ترتعد أوصال السياسيين وممثلي الأمة في البرلمان والخبراء في المعلوميات، فما إن يطالب البعض بمنع "تيك توك"، حتى يجدوا ألف تبرير للدفع باستحالة حظره في المغرب، وربما تقنعهم ببيضوية شكل الأرض، وتعجز عن إقناعهم بأن "تيك توك" أصبح ورما خبيثا في المجتمع. تعددت، في الآونة الأخيرة، الأخبار القادمة من البرلمان، تتحدث عن إمكانية إعادة إحياء مقترح قانون يهدف الى حظر "تيك توك"، سبق أن تقدمت به إحدى الفرق البرلمانية، ردا على تزايد المخاوف من تأثير هذه المنصة على قيم المجتمع، وتفاعلا مع انتقادات العديد من المغاربة الذين يشعرون بالقلق إزاء المحتوى الذي يعرض للشباب عبر هذه المنصة. ولأن "تيك توك" أقوى من كل الأخبار، فسرعان ما تم نفي الخبر، وطلع على الرأي العام سياسيون وخبراء يدافعون عن المنصة بحماس كبير، منهم من يعتبرها إجهازا على حرية التعبير، وآخرون يختفون وراء الرسائل السياسية والاقتصادية التي تتلقاها الصين من المنع، ولا أحد انتبه إلى أن التطبيق أصبحت محتوياته مخلة بالحياء العام، وتروج للتفاهة، التي تسيء إلى صورة المغرب. لا ينتبه "تيكتوكيون" (المدافعون عن المنصة بشراسة)، إلى أن دولا عديدة لجأت إلى حصر استعمال التطبيق في نطاق ضيق أو منعه بشكل نهائي، فالصين، صاحبة المنصة، تمنع الاستعمال الدولي له وتقتصر على بث محتويات محلية، حماية لشعبها من التفاهة، وأمريكا وفرنسا وبلجيكا وكندا والهند وعشرات الدول وضعت قيودا مشددة على استعماله، عكس المغرب، الذي يعتبر أي نقاش حول الموضوع مسا بحرية التعبير. تكفي جولة صغيرة في سوق "التيك توك" المغربي، لاكتشاف هول الكوارث، رغم ادعاءات المنصة أن الأمر يتعلق بـ "خوارزميات"، أي أن تلقي المحتوى السلبي أو الإيجابي يبقى حصرا على اختيار المستخدم، حسب قولها، لكن جل "اللايفات المغربية" عبارة عن سوق لـ "النخاسة" والابتزاز والمس بالأعراض والسب والشتم والتسول للحصول على "الهدايا" واستهداف الثوابت الوطنية من الخارج، وفتح المجال أمام "كائنات" تخطط لاستهداف قيم المجتمع... ولا أحد يراقب أو يتدخل. مساوئ التطبيق لا تقف عند هذا الحد، فهو يضم ما يصل إلى 22 مليون مستخدم مغربي، ويجني مئات ملايين الدولارات سنويا عوائد إعلانات الشركات المغربية على المنصة، وهي ثروة كبيرة لا يمكن للشركة المالكة للتطبيق أن تتخلى عنها بسهولة، بل تقدم إغراءات للالتحاق بالتطبيق عبر إعلانات مثيرة، في غياب إستراتيجية وطنية مفتقدة في الإعلام والتواصل واحترام المؤسسات حق المواطنين في الحصول على المعلومات. حان الوقت لامتلاك الشجاعة لحظر "تيك توك"، فهناك منصات أخرى تحترم الحد الأدنى من القيم، أما إخفاء "شمس الحقيقة بغربال" حرية التعبير، فهو سلاح العاجزين واللامبالين بما يهدد المجتمع. خالد العطاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma