أصدرتم أخيرا، ورقة تحليلية بخصوص إدماج مغاربة الخارج في الآليات التي دعا جلالة الملك إلى إخراجها إلى حيز الوجود، ما هي أبرز توصياتها؟ سيتوجب على الحكومة اعتماد مقاربة تشاركية شاملة مع الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لضمان مشاركة فعالة في تنزيل الرؤية الملكية، تشمل إعادة هيكلة مجلس الجالية المغربية بالخارج، ليضطلع بدور أكثر دينامية وفاعلية في تمثيل مصالح الجالية، وتعزيز الروابط مع الوطن، وإنشاء المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج لتكون إطارا جامعا يقدم خدمات متكاملة ودعما شاملا لهذه الفئة. ويمكن أن يشكل تفعيل الآلية الوطنية لتعبئة كفاءات المغاربة المقيمين بالخارج، فرصة إستراتيجية لتوظيف الخبرات والمهارات التي تزخر بها الجالية في دعم مسيرة التنمية الوطنية. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، ينبغي أن تبنى هذه المشاريع على مبدأ التشاور والحوار المستمر مع ممثلي الجالية وخبرائها، بما يضمن تصميم آليات ومؤسسات تستجيب لاحتياجاتهم الفعلية وتراعي خصوصياتهم. فمقاربة تشاركية كهذه لن تسهم فقط في تعزيز الانخراط الإيجابي للجالية في السياسات الوطنية، بل ستساهم أيضا في تحقيق وإنجاح الرؤية الملكية الطموحة لجعل مغاربة العالم ركيزة أساسية في مسار التنمية الشاملة. ماذا عن الجانب الاقتصادي لهذا الإدماج؟ سيتطلب هذا الورش وضع رؤية إستراتيجية تشمل اعتماد خطة وطنية واضحة لإشراك مغاربة العالم في النسيج الاستثماري الوطني، من خلال تحديد القطاعات ذات الأولوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصناعة التحويلية، والفلاحة، إضافة إلى إجراءات أخرى من قبيل إطلاق بنك مشاريع يوفر منصة رقمية شاملة تضم فرصا استثمارية محدثة ومهيكلة، حسب المناطق والقطاعات الاقتصادية، مع تقديم معطيات دقيقة حول الجدوى الاقتصادية، مع إنشاء صناديق تمويلية جديدة موجهة لمشاريع الجالية، تقدم قروضا ميسرة وضمانات تحفيزية للمستثمرين، وتحسين الرقمنة والتواصل بتفعيل منصات إلكترونية موحدة تمكن مغاربة العالم من إتمام الإجراءات الإدارية للاستثمار عن بعد، ودعم خدمات الإرشاد والمتابعة المباشرة، وإنشاء مكاتب استثمار بالخارج عبر فتح مكاتب تمثيلية استثمارية في الدول التي تعرف كثافة عالية للجالية المغربية، لتقديم الإرشاد والمساعدة المباشرة في الاستثمار بالمغرب. كيف يمكن تجاوز بؤر القصور في الخدمات القنصلية؟ لابد من زيادة عدد القنصليات بفتح قنصليات جديدة في المناطق التي تعرف كثافة سكانية عالية للجالية المغربية، خاصة في الدول ذات المساحات الجغرافية الشاسعة، وتطوير الخدمات الرقمية عبر إنشاء منصة رقمية موحدة تتيح الحصول على الوثائق الرسمية والخدمات القنصلية عن بعد، إضافة إلى تأهيل الموارد البشرية، وتحسين تكوين العاملين في القنصليات للتعامل مع مختلف احتياجات الجالية بفعالية وسرعة، يمكن أن تصل حد توفير قنصليات متنقلة في المناطق البعيدة لتقديم خدمات مباشرة لفئات الجالية التي تعاني صعوبة الوصول إلى المراكز القنصلية، وإنشاء شباك موحد يوفر جميع الخدمات الإدارية الموجهة للجالية في أماكن تجمعها خلال فصل الصيف وفي الإدارات الرئيسية، وختاما وجبت الإشارة إلى ضرورة إطلاق آليات صارمة لمحاربة الفساد الإداري. أجرى الحوار: ياسين قُطيب علي غنبوري نائب رئيس مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني