البلطجية… عساكر الانتخابات

يدركون أن الحاجة إليهم مؤقتة ويسخرون لاكتساح الساحة بقوة العضلات تشكل الانتخابات فرصة مواتية لإنعاش وتدفئة جيوب الناخبين ممن يبيعون ذممهم، والمجندين في الحملة، ومنحرفين وذوي سوابق تستثمر خبرتهم في عالم الإجرام، في محاولات للترهيب بعد فشل سياسة الترغيب والإقناع، في استمالة أصوات الناخبين ولو بالإغراء أو الحسم الميداني في معارك سياسية بين المكونات والألوان المتنافسة بطرق قد تزيغ عن حدود المعقول. وتجتهد بعض "الكائنات الانتخابية" ليس في وضع برامجها الانتخابية للنهوض تنمويا بالجهة أو الجماعة أو الإقليم، شبه المستنسخة عن نظيرتها الموزعة في انتخابات سابقة، بل في استمالة واستقطاب هؤلاء المنحرفين ذوي "القاع" و"الباع" في اللعب على الحبال ولو دون توازن، باعتبارهم الذراع اليمنى المسخرة بمقابل غالبا ما يكون ماديا، لاكتساح الساحة بقوة العضلات وفرض الأمر الواقع.قبل انطلاق الحملة، تسابقت مثل تلك الكائنات التي لم تع خطابات التشبيب وضمان نظافة ونقاء هذه المحطة الانتخابية التاريخية في تاريخ المغرب بعد دستور 2011، لاستمالة وإغراء أفراد عائلات رضعت الإجرام من نهدي سوابق أهلها، ما رفع سومتها في سوق "قذرة" ابتليت بها هذه المحطة الانتخابية على غرار سابقاتها، دون أن تتوضح صور القذارة للعموم، إلا ما تلوكه الألسن. وليست جهة فاس مكناس والأقاليم والجماعات والمقاطعات التابعة ترابيا لها، بمنأى عن مثل هذه الممارسات التي عادة ما يسكت بوق شهرزاد كل مكون سياسي عن البوح في شأنها، كلما دنا فجر قد تنفضح معه حقيقة استعانته بأصحاب العضلات المفتولة، لحسم كل معركة ميدانية قد لا تفيد البرامج والخطابات الجوفاء، في حشد الأصوات باعتبارها الطريق الوحيدة للكرسي الوثير المتهافت عليه.وتشكل عائلات، يخيف ذكر أسمائها ولو همسا، غالبيتها تقطن أحياء هامشية محرومة من مبادرات التنمية وإنعاش الشغل وما جاورهما، هدفا للتجنيد "العسكري" في حملة انتخابية مفتوحة على جميع الاحتمالات بما فيها الاصطدامات المتوقعة بين مناصري الأحزاب في احتكاكهم المباشر مع المواطن، سيما بالمواقع منقوصة التجهيز، حيث الغضب من واقع "الحكرة" والاستبلاد، سمة موحدة لدى الكل. بين 100درهم و300 أجر يومي لكل ذي عضلات مفتولة مجند في الحملة الموازية لتوزيع المطويات وأوراق الانتخاب، وقد يزيد ويتضاعف مرتين أو أكثر حسب نفوذ و"سمعة" المجند ودرجة إرهابه الخصم ونجاعته وقت الحاجة، دون احتساب مصاريف الليالي الخمرية و"البلية" التي تتباين قيمتها من حالة إلى أخرى، حسب الحاجة ل"التبويقة" أو "الشمة" القادرة على "قد المزاج". لذلك قد تتحول حانات وملاه ليلية إلى أوكار لتصريف مزاجية هؤلاء، ما قد يرفع نسب الجريمة خاصة ما يتعلق بالسكر العلني والضرب والجرح وما جاورهما، ما يفرض يقظة غير مسبوقة لعناصر الأمن تلافيا لحوادث محتملة أو "معارك" على إيقاع الدم في الأحياء، خاصة القابعة في بحر التهميش في انتظار "كودو" يخلصها من هامشيتها وواقع الإقصاء من البرامج الحقيقية لتنميتها.واللافت أن هذه الفئة التي لا يمكن ادعاء تعميم الاستنجاد بها على الجميع، تستغل الفرصة لكسب المال الوفير طيلة الحملة وتشكيل المكاتب المسيرة، دون أن تقنع بوعود قد تتبخر بانصرام آجال هذه الانتخابات التي ينطبق عليها قول الزجال التاوناتي صاحب قصيدة "الانتخابات مشات وجات والحالة هي" التي يرددها الجميع في شعارات لمناسبة وبدونها، دون أن يعرف أحدا ناظمها. وتعي هذه الفئة التي عادة ما تكون سلاح الأميين من المترشحين أو غير القادرين على اكتساح الساحة الانتخابية، اعتمادا على لغة الإقناع الميداني على إيقاع "زنقة، زنقة"، (تعي) جيدا أن "الحاجة إليها" لا تتجاوز هذه المدة الزمنية لتعود أدراجها لمص دماء حراس مواقف السيارات أو ابتزاز أًصحاب الحانات والمقاهي والعلب الليلية، والسرقة، إن لم تفتح أبواب السجن مشرعة في وجهها. ورغم إدراكهم خطورة مغامراتهم التي قد تكون طريقا إلى السجن، فإنهم يقبلون بها طالما أن الفرصة لا تعوض للكسب و"النشاط" و"التحياح" الذي قد يتطور إلى أفعال إجرامية كبرى، قد لا يعون خطورتها وتبعاتها إلا بعد وقوعها وفوات الأوان، حيث لا ينفع الندم ولا الدموع على الأطلال، إن لم يكونوا من الصنف الذي "ما عندو ما يخسر" و"ما عندو وجه علاش يحشم".وفي انتظار استيقاظ ضمائر هؤلاء "البلطجية" الذين عادة ما يتسلحون بسيوف وعصي مخفية، النائمة عقولهم وأحاسيسهم، كما هو حال مجنديهم، يبقون مجرد "بعبع" لترهيب مناصري المنافسين والناخبين والضغط عليهم للتصويت على مجندهم، في انتظار تعامل حاسم للمسؤولين مع كل ما يمكن أن يسيء إلى محطة انتخابية مراهن عليها لقطع الطريق الشائك إلى تفعيل الجهوية المتقدمة. حميد الأبيض (فاس)

البلطجية… عساكر الانتخابات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نجاة... "حياحة" تستخدم "الغوص" للتمويه

الحدادي بالفريق الأول لبرشلونة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات