأظهرت الجمعيات الحقوقية نوعا من التشدد في ضرورة إحالة الجميع بمن فيهم العسكريون على المحاكم المدنية العادية، والذي سيضمن، حسب آرائهم المحاكمات العادلة.

المحكمة العسكرية تفقد %70 من الملفات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مواجهة بين الشرطة ومروجة مخدرات

خلطة الزاكي تعد بالألقاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات