"الجرار" أنهى وجود خمسة أحزاب صغرى وشرع في جر الأحرار والحركة والاتحاد الدستوري لما خرج حزب الأصالة والمعاصرة إلى الوجود في 2008، قدم إجابة لحاجتين: محاصرة مد الإسلاميين أو على الأقل خلق توزان معهم، والإسهام في تجاوز حال البلقنة التي يعرفها المشهد السياسي المغربي في أفق الوصول إلى ثلاثة أقطاب: الليبرالي الاجتماعي، والوسط المحافظ، والاشتراكي الديمقراطي، غير أن أحداث 2011، أوقفت المسار في منتصفه.وتعود بدايات التأسيس لوقوع الفرز، إلى مرحلة خروج فؤاد عالي الهمة، من وزارة الداخلية، وتحوله إلى ناشط سياسي، يريد قيادة مشروع مجتمعي جديد اختير له "الأصالة والمعاصرة" اسما، وولد، في غشت 2008، من رحم جمعية سياسية هي "حركة لكل الديمقراطيين"، وكانت تضم نخبا، بعضها يسارية، وخمسة أحزاب قائمة، هي الوطني الديمقراطي والبيئة والتنمية وحزب العهد وحزب رابطة الحريات وحزب مبادرة المواطنة والتنمية. ولم يدم تقلص لائحة الثلاثين حزبا المغربية، أكثر من شهرين، حتى عادت للتمدد، بتراجع جناح عبد الله القادري، في الحزب الوطني الديمقراطي، عن الانصهار في المشروع الجديد، فأسس نسخة من حزبه القديم باسم "الحزب الديمقراطي الوطني المغربي".وفيما لم تكشف بعد كل ملابسات نزول عبد الله القادري من "الجرار"، برر حينها قراره بالقول إن: "الاتفاق الذي وقعه حزبه مع المكونات السياسية والجمعوية، لم يعد قائما، لأن المنتسبين لجمعية الحركة من أجل كل الديمقراطيين، همشوا باقي الأعضاء المنتمين للأحزاب المندمجة في رسم قرارات الحزب... ونقضوا الشروط المتفق عليها قبل الاندماج"، وتتمثل في الحفاظ على مكانة أعضاء حزب القادري، ومنتسبيه على كافة التراب المغربي، وضمان تمثيلهم في الأجهزة المسيرة للحزب الجديد.وفي مارس 2009، وتحديدا على بعد شهرين من الانتخابات الجماعية التي سيكتسحها "الجرار"، جاء الدور على الطبيب نجيب الوزاني، فأعاد تأسيس حزب "العهد الديمقراطي"، على خلفية خلافات مع قيادة الأصالة والمعاصرة حول مكانة أعضاء حزب العهد وحجمهم في المشروع الجديد، وهو المآل ذاته، الذي واجهته تجربة اندماج حزب البيئة والتنمية، بنزوله من "الجرار"، وتأسيس "حزب البيئة والتنمية المستدامة"، ولم يخف قياديون في الحزب في لقاء مع فؤاد عالي الهمة حينها، أنهم "كعروسة المنحوس ما هي مطلقة ما هي عروس"، في إشارة إلى وضعية التذبذب التي يعيشونها داخل حزب الأصالة والمعاصرة.هذا التراجع عن الاندماج من قبل الأحزاب الثلاثة، ظهر في الانتخابات الجماعية لـ2009، أنه لم يكن ذا تأثير على مشروع الأصالة والمعاصرة، عندما صار الحزب الأول في المغرب، وتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من المشروع: الحد من البلقنة السياسية وفرز تقاطبات على أساس البرامج والمرجعية، فأسندت مهمة تنظيم النقاش العمومي حول ذلك، في 2010، إلى "مركز الشروق"، الذي يديره محمد أوجار، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار.الحلقة الأولى من النقاش، كانت حول الليبرالية بالمغرب، وحضرها ممثلو أحزاب ووزراء وأطر ومثقفون، من أحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري، وانتهت إلى أن هذه الأحزاب هي التي يمكن أن تشكل قطبا سياسيا، مرجعيته "الليبرالية الاجتماعية".وفي أقل من شهر، على ذلك الموعد، استدعى المركز ذاته أحزاب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي وجبهة القوى الديمقراطية، إلى حلقة مماثلة حول "ماذا تعني الاشتراكية اليوم"، كان أبرز ما ميزها إعلان إدريس لشكر، الكاتب الأول حاليا للاتحاد الاشتراكي، عن "استنفاد الكتلة الديمقراطية لأدوارها"، وقبل أن ينتهي المجتمعون إلى أنهم نواة لقطب اشتراكي ديمقراطي، أفقه الحزب اليساري الكبير، بعث المنظم محمد أوجار، إشارة مفادها أن القطب الثالث سيكون "محافظا"، ولن يجمع سوى بين حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية، بإعلانه أن الندوة الثالثة ستخصص لهما.امحمد خيي الربيع الديمقراطي قلب الموازين كل تلك الجهود، ستذهب كلها سدى، باختناق الجو السياسي العام حد التوتر، وسينتهي كل شيء، مع أحداث "الربيع الديمقراطي"، الذي قلب موازين القوى لصالح الإسلاميين، وفي المغرب سينتهي، بتقلص إرادي للأصالة والمعاصرة، وانفراط حبل الكتلة الديمقراطية، بخروج الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة مقابل تحالف التقدم والاشتراكية مع الإسلاميين، لينتهي، بتكريس المنطق القديم: أغلبية حكومية مهما كان حجم الاختلاف الإيديولوجي، حينما قرر التجمع الوطني للأحرار طي صفحة الاختلاف مع العدالة والتنمية، وإنقاذ الحكومة من السقوط بعد انسحاب حزب الاستقلال.
5.jpg)
“الجرار” أنهى وجود خمسة أحزاب صغرى وشرع في جر الأحرار والحركة والاتحاد الدستوري
