قديما قيل "كي تشبع الكرش تقول للراس غني"، للتعبير عن فرحة المرء عندما يجد نفسه مكتفيا لا ينقصه شيء، أما اليوم فالإحساس بالتخمة يقود إما إلى مستعجلات المستشفيات، بسبب التسمم، أو اقتناء أدوية الإسهال من الصيدليات. في البيضاء، أصيب أزيد من 30 شخصا بالتسمم، بعد تناول "خبزة عجيبة"، وفي تاونات أدى تناول "دلاحة" إلى إصابة 13 شخصا، وفي الصويرة، أصيب عدد من الأشخاص، مباشرة بعد تناولهم عصيرا ملوثا، ناهيك عن عشرات الحالات في مرتيل وتيزنيت ومراكش. أصبح شعار جل أصحاب محلات "السناكات" والمطاعم، الوساخة وعدم الالتزام بمعايير النظافة الأساسية التي تضمن سلامة الطعام، سواء في طريقة إعداد الوجبات أو تخزينها أو حتى تقديمها، ما يخفي حقيقة مزعجة ومقلقة تتعلق بالاستهتار بصحة المستهلك. لا تخطئ العين غياب المرافق الصحية الأساسية في العديد من المطاعم ومحلات الأكلات السريعة، حتى النادل الذي يقدم الطعام يكون غير نظيف، ووزرته تحمل آثار التعفن، ناهيك عن رؤية "الصراصير"، التي تتجول بحرية فوق الأطعمة، ما يفضح إهمالا صارخا يعرض المستهلكين لخطر التسمم الغذائي، ويؤدي ذلك في حالات معينة إلى الوفاة، خاصة لدى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة... فمن يتحمل مسؤولية المساس بصحة المستهلكين؟ الأكيد أن حملات تفتيش المطاعم تظل مجرد مبادرات موسمية أو انتقائية، لا تؤدي إلى حلول جذرية، وارتفاع حالات التسمم يسلط الضوء على خطورة عدم تنظيم هذه الأنشطة وعدم الرقابة الصارمة، إذ لا يقتصر الأمر على غياب التفتيش، بل يتجاوزه إلى استسهال إصدار الرخص لأصحاب المحلات، دون مراعاة معايير الصحة العامة... إنها الفوضى التي تستغلها فئة تسعى لتحقيق الربح السريع، دون أدنى اعتبار لسلامة الزبائن. عادة، يدفع تعدد حالات التسمم السلطات إلى استصدار قرارات إدارية يختفي مفعولها بسرعة، وتتلخص في سحب رخص المحلات وإغلاق بعضها، فضلا عن استهداف الباعة الذين يبيعون الوجبات الغذائية، ثم سرعان ما تعود الصراصير والحشرات والأوساخ إلى محلات الوجبات السريعة، في انتظار سقوط ضحايا جدد. في هذه المحلات، تعد الوجبات داخل مطابخ ضيقة بأدوات لم تعرف طريق الماء والصابون. طبعا، كل هذا لا يمنع الزبائن من التهافت على تلك الأكلات التي تؤدي بهم إلى رحلة عاجلة إلى قسم المستعجلات، إن حالفهم الحظ ولم ينهوا حياتهم بسندويتش "خانز وبنين". تبنى المجتمعات باحترام صحة المواطنين، وليس بسياسة "عين ما شافت وقلب ما وجع"، ومشاهد "عربات الأكل" والمطاعم المتسخة و"السناكات القاتلة" دليل على أن هناك خللا في أجهزة الرقابة واستهتارا بصحة المغاربة والسياح. خالد العطاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma