وصفه بنكيران بصاحب الكفاءات الرهيبة لم يكن عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة بعيدا عن الصواب عندما تشدد في تشبثه ببقاء محمد الوفا في النسخة الثانية من حكومته ولو كان ذلك على حساب عدد حقائب العدالة والتنمية، وضدا على طبيعة الأعراف الديمقراطية التي لا تقبل أن يكون في الحكومة وزير ينتمي إلى حزب في المعارضة، إذ لم يتردد أمين عام "بيجدي" في وصف وزيره الاستقلالي بصاحب الكفاءات الرهيبة في القانون والاقتصاد والسياسة.لكن رهان بنكيران على الوفا لم يكن حبيس منطق "الكفاءات الرهيبة" التي لا تتوفر في كثير من ورزاء العدالة والتنمية، بل سعى من خلال الاحتفاظ به إلى الحفاظ على صلة وصل بالقلعة الاستقلالية قد تجبره لعبة السياسة على استعمالها في مستقبل الأيام، وهو ما يفسر إصرار بنكيران على اعتبار خصومته مع شباط شخصية لا يمكن أن تشمل كل ورثة حزب علال الفاسي. وفي هذا السياق أعطت كواليس العدالة والتنمية إشارات واضحة خلال تكريم زعيم "تيار لاهوادة" عبد الواحد الفاسي، المناوئ لشباط خلال اللقاء الاخير لمناسبة ذكرى رحيل مؤسس حزب الاستقلال "علال الفاسي"، بإمكانية منح التزكيات لأعضاء التيار للترشح باسم "بيجيدي" في الاستحقاقات المقبلة، سواء المحلية أو الجهوية، وذلك بذريعة عدم حرمانهم من الدخول إلى الجماعات، بعد أن أفرغوا من البرلمان.كما عبرت قيادات وطنية ومحلية من داخل حزب العدالة والتنمية، بأنها لا ترى مانعا في ترشح أعضاء تيار "بلا هوادة" المعارض باسم حزبها في الانتخابات المقبلة، خاصة في ظل تلاقي الرؤى والأهداف التي تصب في طريق الاصلاح وإعادة الروح الوطنية للعمل السياسي النبيل والمساهمة في بناء الوطن، بدل وضع العراقيل في وجه طريق الإصلاح.خطة "شعرة معاوية" في معركة بنكيران مع شباط فضحها فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، عندما استضاف أخيرا عبد الواحد الفاسي، زعيم تيار "بلاهوادة"، إحياء للذكرى 41 لوفاة زعيم "الاستقلاليين" علال الفاسي، مشددا على أن المناسبة ليست نكاية في القيادة الجديدة التي يعارضها أهل التيار من الداخل، بقدر ما تعبر عن إيمان كتلة وحزب "العدالة والتنمية" بأهمية فكر الزعيم علال الفاسي الذي تركه في مجال التنظير السياسي.من جهته أوضح عبد الواحد الفاسي أن والده كان يشدد في كل كتاباته وخطبه على أن الديمقراطية خلق ينبغي تمثله لربح مختلف الرهانات السياسية والتنظيمية، منتقدا مواقف حميد الأمين العام لحزب "الاستقلال" الحالي، واصفا إياها ب "المخجلة"، ومؤكدا أنّ "بلا هوادة" الذي يعمل على إعادة تصحيح الأمور داخل الحزب، لم يكن موافقا على الانسحاب من الحكومة في نسختها الأولى، موضحا أن الفكرة ولدت بعد انتخاب شباط أمينا للحزب، إذ لم تمر إلا أسابيع قليلة قبل أن يعلن انسحابه من الحكومة.ولم يتردد الفاسي في الكلام عن مرحلة ما بعد شباط في حزب الاستقلال، معتبرا إعادة الأمور إلى نصابها ستتطلب وقتا طويلا، قدره بين خمس و10 سنوات من العمل الداخلي،وذلك في إشارة إلى إمكانية بقاء الأمين العام الحالي على رأس الحزب لولاية ثانية، مع التشديد على أنه بعد ما يقارب 60 سنة من استقلال المغرب ما زال من يريدون التحكم في الشأن التنظيمي حاضرين، في إشارة إلى شباط وأنصاره.ياسين قُطيب