أحداث ملعب 16 نونبر بأولاد تايمة، وطريقة تصريف الحقد والعنف والانتقام، التي انتشرت مشاهدها في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر أشرطة مرعبة، لا علاقة لها بالمشهد الرياضي، ولا بالروح الرياضية وتشجيعات الجماهير، ولا حتى بالتربية التي سهر الأجداد والآباء على أن تكون العنصر المميز للشعب المغربي. ما وقع داخل، وفي جنبات ملعب يحمل عنوان ذكرى عزيزة على المغاربة، وهي 16 نونبر، تاريخ عودة جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى، وحثه على الجهاد الأكبر، في إشارة إلى أن الاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا بتحقيق التنمية في كل المجالات والمحافظة على الشخصية الوطنية والدينية والثقافية، (ما وقع) يسائلنا جميعا اليوم، عن هذا الجيل العنيف، غير المقدر لنتائج تهوره، والمندفع نحو التخريب دون سبب ولا دافع، إذ كيف لمباراة في لعبة، أن تتحول إلى حرب حقود؟ وهل أخفقنا في التوجيه والتربية الأسرية؟ ولماذا يظهر هذا الانفلات التربوي بين الفينة والأخرى في مختلف المدن، وبالضبط حين يسمح بلقاء الجماهير المتباعدة جغرافيا؟، إذ عوض أن تتحول المناسبة إلى عرس، تشهر فيها الأسلحة البيضاء بمختلف تلاوينها، وينتشر الرعب في كل الطرق المؤدية إلى ميدان الرياضة. نظريات وحلول كثيرة رامت معالجة ظاهرة الشغب، دون جدوى، إذ رغم الاعتقالات والعقوبات، فإن الأمر يتجدد لتبدو حلول مواجهة الظاهرة غير مجدية، ويزداد معها الاستعداد الأمني لكل مباراة، وكأن الأمر يتعلق بحرب منتظرة، ما يعيد طرح الاستفهام نفسه، لماذا؟ لعل التركيز حول العامل الاجتماعي، والانطلاق من محيطه الصغير الذي يتشكل من وسائل التنشئة الاجتماعية، وهي الأسرة والشارع والمدرسة، يقودان إلى تحديد العوامل النفسية للاندفاع نحو العنف، لكن باستقراء كل تلك الوسائل، فإن التربية هي الأساس، فحين تغيب تربية الأسرة ويفقد الشارع توهجه التربوي، وتتعطل المدرسة عن القيام بدورها التقويمي، فإن النتيجة التي سيكون عليها النشء، غير متوقعة بل ستقود إلى تبني العنف وسيلة للتعبير وإثبات الذات. في كل أحداث الشغب، تخرج أمهات وآباء بتصريحات تحمل الآخر المسؤولية، بل وتبرئ القاصر المشاغب، وتظهر تلك الادعاءات أكثر لمناسبة المحاكمات، حيث تكثر الميكروفونات، دون أن يتساءل المتحدث نفسه من الأبوين، عن مدى قيامه بواجبه التربوي، وهل كان في مستوى توجيه وتأطير ابنه، فالآخر دائما هو السبب، أما الأنا فإنه مظلوم. أحداث الشغب بملعب 16 نونبر، تدفعنا إلى التفكير جليا في نداء المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، وتحمل المسؤولية، كل من موقعه، فالجهاد الأكبر اليوم ينطلق من الأسرة، نواة المجتمع، وهو جهاد كل رجل وامرأة من أجل الحفاظ على البيوت وصلاح الأبناء. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma