زين الدين: الصلاحيات الممنوحة للجهة أكبر من إمكانيات الأحزاب حذر محمد زين، الدين أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، من أن مشروع الجهوية المتقدمة، الذي يمنح صلاحيات تقريرية واسعة لرئيس مجلس الجهة، سيواجه تحديا جوهريا، يتمثل في إعداد النخب الجهوية القادرة على مسايرة المضامين المتقدمة لهذا المخطط.ودعا زين الدين في تصريح لـ «الصباح» الأحزاب، أغلبية ومعارضة، إلى تحمل مسؤوليتها في النقص الحاصل على مستوى الإعداد التقني والقانوني والسياسي لهذه النخب، وكذا التقصير الحاصل في التأطير من خلال التعريف بالمشروع والتواصل مع المواطن على المستوى المحلي، مؤكدا أن هذه الاختلالات دليل على غياب سياسة جهوية فاعلة لهذه التنظيمات الحزبية. وأضاف زين الدين، أن غياب تصور واضح وشمولي لهذه الأحزاب، إضافة إلى غياب توصيف دقيق لسقف الطموحات من خلال برامج وتصورات واضحة في ما يخص السياسات الممكن تفعيلها للنهوض بقطاعات من قبيل التعليم والصحة والشغل على المستوى الجهوي، يطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل هذا المشروع. وعن أسباب هذا التأخر والتعثر، أوضح زين الدين أن تأثير ضغط أجندة التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، كان له الأثر الكبير على نقص التحضير لهذا الورش الواعد، مضيفا أن الأحزاب السياسية اليوم مطالبة بأن تعي أهمية وحساسية المرحلة، انطلاقا من دورها في إعداد نخب جديدة قادرة على إنجاح هذا الورش.وبخصوص تأثير سياسة تجديد النخب التي تنتهجها بعض الأحزاب في بعض الجهات على حظوظها في الاستحقاقات المقبلة، خاصة على مستوى المجالس الجهوية، دعا زين الدين إلى ضرورة التمييز بين نوعين من الطلب السياسي لإدراك طبيعة رهان تجديد النخب هذا، الطلب السياسي للدولة والطلب السياسي للمواطن المغربي، الذي بات اهتمامه بالشأن السياسي واضحا منذ خطاب 9مارس 2011، فهو يطالب اليوم بنخب جديدة ذات كفاءة، وتتوفر على مميزات خاصة من قبيل الاستحقاق و التجرد، وهذه المعايير لا يمكن توفرها إلا من خلال تحمل الأحزاب السياسية مسؤوليتها في تقديم نخب قادرة على رفع التحدي.أما بالنسبة إلى طبيعة الطلب السياسي للدولة على المستوى الجهوي، فيتمثل في توسيع وعاء المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، من خلال التركيز على استقطاب نخب جديدة من الشباب و النساء وكذا الفاعلين الاقتصاديين على مستوى الجهة، لأن الأمر يتعلق بمخطط إستراتيجي وصلاحيات واسعة وبعد تنموي بالدرجة الأولى.أما مسألة الرهان على الأعيان فلا يجب أن تثير حساسية البعض، لأن الواقع أثبت أن التجربة التي يتوفر عليها هؤلاء تستحق التقدير، إضافة إلى دورهم في تنمية الاقتصاد على المستويين الوطني والجهوي. وفي ما يخص تقييمه لطبيعة تحضير الأحزاب لهذا الورش الكبير، أشار زين الدين إلى أن أول ما يثير الانتباه في مسألة التحضير هذه، تقاعس الأحزاب السياسية في القيام بمهامها، فهذه الأحزاب تعلم أن المغرب يتميز بوضع جيد في علاقته بالاتحاد الأوربي من خلال امتياز الوضع المتقدم، الأمر الذي يتيح لها إمكانية عقد اتفاقيات توأمة مع أزيد من 127 جهة داخل الاتحاد الأوربي، إلا أن الوضع الراهن يعكس القصور الذي تعانيه هذه الأحزاب عند إدارتها للشأن العام خاصة على مستوى الجهة.وعن الانتقادات التي وجهت للتقطيع الجهوي الجديد، أكد زين الدين أن التقطيع الترابي الجديد أملته ظروف خاصة، كالاعتماد على المقاربة التنموية عوض المقاربة الأمنية، واعتماد المقياس الجمعي عوض المقياس الكمي، و المقصود بالمقياس الجمعي مراعاة الأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لهذه الجهات عملا بمبدأ استمرارية الجهة أولا وأخيرا.زكرياء الدويبي (صحافي متدرب) ثلاثة شروط لإنجاح المشروع الأحزاب السياسية التي تنتقد اليوم التقطيع الترابي الجديد، تدرك أكثر من غيرها، أنه لا يوجد تقطيع ترابي نموذجي حتى في أعتد الديمقراطيات، وطبيعي أن يكون هناك تقبل ورفض لهذا التقطيع، لكن ما ينبغي استحضاره هنا، هو أن الارتكان إلى المقياس الجمعي يحتم توفير ثلاثة شروط أساسية لإنجاح هذا المشروع، الفاعلية والانسجام والتضامن.وخير دليل على هذا الطرح الاستجابة الفورية للمشرفين على إعداد المشروع على الملاحظة المتعلقة بتدارك خطأ فصل إقليم فكيك عن وجدة، فهذا الخطأ تم تداركه بناء على معطيات واقعية تحكمها طبيعة العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية في المنطقة، كما أن التعديلات التي أدخلتها اللجنة المشرفة، أملتها معطيات أخرى مرتبطة أساسا بالتنوع الاقتصادي المتمثل في المنفذ البحري والمعطى السياحي والفلاحي في إطار التكامل المجالي، وكذا استحضار أن مبدأ نجاح المركز رهين بالاهتمام بالمحيط.أما مسألة الحديث عن إرضاء طرف على حساب الآخر، فهو نقاش سياسوي انتخابي محض، ومنطق غير صحيح، لأن البعد التنموي والمقياس الجمعي حاضران بقوة في هذا المشروع.