إصدار نقدي جديد يتناول «شعرية التقويض والانشقاق» صدر حديثا للشاعر والناقد صلاح بوسريف، كتاب نقدي بعنوان "خارج النسق داخل السياق.. شعرية التقويض والانشقاق"، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. ويواصل صلاح بوسريف في الكتاب الجديد توسيع أفقه الشعري ـ النظري، بما يتخلله من مفاهيم، ومن تصور للشعر، بما هو كتابة، أو وعي كتابِي انسلخ عن الشفاهة، وعن الوعي الشفاهي، بكل ما جرى فيه من دوالّ وسعَت أفق حداثة الكتابة، في ميْل واضح لمركزية الكتابة، في مقابل مركزية الصوت التي كانت هي ما هيمن، وما زال يهمين على الثَّقافة العربيَّة، وعلى الكتابة الشعريَّة التي ما زالت ترزح تحت سلطة وهيمنة "القصيدة"، بِكلّ ما تجُرُّه خلفها من ضلال وتداعيات. في هذا الكتاب، يؤكد بوسريف على شعرية السياق، يتولد إبان النَّص أو العمل الشعري وفيه، من دوالّ، ومن مدلولات، وما تتوسع به اللغة في السياق الكتابي من مجازات، هي ما تتجدد به اللغة وتتوسع، في علاقتها بغيرها من الدوال غير اللغوية. فليس النسق ما يحكم شعرية العمل الشعري، بل السياق، الذي هو انفتاح، وهو ما يُتِيح قراءة الشعر بوصفه من اكتشافه، أو باكتشاف واستشفاف ما يكون فيه من دوال، غير ما اعتدنا عليه في بناء "القصيدة" الذي هو بناء مسكون بماضيه، وبالأصداء التي طالما تداعت حتى في شعر الحداثة، وفي تنظيراتها، رغم ما كان فيها جرأة، ومن رغبة في التجاوز والتخطي. وتذهب مقدمة الكتاب، إلى أن كل كتاب، يكون في سياقه إضافة، وهو وإحداث، كما أنه، بالمعنى الأرسطي، اختراع وابتكار، وليس استعادة، أو مكوثا في نفس البناء، وفي نفس الدوال، أو التصور والرؤية. وحين سعت الثقافة العربية إلى النسق، في الشعر، فهي حجبت السياق ومنعته، تماماً كما حدث في الفقه وفي التشريع، وفي الفكر، وفي النحو والبلاغة، بدل الإنصات إلى ما يجري من تحوُّلات، وما يطرأ من إبدالات هي ما يمكن أن نستشفه من السياق. وفي هذا السياق يقول صلاح بوسريف "فالنسق، في هذه الثقافة، شرع يلقي ويُرْخِي بظلاله على كُل شيء، إلى الدرجة التي دفعت العقل النسقي العربي إلى تأمين النسق نفسه، بنسق يوازيه، حين اعتبر "الشاذ لا يُقاس عليه"، وأن للقياس شروطه وحدوده". وينقسم الكتاب إلى بابين كبيرين: الأول بعنوان "كلما تغيرت الرؤيا تغيرت العبارة"، والثاني بعنوان "الواقف لا يعرف المجاز"، بما يعنيه من تجاوز وعروج بمفهوم ابن عربي. كل باب، في الكتاب، له مداخله التي تضيء ما يطرحه من أسئلة وإشكالات تتعلق بالفكر والشعر معاً، ودائما في أفق حداثة الكتابة، وفي أفق التصور الشعري ـ النظري لصلاح بوسريف. عزيز المجدوب