نظموا ورشا لصباغة وتزيين مدرسة بناها آباؤهم وأسسوا جمعية "توازة" لإصلاح طرق وعيون زرع شباب دواوير بجماعة بني وليد بتاونات بذور التطوع في نفوس أطفال صغار أشركوهم في العطلة البينية في ورش صباغة وتزيين حجرات مدرسة سيدي سوسان، وأحيوا تقليدا متأصلا توارثوه عن آبائهم وأجدادهم الذين بنوا تلك المدرسة قبل 50 سنة، بشكل تطوعي من مالهم الخاص لإنقاذ أبنائهم من براثن الجهل والأمية. تزامن الورش مع ذكرى بناء المدرسة بسواعد أبناء دواوير أولاد بوتين وأولاد غزال وأمسكير وأولاد مسعود وبرواض والعزيب وأولاد عزيز، منتصف سبعينات القرن الماضي، في ورش خرجت إثره للوجود مؤسسات تعليمية اعتمد فيها السكان على إمكانياتهم في تشييد حجراتها بالحجر والطين، قبل تجهيز الوزارة الوصية لها. ثلاثة أيام من العطلة قضاها شباب المنطقة وضيوفهم طلبة ناد بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بسطات، في صباغة حجرات بناها آباؤهم وتلك المفككة، وتزيينها برسوم ولوحات تشكيلية أبدعوها تلقائيا، موازاة مع تنظيم أنشطة ترفيهية لفائدة تلاميذها الذين وزعت عليهم أدوات مدرسية استفاد منها 100 من مختلف المستويات. أوراش تطوعية ليست جديدة على شباب هذه المنطقة الذي عود هؤلاء التلاميذ على مبادرات رائدة في مجال التطوع وتنظيم أنشطة ترفيهية وصبحيات نشطها فنانون في فترات سابقة، كما وزعوا قبل سنوات محفظات بكل الأدوات المدرسية تحت إشراف جمعية ورغة وبتنسيق مع جمعية "ساعة فرح"، مكرسين ثقافة تطوع متأصلة. المبادرة شملت أيضا حملة لفحص العيون للتلاميذ لتحديد المحتاجين منهم إلى نظارات طبية، شملت كل تلاميذ المدرسة الموجودة عند قدم جبل درينكل، والتي "عرفت حركية غير مسبوقة في نهاية العطلة البينية أدخلت البهجة والسرور على قلوب المتعلمين وبثت روح الألوان واللوحات في جدران وأسوار جميع حجراتها". وقال الجمعوي محمد الهاشمي، إن هذا الورش جاء ضمن قافلة إنسانية لنادي الطلبة بشراكة مع مديرية التعليم والإدارة وأطراف متدخلة أخرى، وانخرط فيها شباب المنطقة كعادتهم كلما تعلق الأمر بأي شكل من أشكال التطوع، فيما تكلف سكان الدواوير المجاورة للمدرسة، بتغذية الضيوف وكل المشاركين في هذا الورش. "التطوع ركيزة أساسية في العمل الجمعوي ويمنحه مصداقية ويجعله أقرب للسكان المتأثرين به ويميط اللثام عن روح تعاونية وتشاركية" يقول ابن هذه المنطقة هشام الكفحالي، وبه "يضطلع المجتمع المدني بدوره ويعمل على ترسيخ قيم نبيلة لدى المجتمع ويصونها من هدم يهددها بفعل التصاعد المطرد لقيم كان مجتمعنا بمنأى عنها". واعتبر أن مبادرة أبناء المنطقة وطلبة سطات، "تعطي صورة واضحة على فهم راق للعمل الجمعوي، وتحيي لدينا قيم التطوع من خلال الورش والأنشطة المرافقة التي رسمت البسمة على وجوه التلاميذ"، مؤكدا أن أبناء المنطقة كانوا مرارا وراء أوراش تطوعية مماثلة وما فتئوا يقدمون منذ سنين مثالا لشباب يحتدى به في مجال التطوع. ولشدة ولعهم بالتطوع أسس شباب المنطقة قبل سنوات جمعية "توازة" للثقافة والتنمية، استحضارا لتقليد راسخ لدى الفلاحين الذين يتعاونون في ما بينهم في كل عملية حرث وحصاد أو جمع محصول فلاحي لأشجار اللوز والزيتون. مبادرة احتضنها السكان وانخرطوا فيها تلقائيا كما في كل الأوراش التي نظمتها. ولا تمر فرصة دون أن تنظم الجمعية ومنخرطوها أوراشا لإصلاح طرق ومنابع مياه، في مبادرات متعددة شملت دواوير مختلفة من سيدي سوسان إلى تمدغاص، دون إغفال الجانب التنشيطي لحد تنظيم أمسيات وفقرات ثقافية داخل الدواوير واستضافة فنانين على غرار صلاح الطويل الذي أحيى حفلا بأولاد غزال. حميد الأبيض (فاس)