رئيس النيابة العامة طالب بالتعجيل بتعديل قانون المسطرة الجنائية وتوسيع وعاء الجرائم التي يمكن أن يطبق فيها أكد الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، أن موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية كان حاضرا ضمن محاور النقاشات العمومية والقانونية التي عرفها المغرب بخصوص إصلاح منظومة العدالة، إذ أفضت التشخيصات الدقيقة التي أجريت في عدة محطات كبرى، أبرزها الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، إلى ترسيخ القناعة بتبني إصلاح جذري عميق يستشرف مستقبلا يواكب التوجهات الحديثة للسياسة الجنائية، الرامية في جزء مهم منها إلى تنويع رد الفعل العقابي تجاه الجريمة، عبر سن خيارات تشريعية بديلة ومتنوعة تمكن من تفادي وتجاوز سلب الحرية، سواء قبل المحاكمة أو خلال النطق بالعقوبة أو في مرحلة تنفيذها. وأشار رئيس النيابة العامة في الكلمة التي ألقها بالنيابة عنه أمس (الخميس)، هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، في الندوة المنظمة من قبل رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المؤسسة الألمانية للتعاون القانوني الدولي IRZ، حول موضوع العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: بين التنظيم القانوني وآليات التنزيل، إلى أن رئاسة النيابة العامة مؤمنة بأهمية الدور الذي يمكن أن يساهم به تفعيل العقوبات البديلة في التخفيف من ظاهرة الاكتظاظ في السجون، ومساعدة المحكوم عليهم على الاندماج في محيطهم الاجتماعي، كما تستحضر أهمية التكوين في هذا المجال، باعتباره أحد المداخل الأساسية لتوفير بيئة خاصة قادرة على التنزيل الأمثل لتطبيق العقوبات البديلة بمختلف أنواعها. وأَشاد الداكي بالقانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، والذي كان موضوع مقاربة تشاركية موسعة يرجع الفضل في تبنيها إلى وزير العدل، مما مكن من إثراء النقاش بشأنه وفتح المجال لجميع المؤسسات المعنية لإبداء تصوراتها وموقفها ومقترحاتها حول مقتضياته، موضحا أن هذا القانون جاء بمقتضيات جديدة أدمجت في القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، في انتظار إدخال التعديل الشامل على هذين القانونين، والذي يعتبر عملا طموحاَ يروم تحديث الترسانة التشريعية الوطنية بغية ملاءمتها مع المعايير المعتمدة دولياً، وتعزيز عمل السلطات القضائية ومؤسسات العدالة الجنائية لتحقيق مكافحة ناجعة لأنواع محددة من السلوك الإجرامي، وفق مقاربات مندمجة ومتكاملة بشكل يتجاوز التداعيات السلبية للاعتماد الكلي على العقوبات السالبة للحرية. واعتبر رئيس النيابة العامة، أنه إذا كان قانون العقوبات البديلة يشكل قفزة نوعية في مجال تطوير السياسة الجنائية والتخفيف من ظاهرة اكتظاظ السجون للمساهمة في تحقيق الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمحكوم عليهم، فإن التقائية تحقيق هذه الأهداف تقتضي من منظور رئاسة النيابة العامة التعجيل بتعديل قانون المسطرة الجنائية عبر اعتماد تدابير جديدة بديلة للاعتقال الاحتياطي وتوسيع وعاء الجرائم التي يمكن أن يطبق فيها، وتمكين قضاة النيابة العامة من خيارات أوسع على غرار تلك المتاحة لقضاة التحقيق في إطار المراقبة القضائية، إيماناً من هذه الرئاسة بأن من شأن اعتماد مقتضيات قانونية من هذا النوع تمكين قضاة النيابة العامة ومعهم قضاة التحقيق من ترشيد سلطتهم في الاعتقال بما يقوي نجاعة أداء العدالة الجنائية، من خلال نهج سبل أرحب لضمان نجاح قانون العقوبات البديلة. كريمة مصلي