تجمعنا بالقانون علاقة غير عادية، علاقة يشوبها الاضطراب والتنافر، إذ نقبل أن نطالب بتطبيقه، ولا نقبل أن يطبق علينا. نلجأ إليه حين نكون مظلومين ونناشد بإحقاقه، ونتهرب منه حين نكون مرتكبين لمخالفة أو جريمة أو إلحاق أي ضرر بالغير. نعيش الأنانية دون أن نكون مدركين أننا مرضى بها، وأن تصرفاتنا لا تترجم إلا شيئا واحدا، هو أننا لا نحب القانون، فتجد من يشيد بناء مخالفا بشرفة أو سطح، يتحاشى أن يطبق في حقه الزجر، بينما حين يكون جاره من يقوم بتلك الأشغال، ينتفض، وقد يدخل طرفا بشكايات لا يتوانى في توجيه نظائر منها إلى القائد والباشا والعامل والوالي، بل قد يرفع نسخا منها إلى وزارة الداخلية ومديرية الأمن الوطني وهلم جرا... قد لا يلام البعض على هذا الخلط والخليط، لأنه في وعينا المجتمعي، لا نحترم القانون، بل لأننا أصلا لا نطلع عليه، رغم أننا ملزمون به ومفترض فينا العلم به منذ أن ينشر بالجريدة الرسمية. ولا يدرك الكثيرون خطورة ما يقومون به إلا بعد مواجهتهم وفق مساطر الردع والزجر، فتجد محتل الرصيف والشارع يعتقد أن ما يقوم به مشروع، وأنه حق مكتسب يدخل في مجال "الاسترزاق"، لذا لا يطيق حملات السلطة المحلية، بل قد يواجهها، لدرجة أننا أصبحنا اليوم نرى جمعيات أسست بأهداف غير مشروعة، نظير جمعيات تسمى مجازا "الباعة المتجولون"، فتلك الجمعيات يصعب فتح نقاش معها لأن منطقها يخالف قانونها الأساسي، إذ بينما هي تدافع عن الباعة القارين، المرابضين بأماكنهم، المحتلين للأرصفة والحدائق وغيرها، يدعي أعضاؤها أنهم إطار شرعي للباعة المتجولين، فهل التجول هو الاستقرار وإنشاء أسواق عشوائية قارة، وما يواكب ذلك من تشويه سمعة الحي والإزعاج وعرقلة الطريق، بل وإغلاقها في أحيان كثيرة؟ الصفعة التي تلقاها قائد تمارة، هي أيضا ناتجة عن هذه السلوكات التي تجمعنا بالقانون، فتصرف القائد بحجز السلع وتحرير محضر لمن رفض الامتثال، أصبح سلوكا مرفوضا، رغم أن القانون في المخالفات من الدرجة الأولى المذكورة في الفصل 608 من القانون الجنائي، يفرض اعتقال من ضايق الطريق العام من يوم إلى 15 يوما، وليس فقط حجز سلعه. ملحوظة لها علاقة بما سبق أحد مؤازري المخالف في واقعة صفع القائد، لم يتوان في التحدث إلى "مخازني" بإهانة، عندما قال له ليست لديك الصفة الضبطية، وهو يجهل أن هذا العنصر، بحضور القائد، وهو ضابط شرطة قضائية وإدارية، يصبح ذا سلطة فعلية وقانونية، تتجلى في الامتثال لما يؤتمر به من رئيسه. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma