رجحت المستجدات الأخيرة في قضية الصحراء المغربية أن يكون المدخل الحقيقي لحل النزاع المفتعل، هو توجه الإدارة الأمريكية إلى تصنيف الجناح العسكري لـ"بوليساريو" منظمة إرهابية، بالنظر إلى أن التسريبات الخارجة من البيت الأبيض تنذر بتحول جوهري في الملف. وفي ظل المناورات الجزائرية الهادفة إلى إطالة النزاع واستخدام الجبهة الانفصالية أداة لتحقيق مصالح إقليمية، ينتظر أن يحدث هذا التصنيف المحتمل ضغطا دبلوماسيا وقانونيا غير مسبوق على الجزائر، لدفعها نحو حل واقعي يتماشى مع مقترح الحكم الذاتي المغربي. وسيحد الموقف الأمريكي من المناورات الجزائرية التي طالما عرقلت جهود التسوية، ويفتح الباب أمام مفاوضات جدية تنتهي بطي هذا الملف والتفرغ للتنمية في كل دول المنطقة المغاربية. ولا بد في هذا الباب من التمييز بين تصنيف جبهة "بوليساريو" بأكملها منظمة إرهابية، وبين الاكتفاء بتصنيف جناحها المسلح فقط إرهابيا، لأن ذلك ستكون له تأثيرات بارزة في المسارات السياسية المتاحة لحل النزاع. عندما يتم وصم الجناح المسلح فقط بتهمة الإرهاب، سيبقى الجناح السياسي محتفظا بصلاحية التفاوض من أجل تنزيل الحكم الذاتي، ما سيتيح مشاركة في محادثات المقترح المغربي وفي إيجاد تسوية سلمية لملف الصحراء المغربية. وسيفتح هذا النهج قنوات حوار تساعد على كسر الجمود السياسي وبناء الثقة اللازمة للوصول إلى تسوية نهائية ومستدامة للنزاع، مع تمهيد الطريق نحو حلول توافقية تحترم تطلعات جميع الأطراف، بينما يعزل العناصر المتطرفة التي تلجأ للعنف. لكن كل ذلك سيبقى رهينا بالطريقة التي سترد بها الجزائر، بين تفهم المخاطر الناجمة عن تصنيف محتمل في خانة الدول الراعية للإرهاب أو الهروب إلى الأمام والاستمرار في مصارعة طواحين الهواء، بحثا عن أطماع توسعية وريادة إقليمية لم تتحقق مند عقود حرقت فيها ملايير البيترو دولار. لم تتأخر الجارة الشرقية طويلا لترسل إشارات بأنها ستواصل التعنت، إذ اعتبرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، أن النظام الجزائري سيسير في اتجاه التصعيد والدليل على ذلك إعادة طرح مشروع قانون التعبئة العامة، الذي يقدم على أنه مجرد قانون تنظيمي، في حين أن الأمر يتعلق بإعلان صريح للنفير العام. الأكيد أنها مناورة جزائرية جديدة لأن العارفين بخبايا النظام الجار يؤكدون أن الهدف غير المعلن هو تفعيل المادة 99 من الدستور الجزائري، التي تجيز "تعبئة سريعة ومنسقة لجميع قوى الأمة في حال وقوع أزمة كبرى، مثل نزاع مسلح أو عدوان خارجي، أو تهديد للسيادة الوطنية، أو أزمة داخلية"، والحالة الأخيرة هي الأرجح. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma