ابن الناظور التحق بالمحاماة بعد الوظيفة العمومية وكان من رواد الشعر والمسرح بالمنطقة قضى المحامي والشاعر والناقد والكاتب المسرحي المرحوم الحسين بوعزة القمري أزيد من 40 سنة في مهنة المحاماة بالناظور التي ولج إليها في 1978، بعد حصوله على الإجازة في العلوم القانونية خلال 1977. بنى المرحوم الحسين مساره تدريجيا بأساس متين ولبنات صلبة منذ أن كان معلما ارتدى بعد ذلك البذلة السوداء وأقسم ألا يخون القسم والعهد. عزم وضحى واجتهد واختار الوفاء لمهنة نبيلة، طريقا في حياته وعلاقاته. ولد المرحوم الحسين القمري شقيق الناقد المعروف البشير القمري بالناظور في 1944. اشتغل معلما بمدرسة لعري الشيخ، ثم مديرا بإحدى مؤسسات التعليم الابتدائي بالمنطقة. حصل على شهادة الباكلوريا خلال 1974، والإجازة في العلوم القانونية في 1977. زاول مهنة المحاماة بداية من 1978 بمكتبه بشارع الحسن الأول بالناظور. انضم المرحوم الحسين القمري إلى اتحاد كتاب المغرب بداية من 1976، ومثل المغرب في مؤتمر الشعر العربي المعاصر في بغداد، كما شارك في مؤتمر المحامين العرب في سوريا. وتوفي الحسين القمري في 14 يناير 2022 بعد مرض عضال. ويعتبر المرحوم من الفاعلين الثقافيين الأوائل الذين سارعوا إلى تأسيس الفرق المسرحية بالناظور، منها فرقة المشعل المسرحي، وجمعية أهل دربالة للموسيقى والمسرح، إضافة إلى إسهاماته الكثيرة داخل فرع اتحاد كتاب المغرب بالمدينة. وكان آخر ظهور للحسين القمري في الناظور في 2017 حين تم تكريمه من قبل مهرجان السينما للذاكرة المشتركة، حيث منحته سفيرة الهند درع ذاكرة مياه المحيط. تجربة شعرية ونقدية بدأ الفقيد الحسين القمري تجربته الشعرية بكتابة الشعر العمودي، قبل أن ينتقل إلى كتابة الشعر الحر، فضلا عن إسهاماته المضيئة في مجال المسرح، كتابة وتمثيلا وإخراجا وتدريبا للممثلين، ويشهد له، في هذا الباب، بأنه مؤسس التجربة المسرحية بالناظور في بداية ستينات القرن الماضي، فكان يكتب مسرحيات لفرع الطفولة الشعبية بالمدينة ويخرجها. وتحمل المرحوم مسؤولية الكاتب العام لفرع اتحاد كتاب المغرب بوجدة، ثم نائبا للكاتب العام لفرع الناظور، ويشهد لهذين الفرعين، في فترة تولي المرحوم المسؤولية داخلهما وخارجهما، بأنشطتهما المختلفة والمضيئة، وبحضورهما الثقافي والتنظيمي الوازن والمؤثر. قدم المرحوم شعره في جامعة الخرطوم عاصمة الثقافة العربية سنة 2004، كما شارك بقصيدة "المنبوذ والبحر" في معجم البابطين للأمير عبد العزيز البابطين للشعراء العرب المعاصرين سنة 1996، وهو صاحب ركن أسبوعي في جريدة البيان وصاحب مقالات في جريدة الاتحاد الاشتراكي والعلم ومجلة الأديب اللبنانية. من أعماله الأدبية، ألف باء، وكتاب الليالي، وهديل الروح وسنابل الزمان وحصاد العمر. وألف العديد من المسرحيات منها، المتمردون، وعمالقة يذوبون، وبطولة العرش، ورجوع الملك محمد الخامس من المنفى، وجحا يتسلم بطاقته الوطنية، وسفينة نوح التي نالت جائزة المغرب بأكادير. وسبق أن وصف الناقد نجيب العوفي علاقة الشقيقين، البشير والحسين في لقاء نعيِ البشير بكلية الآداب بالرباط، قائلا: "كما تقاسم الأديبان الشقيقان شجرة الدم والنسب، تقاسما فنون وأجناس الأدب. فتفرغ الحسين القمري للشعر، يمحضه وده وجهده، وتفرغ البشير القمري للنثر، يمحضه وده وجهده". المناضل السياسي تسرب النضال الذي زاوله المرحوم إلى قصائده الشعرية، إذ كان ينتقد الحيف والفوارق الاجتماعية وهيمنة ذوي النفوذ واستفرادهم بخيرات البلاد على حساب الطبقات الأخرى للشعب. عرفت عنه مواقفه الشجاعة والتزاماته الفكرية، وكان مناضلا حالما يترقب باستمرار التحولات الإيجابية للوطن، ويحلم بذلك الغد الذي يئس كثيرون من وصوله. واستمد الفقيد روح النضال من الزعيم التاريخي محمد بن عبد الكريم الخطابي. كان القمري ناشطا ثقافيا وسياسيا في الآن نفسه، انتمى إلى التيار اليساري في زمن مغربي صعب، وعاش تحولات البلاد منذ أن كانت تحت الاحتلال، إلى زمن الاستقلال ونشاط الحركة الوطنية، ومرحلة التوتر السياسي في السبعينات. كان القمري يكتب عمودا أسبوعيا في جريدة "البيان"، لسان حزب التقدم والاشتراكية، لم يجعله وقفا على المواضيع الثقافية فحسب، بل كان يناقش من خلاله الكثير من القضايا المرتبطة بالمجتمع والحقل السياسي. وظل المرحوم يحتفي بالحياة وبالأمل، وهو الذي انتمى إلى جيل المثقفين والسياسيين السبعينيين الذين عاشوا لاحقا زمن انهيار الأحلام. وقد عبر الحسين القمري عن أحلامه وأفكاره السياسية ورؤيته إلى الحياة والأمكنة من خلال أعماله الشعرية والمسرحية. جمال الفكيكي (الحسيمة)