بنكيران: "سي عزيز رجل ملتزم ومتفان في خدمة قضايا الوطن الإستراتيجية" في 20 نونبر 2011، بقيت خمسة أيام فقط عن موعد توجه المغاربة إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تشريعية بعد اعتماد دستور جديد، فبلغ تركيز المرشحين على القيام بالحملة الانتخابية أوجه، ووحده عزيز أخنوش، وكيل لائحة حزب التجمع الوطني للأحرار بإقليم تيزنيت، سيضطر إلى وقف حملته والتحليق نحو الجزائر.لقد كان وقف الحملة، أسوأ شيء يمكن أن يقع لواحد من أثقل المرشحين وزنا، ويعول عليه تحالف مشكل من ثمانية أحزاب للظفر بأكثر من مقعد في مسقط رأسه، سيما وأن السياق التاريخي كان ينذر باكتساح انتخابي إسلامي في كل الوطن.حل أخنوش بالجزائر، في 21 نونبر 2011، لأن صفته الحكومية السارية المفعول، تقتضي أن يترأس ، رفقة نظيره الجزائري، رشيد بنعيسى، الافتتاح الرسمي للدورة السابعة للمعرض الدولي للفلاحة بالجزائر، التي اختير المغرب ضيف شرف لها.ومن قلب ذلك المعرض، سيظهر المؤشر المفاجئ: وسط تحالف "جي8"، الذي يجمع أحزابا ورجالا مناهضين للإسلاميين بالمغرب، يقف إلى جانب صلاح الدين مزوار، العدو اللدود حينها لعبد الإله بنكيران، رجل يحظى بتقدير خاص لدى قيادة حزب العدالة والتنمية، وتستثنيه من التنكيل الكلامي الموجه إلى زملائه."إن عزيز أخنوش أحسن وزير فلاحة عرفه المغرب، اسمحوا لي أن أشكره هنا في الجزائر، فرغم أنه في الأغلبية وأنا في المعارضة، أعتبره أحسن وزير فلاحة مر بالمغرب، بل حتى عندما سنصبح نحن في الأغلبية سيبقى هو أحسن وزير فلاحة في المغرب"، هكذا صدح أبو بكر بلكورة، القيادي في حزب العدالة والتنمية، في المعرض، أمام جمع من كبار الفلاحين المغاربة، الذين رافقوا وزير الفلاحة إلى الجزائر.لم يكن تصريح أبو بكر بلكورة أفضل مكافأة يتلقاها مرشح أوقف حملته الانتخابية بالمداشر الجبلية لسوس ليسافر في مهمة حكومية، من قيادي في حزب منافس، فقط، بل ظهر، أنه رسالة درس مضمونها بعناية، واختير الساعي الذي سيوصلها، بعناية مماثلة، وسيكون لها صدى كبير في الداخل، حينما ستتصدر صفحات الجرائد القريبة، الصادرة في 23 نونبر 2011، يومين قبل موعد الاقتراع.يتجسد ذلك، في أن أبو بكر بلكورة، واحد من كبار الفلاحين المنتمين إلى العدالة والتنمية، هو نفسه عمدة مكناس السابق، المدينة التي تجري فيها في نونبر 2011، حملة انتخابية صاخبة بين الإسلاميين وتحالف "جي 8"، لأن صلاح الدين مزوار ، زعيم التحالف، مترشح فيها.مرت الانتخابات، وحاز عزيز أخنوش مقعدا في مجلس النواب بحصوله على أكثر من 25 ألف صوت، في حين حل حزب العدالة والتنمية، أولا، على الصعيد الوطني، وسيكلف أمينه العام عبد الإله بنكيران، بتشكيل الحكومة، في وقت قرر فيه حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي ينتمي إليه أخنوش، الاصطفاف في المعارضة.أداء عزيز أخنوش، دور النائب البرلماني المعارض، مهمة ستنتهي قبل أن يبدأها، إذ سيتم الإعلان رسميا، أنه "جوكير" في الحكومة الجديدة، قبل أن تشرع في مهامها، حينما، سيتشبث به عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وزيرا للفلاحة والصيد البحري، ليكون لزاما على عزيز أخنوش، تقديم استقالته من حزب التجمع الوطني للأحرار.في أول مثول لعبد الإله بنكيران، أمام البرلمان بصفته رئيسا للحكومة، لن يخفي سروره بحيازته لأول "جوكير" في حكومته، باستغلال اختيار مجلس المستشارين قضية "الأمن الغذائي" موضوعا لمساءلة رئيس الحكومة حوله، للثناء على عزيز أخنوش. "أخنوش رجل ملتزم ومشهود له بوطنيته وتفانيه في خدمة قضايا الوطن الإستراتيجية وأهمها الفلاحة والأمن الغذائي، من خلال برنامج المغرب الأخضر الذي نال إجماع استحسان كل الفرق المتدخلة"، يقول بنكيران، مضيفا: "لقد كنت من بين المهنئين الأوائل لعزيز أخنوش إبان فوزه بدائرة تيزنيت خلال انتخابات 25 نونبر الماضي رغم أنه هزم مرشح العدالة والتنمية".لم يتوقف رئيس الحكومة، عند ذلك، إنما سيكشف عما يزكي أن أخنوش، كان ومايزال، "جوكيرا" في الحكومة، وفي عدة واجهات، فأضاف: "بعد فوزه في الانتخابات أخبرته أنني أريده أن يبقى وزيرا في الحكومة، رغم أنني لم أعلم بعد بتعييني رئيسا لها، وهي الإرادة التي تقاطعت فيها مع جلالة الملك، وكنت فرحا كثيرا لذلك".امحمد خيي وزير الفلاحة ينقذ بنكيران من ورطة الكرة قبل أشهر، حشر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، رأسه في عش الدبابير، حينما وجد نفسه محاصرا من قبل الجميع، بسبب هجومه على فريق الوداد البيضاوي لكرة القدم، ما أثار غضب جماهير المستديرة، وجعل المغرب على مرمى حجر من "الفيفا" التي تمنع تدخل السياسيين في الشأن الكروي، فاضطر إلى طلب خدمات "الجوكير" عزيز أخنوش، ليصالحه مع مسيري الشأن الكروي.وأظهرت واقعة تدخل عزيز أخنوش، وقيادته وساطة بين عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وفوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وتبديد الخلافات بينهما، ملامح، بعض أدوار هذا "الجوكير"، الذي يصفه أبناء بلدته تافراوت بـ"القوة الهادئة والصامتة"، داخل الحكومة والحقل السياسي.الوضع الاعتباري لعزيز أخنوش، داخل الحكومة، أظهره أيضا، اختياره في غشت 2013، بعيد تعيين جلالة الملك محمد السادس، الوزير السابق نزار البركة، رئيسا للمجلس الاقتصادي، لتولي مهام وزير الاقتصاد والمالية، رغم وجود وزير منتدب في القطاع ذاته ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية (إدريس الأزمي).وحتى قانون المالية للسنة الجارية، رأى فيه المراقبون، ما يؤشر على أن عزيز أخنوش، "جوكير" يثق فيه عبد الإله بنكيران، ولا يشمله بمنشورات التقشف التي يوجهها إلى باقي الوزراء، إذ حظيت وزارة الفلاحة والصيد البحري بحصة الأسد من ميزانية 2015، مقارنة مع باقي الوزارات، بنمو مخصصاتها بنسبة زائد 7,54 في المائة، لتصل إلى 10 ملايير و243 مليون درهم (1024 مليار سنتيم)، عوض 9 ملايير و524 مليون درهم (952 مليار سنتيم) في 2014.