عبد الله إسوفغ… كاتم أسرار عبد الكريم الخطيب20

مروحية حسني مبارك في تيزي نتيشكا تحولت تاكونيت إلى ما يشبه المنطقة العسكرية، حيث جرى تهييء مدرج صغير للطائرات كان الفرنسيون يستعملونه لاستقبال بعض الطائرات الخفيفة والصغيرة. كما حجز مسؤولون عسكريون عددا من المنازل والإقامات وضربت عليها حراسة مشددة وضعت رهن إشارة الضباط الكبار، فيما بدأنا نسمع عن وصول مسؤول عسكري مهم هو الجنرال إدريس بنعمر، الذي سنعرف لاحقا، أنه قائد الجيش المغربي في ما يسمى حرب الرمال مع الجزائر.وصل الجنرال إلى المنطقة، حيث وضع قصر الكلاوي القديم رهن إشارته وضربت حراسة مشددة عليه من قبل الدرك الملكي العسكري. وشرعت القوات العسكرية في تهييء ثكنات صغيرة ووضع عدد من الدبابات والمعدات العسكرية في أماكن وزوايا خاصة في المنطقة.لم يدم مقام القوات العسكرية طويلا، إذ كانت تاكونيت، كما فهمنا من بعد، محطة استراحة واسترجاع الأنفاس، قبل مواصلة الطريق إلى حاسي بيضا وزغدو وتندوف، أي الزحف إلى الحدود المغربية والجزائرية.كانت المنطقة خالية من الجنود الذين توجهوا ليلا إلى خارج تاكونيت. والقليل الذي بقي منهم وجد تعاطفا كبيرا من السكان والمواطنين وسارعوا إلى ربط علاقات إنسانية بينهم، فيما تقاسم آخرون معهم وجبات الغذاء.يوم الاثنين الموالي، وبينما كنت أقطع طريقا غير معبد في اتجاه مجموعة من الجنود وكنت أحمل لهم حبات من التمر، سمعت عبر راديو "تروسميسيون" أن القوات العسكرية المغربية تجاوزت الحدود ودخلت بكيلومترات إلى التراب الجزائري.في اليوم نفسه، شاهدنا أعدادا كبيرة من الأسرى الجزائريين (مجموعة من الشباب والشابات في زي عسكري) يصلون تباعا إلى تاكونيت. كانت أعمارهم تتراوح بين 25 و26 سنة. كانت أوضاعهم وهيآتهم يرثى لها ويظهر عليهم تعب شديد.كانت القوات العسكرية المكلفة تضع الأسرى في ساحات قرب الثكنات، قبل أن يرحلوا في أفواج إلى مراكش، أو ورزازات.انتهى أسبوع من عطلتي في لمح البصر، وقررت العودة من جديد إلى الدار البيضاء عبر الطريق الوحيدة التي تربط تاكونيت والمنطقة الجنوبية بمراكش، وهي طريق تيزي نتيشكا التي كانت تتميز بوعورتها وقتذاك.في وسط الطريق، لمحت شاحنة كبيرة تحمل على متنها مروحية عسكرية كبيرة كتب عليها عبارة الجمهورية العربية المتحدة (اتحاد مصر وسوريا).كانت الشاحنة تتهادى وسط الطريق، بسبب حمولتها الثقيلة وأمامها وخلفها سيارات ودراجات عسكرية للخفر.لم أفهم ما يجري، وبدأت أطرح أسئلة على نفسي حول العلاقة بين هذه الطائرة المروحية التي تحمل علم الجمهورية المصرية والسورية وبين ما يجري في المنطقة من توترات.في ما بعد، استقيت الخبر المؤكد من الدار البيضاء حول حادث الهبوط الخاطئ للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي كان يحمل رتبة عقيد في الجيش المصري وتلقى خبرات عسكرية واسعة في الاتحاد السوفياتي سابقا في الطيران الجوي العسكري.وحسب الرواية المعروفة، فإنه في إطار مساندة جمال عبد الناصر للجزائريين في حرب الرمال، قرر إرسال فريق من خيرة أطره العسكرية، يتقدمهم العقيد حسني مبارك، لاستطلاع الوضع على الحدود الجزائرية، لكن يبدو أن تقديرا خاطئا لمناطق الحدود، جعل الطائرة تهبط قرب محاميد الغزلان، حيث تجمع عليها عدد من السكان المحليين الذين أخرجوا الضباط وقيدوهم بالحبال إلى الأشجار، قبل إخطار قائد المنطقة الذي أخبر بدوره القيادة العسكرية بهذا الصيد الثمين الذي تلقاه المغفور له الحسن الثاني مثل حجة دامغة للتعاون بين مصر والجزائر وخططهما لقلب نظام حكمه.يوسف الساكت

عبد الله إسوفغ… كاتم أسرار عبد الكريم الخطيب20

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جرائم من رحم مؤسسات تعليمية 2

دم مغربي في الجولان5

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات