علينا كشف أوضاع المخيمات بالجزائر < هل توجه السويد للاعتراف بجمهورية الوهم وفتح تمثيلية دبلوماسية لـ»الجبهة» في استوكهولم يقلقان المغرب؟< إذا كنا نفهم طبيعة الحكم في السويد ومن يتحكم في الأمور فيها من مؤسسات وهيآت مدنية وحزبية، فإني أؤكد لكم أن اعترافها ببوليساريو قد أضحى تحصيل حاصل، منذ سنوات، ويجري الآن ترسيمه عبر القنوات الرسمية. لذلك، فما يجب أن نقلق بشأنه هو ما يستتبع هذا الإجراء من التزامات يفرضها بروتوكول التمثيل الدبلوماسي، الذي سيوفر لـ»الجبهة» إمكانيات للتحرك، يعززها «حماس» الأحزاب الحاكمة الآن، فيما تعتبره دفاعا عن حق الصحراويين في تقرير مصيرهم، علما أنهم واعون بأن سكان الصحراء بالمغرب قرروا أن يكونوا مغاربة من خلال نسب المشاركة المرتفعة في كافة الاستحقاقات الانتخابية التي تصل إلى 70 في المائة، ناهيك عن نسب المشاركة في التصويت على الدستور.وإذا كان سكان الصحراء في الجزائر قرروا ألا يكونوا جزائريين، أو سكان الصحراء في ليبيا أو موريتانيا أو دول الخليج العربي أو أمريكا أو استراليا، فهذا شأنهم، ولهم كامل الحرية في ذلك.وإزاء هذا الوضع، على المغرب أن يبذل جهودا مضاعفة لتدبير العقليات الحاكمة في بلدان شمال أوربا البعيدة جغرافيا عن منطقتنا، والتي تبني موقفها من قضية الصحراء على أساس ما تتوصل به من معطيات موجهة تقدمها هيآت ومؤسسات منحازة تابعة لـجماعة بوليساريو، أو مساندة لها، أو متعاطفة معها، من خلال الاختراق الجزائري بواسطة عائدات النفط والغاز الطبيعي، من دون أن ننسى تقارير سفاراتها في الرباط، التي لا نتواصل معها، في ما أزعم، بما يكفي من الحماس، كما هو الشأن بالنسبة إلى علاقتنا مع بلدان جنوب أوربا المطلة على المتوسط.وعلينا أن ننتبه إلى أن أعداء المغرب، بالإمكانيات المهمة التي يتوفرون عليها، لن يتوانوا عن دق كل الأبواب للتشويش على استقرار بلادنا، والحد من حضورها الدولي، خصوصا على واجهة الدفاع عن القدس وفلسطين، ونصرة القضايا الإفريقية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ونتوقع أن تكون وجهتهم المقبلة جمهوريات القوقاز ودول البلقان، فضلا عن بعض بلدان آسيا البعيدة. < هل يمكن الحديث عن «لغة إقناعية» خاصة في تواصل جماعة بوليساريو مع محيطها ومع العالم، أم هو تقصير من دبلوماسيتنا؟< في مقاربتي لهذا الموضوع، ستجدني أميل إلى الواقعية تحسبا لكل تحليل يركز على جلد الذات. فأنا أعرف، كما يعرف غيري دون شك، الظروف الصعبة، أحيانا، التي يشتغل فيها رجال ونساء الدبلوماسية المغربية والإمكانيات المالية والبشرية المتاحة لديهم، مقارنة مع ما يتوفر لأعدائهم، ومع ذلك، نجد دبلوماسيتنا، بدعم خاص من الملك محمد السادس، تُحقق نجاحات مُعتبرة، في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، على الخصوص، يجب تحصينها.ثم لا ننسى طبيعة الخطاب الذي يعتمده بوليساريو لإقناع مخاطبيه ويقوم على لغة تتكيف، في كل مرة، مع ظروف المخاطب وميولاته العاطفية والفكرية. فإذا كان يتعلق الأمر بفئة من الطيف السياسي السويدي، فإنه يتم حشد بعض ممثليها من الناس البسطاء، مُؤطرين برجال ونساء احترفوا تدوير خطابات اليأس والمظلومية لـ»شعب ضعيف أعزل يعيش المأساة تحت وطأة آلة قمعية جرارة يحركها بلد قوي مُحتل لقتل وقمع واعتقال وتشريد الصحراويين المغلوبين على أمرهم، ويستنزف ثرواتهم الطبيعية». وأمام هذه الصورة، وفي ظل التغييب المُمنهج لصوت الطرف الآخر، لا بد أن تكون النتيجة هي تحرك الآلة الحزبية السويدية بعاطفة مشهودة لتكريس قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تُقدسها، وتفرض على شركات بلادها مقاطعة المنتجات المغربية، وشن الحملات الظالمة في البرلمان الأوربي، والسعي إلى الاعتراف الدولي بـ»الجبهة» في الأمم المتحدة، لتمكين «الشعب» من حريته ومن استغلال ثرواته!! < ما السبيل، في نظرك، لتدارك الاختلالات في لغتنا التواصلية لإقناع من يختلف معنا بعدالة قضيتنا؟< يجب أن نتفق بداية على لغة مشتركة يتحدثها الجميع، وأن نضع لذلك "البروتوكولات" الضرورية، إذا اقتضى الأمر، وهي لغة تتأسس ببساطة على أن الصحراء ليست فلسطين أو تيمور الشرقية، وأن الأمر بعيد عن قضايا تصفية الاستعمار، وإن كانت القضية مُدرجة، منذ مدة ضمن أعمال اللجنة الرابعة، بقرار إرادي من المغرب، ينم عن حسن النية التي أبدتها المملكة المغربية في مراحل مختلفة من أطوار هذا النزاع المفتعل.ثم علينا أن نعزز ملفاتنا بما يعكس الواقع الذي يعيشه الصحراويون في الأقاليم الجنوبية المسترجعة، ونجتهد أكثر في كشف الأوضاع الصعبة التي تشهدها المخيمات، ومسؤولية سلطات الجزائر عن هذه الوضعية المأساوية. وعلينا كذلك أن نحسن اختيار الأشخاص (الدبلوماسيون) والهيآت (الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني) الذين ينقلون صورة هذا الواقع إلى العالم وفق معايير علمية مُحددة لابد من إقرارها، وتمكينهم من وسائل العمل الضرورية.ولنفهم الآخر، لا بد من تشغيل مراكز الأبحاث المتخصصة والجامعات، وتشجيع الدارسين والدارسات، والانفتاح على أطر مغاربة العالم، الموزعين على مختلف أنحاء الدنيا، لنعرف منهم طبيعة بلدان إقامتهم، ونتعرف من خلالهم على اتجاهات الرأي فيها، وفي ذلك يمكن أن يكون لمجلس الجالية دور مهم يقوم به.وأخيرا، لا بد أن تكون لغتنا قوية بما حققته بلادنا، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، من إنجازات عززت مسارها التنموي، وجعلتها في مصاف الدول النامية، التي تخطط بذكاء لمستقبل أجيالها في ظل مناخ آمن ومستقر قادر على احتواء جميع أبنائه، ويوفر شروط الديمقراطية ويؤمن الحقوق للمواطنين، ويكفل للجميع حرية العيش والمُعتقد، وحرية العمل والإبداع في ظل تكافؤ الفرص. أجرى الحوار: أ. أ* (متخصص في سوسيولوجيا الاتصال)