ونحن نعد هذا الملف، الذي يتعلق بواحد من أهم المشاريع التي كان المغرب ينتظرها منذ عقود، ربطنا الاتصال بمجموعة من الأساتذة الجامعيين والحقوقيين المهتمين، ذكورا وإناثا، سيما أولئك الذين عرف عنهم الدفاع عن الحريات الفردية والمطالبة بإعمال حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية. بعد يومين أو ثلاثة من التزامهم بالمشاركة في الملف وقبولهم الاقتراح، نفاجأ باعتذارهم في آخر المطاف، بدعوى أنه وجدوا حرجا في التحدث عن العلاقات الجنسية الرضائية أو جرائم الشرف أو الدعارة أو السكر البين وإلزام الموجود في حالته بدفع واجب تنقله إلى مخفر الشرطة، وغير ذلك من الفصول التي تناولتها المسودة.هذه صورة مصغرة لتراجع المثقف والحقوقي عن دوره بذرائع أخلاقية غير مبررة، فالأمر يهم التشريع وموضوعا عاما ومجردا يمس جميع المخاطبين بالقانون، وعندما يتراجع المختصون والمدافعون عن الحريات، فإننا لن نلوم واضعي المسودة، فعلى الأقل كانت لهم شجاعة فتح الورش وطرحه للعموم، لخلق نقاش وجدال، سينتهي لا محالة بإغلاق أبواب وفتح أخرى، واجتهادات ستتبلور في المجلس الحكومي أو عند المناقشة أمام اللجان أو في البرلمان.العيب أن أمثال هؤلاء يكثرون الكلام في مواقف فردية وخاصة، وعند حالات استثنائية، ليسترقوا أضواء كاميرات القنوات الأجنبية لمناسبات شاردة، لكن عندما يفتح النقاش العمومي الجاد يتراجعون، تحت شعار كم حاجة قضيناها بتركها.