ارتبط اسم وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية، في الآونة الأخيرة، بمجموعة من "الاتهامات"، ليس أولها تلك التي رصدها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ولا تلك التي تضمنها آخر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، إذ كشف تقرير جديد للجمعية المغربية لحماية المال العام، معطيات جديدة تهم "اختلالات" و"فسادا ماليا" و"هدرا" و"تبذيرا".ورفعت الجمعية ذاتها التقرير إلى وزير العدل، مطالبة بفتح تحقيق وتحريات وأبحاث وخبرات ومعاينات، و"حجز كافة الوثائق والمستندات ذات الصلة"، والاستماع إلى مدير الوكالة، وإلى كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بها، خاصة المسؤولين العموميين عن المشاريع المنجزة، وإلى مسؤولي المقاولات الذين أنجزوا مشاريع بناء على صفقات عمومية، ومسؤولي مكاتب الدراسة والهندسة والخبرة، ورؤساء الجمعيات التي استفادت من المنح المقدمة من قبل الوكالة.وتحدثت الجمعية عن "فساد مالي" و"هدر" و"تبذير" أو "اختلاس المال العام"، مؤكدة أنه رغم أن هذه الوكالة هي الأكثر "تبذيرا للمال العام" في الأقاليم الجنوبية، إلا أنها ظلت بمنأى عن أي محاسبة أو افتحاص عميق لأوجه صرف المال العام، ما عدا تقرير غير شامل للمجلس الأعلى للحسابات والذي لم يتضمن كل الجوانب التي تتعلق بسوء تدبير هذه المؤسسة.وقالت الجمعية في التقرير الذي قدمته إلى وزير العدل والحريات، إن عدة مقاولات أنجزت مشاريع بملايين الدراهم، ولم تنهها في وقتها المحدد، ولم تساءل عن ذلك، ولم تستخلص منها غرامات التأخير، بل يتم مكافأتها بمنحها صفقات أخرى كما هو الشأن بالنسبة إلى المقاولة الحائزة على مشروع "مجمع الصناعة التقليدية بالداخلة"، التي استغرقت سنتين لإتمام أشغال مشروع، التزمت بتنفيذه في عشرة أشهر، غيرها أنها استفادت من 43 صفقة أشغال أخرى، ولم تتمكن من إنجازها كلها في الوقت المناسب. وأثار التقرير تفاصيل مهمة عن ملايين الدراهم التي صرفت في إنجاز مشاريع من قبيل القاعة المغطاة بالعيون التي كلفت 12 مليون درهم، وأنجزت من خلال صفقتين عموميتين وانتهت الأشغال بها بتاريخ 15 يونيو 2010، غير أنه لم يتم استغلالها لحد الآن. كما هو حال محطة طرقية ببوجدور أنجزت بمبلغ إجمالي وصل إلى 12 مليون درهم، ورغم أنه سلم إلى المعنيين بالأمر سنة 2009، لم يستغل. الشيء نفسه لمشروع بناء فضاء الجمعيات المنجز بمبلغ إجمالي يناهز 3 ملايين درهم، والذي بقي دون استغلال رغم إتمام الأشغال به أواخر سنة 2009.وحسب التقرير ذاته، فإن مشاريع أخرى تعيش الوضع نفسه كما هو شأن للمسبح البلدي بالمدينة الذي كلف 108 ملايين درهم، وتم الانتهاء من الأشغال به وتسليمه 2009 . كما رصد التقرير مشاريع أخرى لم تنته الأشغال بها، على غرار مشروع الثانوية التقنية بالعيون والجناح الداخلي بها، والذي رصد له مبلغ مالي ناهز 20 مليون درهم، ورغم أن بداية الأشغال كانت في 2006، إلا أنه ولحدود الآن لم تنته به الأشغال، بينما توقفت في بناء الداخلية.وقالت الجمعية إن عدة مشاريع أنجزت بتكلفة مالية باهظة دون أن يتم استغلالها وهو ما يتنافى مع الهدف من إنشائها، كمرافق عمومية لتلبية حاجيات وانتظارات سكان الأقاليم الجنوبية، ما يعكس غياب أي استراتيجية وتصور واضح لعمل وكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.ورصد تقرير الجمعية "اختلالات"، في المنح المقدمة للجمعيات، إذ لا تحكمها،حسب تعبير التقرير، أي معايير واضحة وأهداف محددة، و"ظلت بعيدة عن المراقبة والمحاسبة في غياب تقارير مالية معززة بوثائق وأدلة تثبت أوجه صرف المال العمومي".ض . ز