أكدت المبادرة التواصلية التي أطلقها المجلس العلمي الأعلى مع وزراء وخبراء ومسؤولين في مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات المالية والقضائية والأمنية، ألا أحد يمكنه احتكار الكلام في الدين بذريعة المرجعة الإسلامية. وأظهر مستوى المداخلات في اللقاء الذي احتضنه مقر المجلس بالرباط، الأحد الماضي، أن المرجعية الإسلامية للجميع، وأن الذين أخذوا الكلمة من طينة رجال ونساء وصفهم الملك الراحل الحسن الثاني بـ "أولاد الناس" ممن تلقوا القرآن في "المسيد" منذ ما قبل المدرسة. سيكون هذا الحوار غير المسبوق فرصة للاستماع لصوت الفقه من أفواه كبار المسؤولين المتكلمين، بناء على تجارب متراكمة جعلت أجوبتهم شافية وكافية على سؤال دورهم في التبليغ، على أن يستكمل العلماء، بعد الاستماع والنظر المتفحص في الأفكار، اقتراح الكيفيات المطلوبة في تنزيل النقاش إلى مستوى عموم المغاربة في المساجد. وخلص المتدخلون إلى حقيقة مفادها أنه، بقدر ما يتحقق التبليغ المسدد، ويتم التعامل مع تقويم التدين الأخلاقي بمجهود الجميع، بقدر ما ستخف الكلفة المادية والنفسية على الأفراد والجماعات والدولة، وأيضا اقتناعهم بأن النجاح التدريجي لهذا التعاون من شأنه أن يبني نموذجا تتوفر شروطه السياسية والمعنوية في المملكة. لا مقارنة لمستوى ما يصدر عن خطيب جمعة مع مضامين محاضرات ألقاها مسؤولون أغنت الخبرة مداركهم وضاعفت زاد الإيمان لديهم، من قبيل محمد عبد النباوي رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبوبكر سبيك، المراقب العام للأمن الوطني والناطق باسم المديرية العامة للأمن الوطني، وفوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ونزار بركة، وزير التجهيز والماء، والفيلسوف علي بن مخلوف، ومصطفى بايتاس، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق باسم الحكومة. لقد غيرت المبادرة معنى التبليغ المسدد بالنزول إلى الميدان بتدخل المبلغين في مختلف الفضاءات التربوية والاجتماعية عبر خطب الجمعة، والوعظ والإرشاد، والتواصل المباشر، والإعلام المسموع والمرئي الذي تشرف عليه المجالس العلمية المحلية بتأطير العلماء والعالمات، والمرشدين والمرشدات، والوعاظ والواعظات، والأئمة. فهكذا يجب أن تكون خطب الجمعة لا أن تقتصر على الشعائر والمناسك، بل تتطرق إلى ما يهم المغاربة في الدين والدنيا لمواجهة التشويش الآتي من بعض العناصر، باستعمال سلاح البيان والتيسير والقدوة الحسنة والقرب وتوضيح الأولويات وربط التوجيه بالنفع في الحياة، والتنبيه إلى الفوائد الدنيوية والأخروية للاستجابة والاتباع. ولابد أن جميع من استمع لمداخلات المدعوين للنقاش أدرك أنها تضمنت من الفقه أكثر من الأرقام والمعطيات، فاستحق أصحابها بذلك تحية رواد جلسات الإرشاد في المساجد. "الله يرحم من قراك". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma