الأساتذة والآباء يتقاسمون المسؤولية ومطالب باتخاذ إجراءات أكثر جدية سب وشتم وملاسنات داخل الحجرات الدراسية. ضرب وجرح في حق التلاميذ والأساتذة أيضا. إنها "السيبة" التي اجتاحت المؤسسات التعليمية، وظهرت معالمها بالتفاصيل المملة على مواقع التواصل الاجتماعي وبالصوت والصورة. فيديوهات حركت الوزارة الوصية، ودفعت بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، إلى فتح تحقيق في شأنها، وتأسيس المرصد الوطني لمناهضة العنف بالوسط المدرسي، إلى جانب إطلاق الاشتغال بنظام معلوماتي لرصد التي الظاهرة أرهقت المهتمين. مسؤولية العنف يتحملها جل أطراف المجتمع، ففي الوقت الذي تحمل جمعيات آباء وأولياء التلاميذ المسؤولية للأطر التربوية، يبرئ الأساتذة أنفسهم، معتبرين أنهم "ضحايا". فيما تتخذ النقابات وضعا آخر، إذ تحمل جزءا من المسؤولية للوزارة الوصية، باعتبار أنها لا تتخذ الإجراءات الناجعة للتصدي للعنف في الوسط المدرسي. في هذه الصفحة سنسرد مواقف كل الأطراف، للإجابة عن سؤال "من يتحمل المسؤولية"؟ إعداد: إيمان رضيف انتشر أخيرا، على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو تظهر فيه أستاذة في حالة هستيرية، تصرخ في وجه تلميذ، وتسب عائلته. قامت الدنيا، ولم تقعد بسبب الفيديو، وبعد ساعات قليلة، انتشر فيديو آخر لتلاميذ، يعنفون أستاذهم، وبعد ذلك فيديو يجسد مظاهر العنف داخل المؤسسات التعليمية. توالي تلك الفيديوهات، كان كافيا لتتحرك وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني لتفتح تحقيقا في الموضوع. مذكرة "مشؤومة" سبب انتشار العنف لم يجد الأساتذة صفة للمذكرة867/14 التي أصدرتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني قبل أسابيع غير "المشؤومة"، باعتبار أنها أزمت العلاقة بين الأستاذ وتلاميذه، وخلقت التوتر بين الإدارة ومجالس الأقسام، إذ منعت الأخيرة من اتخاذ قرارات ضد التلاميذ المشاغبين، وحددت سقف العقوبات في تنظيف ساحة المؤسسة، وانجاز أشغال البستنة، والقيام بأشغال داخل المكتبة المدرسية، عقوبات بديلة عن التوقيف النهائي. المذكرة، على حد تصور الأساتذة، شجعت التلاميذ على الشغب، وساهمت في انتشاره، كما أنها على حد تعبيرهم فتحت المجال أمام "السيبة" في المدارس. يعتبر الأساتذة أن الوزارة بذلك، سمحت للتلاميذ بممارسة العنف، والتمادي فيه دون الخوف من عقوبات قاسية يمكن أن تغير مجرى حياتهم الدراسية، الأمر الذي دفعهم إلى مطالبتها بإلغائها وإصدار قرارات وإجراءات تحمي هيأة التدريس وتصون كرامتها، سيما أن ما صارت تعيشه المؤسسات التعليمية أضحى لا يطاق. من جهة أخرى، فاحترام الأستاذ واجب، لكن إذا كان الأمر يحتاج إلى الكثير من التحمل والجهد، بسبب طريقة التعامل مع الأستاذ مع التلاميذ، فالوضع يختلف. وهذا ما يتفق عليه الكثير من الآباء وأولياء التلاميذ، معتبرين أن بعض الأساتذة يتمادون في استفزازاتهم للتلاميذ، ويفتحون المجال لهم لممارسة العنف في حقهم، مؤكدين أن الأستاذ يمكن أن يتحكم في زمام الأمور، ويغير مجرى الأحداث إذا نحج في التقرب من التلاميذ. المرصد قد يظل دون تفعيل بعد توالي أحداث الشغب في الأقسام، أصدرت وزارة التربية والتكوين المهني، بيانا تؤكد فيه تأسيس المرصد الوطني لمناهضة العنف بالوسط المدرسي، الذي يهدف إلى رصد وتتبع حالات العنف، بتعاون ومساهمة جميع الأطراف المتدخلة من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية ومجتمع مدني. خطوة الوزارة لاقت استحسان الكثيرين، سيما أن إرساء المرصد يندرج في إطار تفعيل الإستراتيجية المندمجة لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في مجال الوقاية ومحاربة العنف بالوسط المدرسي، التي تهدف إلى تقوية القدرات المؤسساتية للمدارس، وكذا للمتدخلين في المؤسسات التعليمية. مرصد للوقاية والتتبع المرصد الذي أكدت الوزارة أنه يروم الوقاية من العنف داخل المؤسسات التعليمية وفي محيطها، ونشر ثقافة السلم واحترام حقوق الطفل، بالإضافة إلى رصد وتتبع حالات العنف بالوسط المدرسي عبر استعمال نظام للمعلومات والمتابعة والتقييم في هذا المجال، قد يظل حبيس الرفوف، ويمكن أن لا يتم تفعيله، وهذه مخاوف الكثيرين، سيما أن محاولات كثيرة اعتمدتها الوزارة السابقة للتصدي للظاهرة، لم تجد طريقها إلى النجاح وتحقيق الأهداف المتوخاة منها. دون أن ننسى أن الوزارة أعطت الانطلاقة الرسمية للاشتغال بنظام معلوماتي لرصد العنف بالوسط المدرسي، والذي سيمكن، على حد تعبيرها، مديري المؤسسات التعليمية والمسؤولين عن خلايا الإنصات والوساطة، من التبليغ عن كل حالات العنف التي يتم رصدها سواء داخل المؤسسات التعليمية أو بمحيطها، ما سيمكن من إعداد قاعدة معطيات دقيقة حول خريطة العنف على المستوى المحلي والإقليمي والجهوي والوطني.