شرعت لجان مجلسي البرلمان في مناقشة مشروع القانون رقم 14.25 بتغيير وتتميم القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، دون الانتباه إلى مركزية المحاسبين العموميين لوزارة الاقتصاد والمالية في منظومة التشاور والاقتراح، وربط النظري بالخبرة الميدانية. وعبرت الهيأة الوطنية للجبايات والمحاسبة العمومية عن هذا التهميش بلغة واضحة، حين قالت إن المنهجية المعتمدة في تدبير وتعديل اختصاصات المرافق العمومية خاصة منها التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية "غير تشاورية وتفتقر إلى الرؤية الاستشرافية لطبيعة وتداعيات الأمور"، بدءا من قانون المالية القاضي بنقل تحصيل الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة من الخزينة إلى المديرية العامة للضرائب، مرورا بالقانون رقم 07.20 وصولا إلى مشروع القانون رقم 14.25. وعقدت الهيأة الوطنية للجبايات والمحاسبة العمومية لوزارة الاقتصاد والمالية اجتماعا لمكتبها المركزي للوقوف، بشكل مفصل، على مضامين ومخرجات هذا المشروع، سيما ملاءمة أسعار الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية مع مستوى التجهيز في المناطق التي توجد بها هذه العقارات، وإسناد مهمة إصدار وتحصيل رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية إلى المديرية العامة للضرائب. واعتبرت الهيأة بأن مشروع القانون رقم 14.25 لا يعدو أنه إجراء تنظيمي مؤسساتي يقضي بنقل جزء من اختصاص مؤسسة عمومية إلى أخرى، مثمنة الورش الإصلاحي الشامل الذي تبنته الحكومة، والرامي إلى تجويد وتحسين تدبير الرسوم التابعة للجماعات الترابية انطلاقا من القانون رقم 07.20 الذي عدل وتمم القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، والذي شكل لبنة أولى نحو بناء نظام جبائي محلي متكامل يتماشى مع توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات وتوجهات القانون الإطار رقم 69.19 الخاص بالإصلاح الجبائي. وقالت الهيأة إن المشروع تفوق في الشق المتعلق بنقل اختصاص تصفية وإصدار رسم السكن والرسوم الجماعية إلى مصالح الوعاء بالمديرية العامة للضرائب، لكنه أخفق في الشق المتعلق بالتحصيل، إذ من شأن ذلك أن يحدث تأثيرا سلبيا على مؤشر التحصيل وأداء القباضات الجبائية التابعة للمديرية العامة للضرائب، ويكرس خرق المشرع لقاعدة أصيلة من قواعد المحاسبة العمومية، أي فصل مهام الآمر بالصرف عن مهام المحاسب العمومي. وأكدت الهيأة أن اطر وموظفي الوعاء بالخزينة العامة للمملكة والقباض التابعين بذلوا مجهودات جبارة للرفع من إيرادات الجماعات الترابية منذ شتنبر 2022 إلى اليوم، معبرة عن استعدادها لوضع خدماتها رهن إشارة وزارة الاقتصاد والمالية والسلطات المعنية لتعميق التشاور والتعاون من أجل إيجاد الصيغ المناسبة والمتوافق عليها لتجويد تدبير المرافق المالية، سواء تعلق الأمر بمصالح الوعاء أو المراقبة أو التحصيل. وطالبت الهيأة بفتح نقاش عمومي لوضع تصور شامل لإصلاح منظومة التحصيل بالارتكاز على عدد من المحددات والتدابير، منها توحيد المصالح التي تدبر المال العام وفصل مصالح الوعاء عن مهام الآمر بالصرف، مع رد الاعتبار لمؤسسة المحاسب العمومي، من خلال إعادة النظر في المسؤولية المالية في أفق إقرار نظام أساسي خاص بالمحاسبين. يوسف الساكت